انطلقت أمس أعمال «قمة كوالالمبور» المصغرة بضيافة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني، وذلك بعد إلغاء رئيس الحكومة الباكستاني عمران خان مشاركته، وغياب عدد كبير من الدول المسلم، رغم أنه جرى توجيه دعوات إلى جميع أعضاء منظمة التعاون الإسلامي الـ57.وغداة انتقادات ضمنية من منظمة «التعاون الإسلامي» للقمة، حاول رئيس الوزراء الماليزي الدفاع عن اللقاء وقال: «لا نميز ولا نعزل أحداً، ونحاول أن نبدأ على نطاق محدود، وإذا لاقت هذه الأفكار والمقترحات والحلول قبولا وثبت أنها قابلة للتنفيذ فإننا نأمل نقلها إلى منبر أكبر لبحثها»، في إشارة إلى «منظمة التعاون».وفي كلمته الافتتاحية، دعا محمد إلى «ضرورة فهم المشكلات التي يعانيها العالم الإسلامي، وإدراك أسبابها، ومواجهة أسباب الحروب الداخلية، وغيرها من الكوارث، والعمل على تقليل هذه المشكلات، وإصلاح سمعة ديننا».
وأضاف ان «بعض الدول انهارت بعد الحرب العالمية الثانية ودمرت، لكنها استطاعت الوقوف ثانية، وتطورت، لكن أغلبية البلدان الإسلامية لم تنجح حتى في نظام الإدارة الجيدة، لا التنمية فحسب». وأشار محمد إلى أن «بعض المسلمين يمارسون عنفا واستبدادا حيال بعضهم البعض»، مشدداً على أن «أعمال الإرهاب، سيئة السمعة، أدت إلى الخوف من الإسلام لدرجة تصل إلى الرهاب المرضي». وفي حين تحدث أيضاً عن الإسلاموفوبيا والإرهاب والانقسامات والاقتتال الداخلي والصراعات الطائفية والعرقية، دعا إردوغان العالم الإسلامي لاستخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري، لتحريره من ضغط النقد الأجنبي، مؤكداً أهمية وضع التمويل الإسلامي في صدارة الأجندة.وطالب إردوغان أيضاً بإعادة تشكيل مجلس الأمن، ليتضمن تمثيل سكان العالم الإسلامي البالغ عددهم 1.7 مليار نسمة، مشدداً على أن العالم أكبر من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، الصين، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا.
روحاني
وفي كلمة مشابهة، دعا روحاني الدول الإسلامية للدخول في اتفاقات تجارة تفضيلية باستخدام عملاتها الوطنية، واستحداث آلية خاصة للتعاون المصرفي والمالي «تنقذها من هيمنة الدولار والنظام المالي الأميركي»، مشدداً على ضرورة محاربة «الإرهاب الاقتصادي».واقترح روحاني تأسيس صندوق مشترك لتمويل التعاون التكنولوجي بين الدول الإسلامية، وكذلك مركز مشترك للأبحاث في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إضافة إلى سوق مشترك للدول الإسلامية في مجال الاقتصاد الرقمي والتعاون وتبادل الخبرات في مجال العملة الرقمية، مطالباً بأن تعمل البنوك المركزية للدول المسلمة معاً لطرح عملة رقمية موحدة.أمير قطر
بدوره، اشترط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد تطبيق العدالة لاستقرار مناطق النزاع، معتبراً أن «التسويات والحلول لا تدوم على المدى البعيد ما لم تكن قائمة على الإنصاف».وشدد الشيخ تميم على أن «الاستقرار من أهم شروط التنمية، فهو يتطلب علاقات متوازنة بين الدول على أساس المصالح والمسؤوليات الإقليمية المشتركة والاحترام المتبادل للسيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم الإملاء في السياسية الخارجية». وأوضح الشيخ تميم، الذي أجرى محادثات مع روحاني على هامش القمة، تناولت تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، أن «أحد أهم مصادر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط تحييد الشرعية الدولية وتهميشها»، مطالباً باعتماد «أساليب للتفاوض والحوار في القضايا العالقة، ورفض استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع، فضلاً عن اعتماد حد أدنى من الإجماع على منح صلاحية أوسع للمؤسسات الدولية التي لا يسود فيها حق (الفيتو)». وذكر الشيخ تميم أنه «لا يمكن اللجوء لنظريات المؤامرة لتفسير الفشل في أي مجال، وذلك لا يعني أنه لا توجد مؤامرات وتدخلات خارجية، إلا أن استخدامها لتبرير الإخفاق والخيارات الخاطئة تعبير عن كسل فكري وعجز سياسي».وتطرق أمير قطر إلى «التعصب العنيف لكونه آفة قد تصيب أي مجتمع ويغذيه التعصب الديني والايديولوجي، وهو انعكاس على اليأس والإحباط والجهل والفقر والبطالة، لذا تتطلب مواجهته خططا بعيدة المدى تتضمن معالجة الجذور».