أعلن نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله ان الكويت وبلجيكا وألمانيا بصفتها حاملة القلم للملف الإنساني السوري قدمت لمجلس الأمن مشروع قرار لتجديد عمل آلية وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا.

وأكد الجارالله في كلمة الكويت خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول المسار الانساني السوري مساء أمس الخميس إن تلك الآلية "لا بديل لها في الوقت الراهن" مشيرا إلى أنه يعتمد عليها أربعة ملايين نسمة لتلقي المساعدات الإنسانية أغلبهم في شمال سوريا.

Ad

واضاف ان الأسابيع الماضية شهدت عقد عدة جولات للمفاوضات والمشاورات "إلا أنه للأسف مازال مجلس الامن غير متفق على تجديد عمل هذه الآلية التي باتت تشكل الفارق ما بين البقاء على قيد الحياة أو الموت لمن هم في أمس الحاجة لاستمرار هذه المساعدات".

وتابع الجارالله "نحن إلى جانب كل من بلجيكا وألمانيا سنواصل وسنكثف الجهود بهدف تجديد عملها ونناشد كافة أعضاء المجلس هنا التعاون معنا لنتمكن من اعتماد قرار يمدد عمل الآلية فهي مسؤولية إنسانية مشتركة كبرى".

واشار الى ان العام الحالي شهد مآسي إنسانية كبيرة في سوريا نتيجة استمرار النزاع هناك "وهي معاناة متواصلة منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011 والتي لم يصل أثرها لمنطقة الشرق الأوسط فحسب بل امتد إلى أبعد من ذلك بكثير".

واكد الجارالله ان "الازمة تشكل تهديدا صارخا للسلم والأمن الإقليمي والدولي حيث خلفت واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في تاريخنا المعاصر وراح ضحيتها مئات الالاف من السوريين".

وبين ان الازمة أدت إلى نزوح ستة ملايين سوري داخليا وأكثر من خمسة ملايين لاجئ مضيفا "سيدخل عام 2020 ومازال هناك 11 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية في سوريا".

وأوضح ان "جميع تلك الإحصائيات المفزعة الصادرة عن الأمم المتحدة تبين جليا حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها هذا الشعب العربي الشقيق".

واشار الى تعرض الشعب السوري خلال السنوات الماضية إلى انتهاكات صارخة لكافة المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقال الجارالله "أمام الكارثة الإنسانية في سوريا انتهجت الكويت خلال السنوات الماضية سياسة ركزت على البعد الإنساني للأزمة السورية وتداعياتها إيمانا منها بأهمية الوقوف الى جانب الشعب السوري الشقيق وتخفيف معاناته".

وبين ان الكويت كانت سباقة في استضافة ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين وشاركت في رئاسة المؤتمرات التي لحقتها في لندن وفي بروكسل.

وذكر ان ما قدمته الكويت خلال تلك المؤتمرات بلغ 9ر1 مليار دولار ما جعلها من أكبر الدول المانحة للاستجابة الإنسانية لسوريا.

وطالب الجارالله بوقف إطلاق النار في محافظة إدلب شمالي سوريا والتي يسكنها ما يقارب ثلاثة ملايين شخص حيث حذرت الأمم المتحدة مرارا بإمكانية وقوع أكبر كارثة إنسانية في القرن ال21 في حال استمرت العمليات العسكرية هناك على نطاق واسع.

وجدد ادانته لاستهداف المدنيين من قبل أي طرف كان وللهجمات التي تستهدف المستشفيات والمرافق الصحية والمدنية.

واكد الجارالله إن الإرهاب آفة خطيرة تهدد السلم والأمن الدوليين والجميع متفق على أهمية مكافحة الإرهاب وفي أي مكان كان بما في ذلك محافظة إدلب.

وشدد على أن عمليات مكافحة الإرهاب لا تعفي بأي شكل من الأشكال من الالتزامات الملقاة على الأطراف وفقا للقانون الدولي الإنساني بما فيها الالتزام بحماية المدنيين والمرافق المدنية والامتثال لمبادئ التناسب والتمييز والاحتراز.

وجدد تأكيد انه لا يمكن تحقيق سلام مستدام في سوريا من دون تحقيق العدالة مشددا على وجوب مساءلة الذين ارتكبوا انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وضمان عدم الإفلات من العقاب.

وحث على دعم عمل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق ومقاضاة المسؤولين عن أكثر الجرائم خطورة والمرتكبة في سوريا منذ مارس 2011.

كما حث الجارالله على دعم لجنة التحقيق التي شكلت مؤخرا من قبل الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في الحالات التي تم فيها استهدف المرافق الطبية والمدنية شمال غرب سوريا.

وشدد على أن عودة اللاجئين والنازحين يجب أن تكون آمنة وطوعية وكريمة مؤكدا ضرورة تحقيق تقدم في ملف المعتقلين والمفقودين والسماح للمنظمات الدولية المختصة بزيارة المعتقلات والسجون في سوريا وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني وقرار مجلس الامن 2474.

وأعرب الجارالله عن الشكر إلى كل من بلجيكا وألمانيا على تعاونهما مع الكويت في مسؤولية حمل القلم للملف الإنساني السوري.

كما جدد شكره واعتزازه الكبير بالأمم المتحدة ووكالاتها وأجهزتها وصناديقها المتخصصة وكافة العاملين في المجال الإنساني على جهودهم الإنسانية وعملهم النبيل في سوريا.

واكد الجارالله أن الكويت ملتزمة بمواصلة دعمها لتلك الجهود الإنسانية الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية في سوريا وفي تعزيز الشراكة المميزة بينها وبين الأمم المتحدة في المجال الإنساني.

اشادات بدور الكويت

بدوره، أكد الجارالله انه لمس اشادات مستحقة ومؤثرة بشأن دور الكويت داخل مجلس الأمن تؤكد تقدير المجتمع الدولي لها ولسياستها.

جاء ذلك في تصريح ادلى به الجارالله لتلفزيون الكويت ووكالة الانباء الكويتية (كونا) مساء أمس الخميس عقب مشاركته في جلسة لمجلس الامن حول الوضع الانساني في سوريا واخرى حول عدم انتشار الاسلحة والملف النووي الايراني.

وقال الجارالله ان الاشادات التي جاءت في كلمات جميع الوفود بمجلس الامن من خلال ترحيبهم بمشاركة الكويت في الجلسة الخاصة بالوضع في سوريا على مستوى نائب الوزير كانت "مؤثرة ومعبرة".

وأوضح "ان تلك الاشادات اتت بفضل التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله قائد العمل الانساني والتي بفضلها تشرفت الكويت بأن تكون مركزا للعمل الانساني فدور الكويت رائد ومميز ويحظى بالتقدير والاحترام والاعجاب وبمصداقية غير عادية من المجتمع الدولي لدور هذه الدولة الصغيرة في حجمها الكبيرة في عطائها".

واضاف انه تمت المشاركة في الجلسة الخاصة بالوضع في سوريا وتقديم مشروع قرار خاص بتسهيل العمليات الانسانية وانسيابيتها في سوريا في ضوء الاوضاع الانسانية الصعبة التي يعانيها ابناء الشعب السوري الشقيق منذ 2011 لافتا الى ان كل النقاشات والحوارات والكلمات كانت ترحب وتؤكد اهمية اصدار مثل هذا القرار واهمية ان تكون هناك منافذ مفعلة يمكن من خلالها توصيل المساعدات الانسانية الى الشعب السوري الشقيق.

وتابع الجارالله "لم يتم الى الان التصويت على مشروع القرار وهناك مفاوضات واتصالات وحوارات عديدة مع دول مختلفة وخصوصا الدائمة العضوية فيما يتعلق بتهيئة الاجواء لتمرير القرار لما ينطوي عليه من ابعاد انسانية".

وبين ان الكلمة التي القيت خلال الجلسة عبرت عن موقف الكويت وحرصها على توفير المساعدات الانسانية وان موقفها منذ اليوم الاول لاندلاع الازمة كان موقفا انسانيا واضحا وبارزا ومعالمه محددة للعالم اجمع من خلال ثلاثة مؤتمرات للمانحين احتضنتها الكويت وشاركت ايضا في اجتماعين في بروكسل ولندن.

وتابع الجارالله "اكدنا هذا الموقف وطالبنا مجلس الامن باعتماد مشروع القرار وفي البداية نشير الى ان اعضاء مجلس الامن جميعا في كلماتهم اشاروا الى ترحيبهم بمشاركة الكويت بمستوى نائب وزير واكدوا ان المشاركة على هذا المستوى دليل واضح على اهمية التفاعل بين الكويت والامم المتحدة والنظرة العملية التي تتعامل بها الكويت مع الامم المتحدة ومع مخرجات قرارات مجلس الامن".

واضاف ان الاعضاء رحبوا بهذه المشاركة واشادوا بدور الكويت وما تقدمه من مساعدات وأكدوا ان هذا الدور مميز ويحظى باحترام وتقدير العالم لما تقدمه الكويت ولما تقوم به من دور سياسي مهم وحيوي وحساس فيما يتعلق بالقضية السورية.

وأعرب عن امله ان يتم التصويت على مشروع القرار في الساعات المقبلة وان يمرر مشروع القرار لأبعاده الانسانية وتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب السوري الشقيق.

وقال الجارالله " بالنسبة للموضوع الاخر الذي تمت مناقشته في الجلسة المسائية فيتعلق بانتشار الاسلحة النووية ووضع ايران وبرنامجها النووي وما يتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية حيث كان هناك اجماع عبر كل الكلمات على اهمية ان يكون هناك تعاون من قبل ايران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي بهدف وضع حد لانتشار الاسلحة النووية ووضع حد للبرامج الصاروخية لما تشكله من تهديد واضح وصريح للامن والاستقرار في العالم".

وتابع "من جانب اخر تضمنت زيارتي لنيويورك لقائي بفريق العمل الكويتي والسفير منصور العتيبي واعضاء الوفد بالاضافة الى الفريق الدبلوماسي الكويتي الذي وجد في نيويورك على مدى سنتين فهذا الفريق واعضاء الوفد الكويتي ابلوا بلاء حسنا في ابراز صورة الكويت وقاموا بأدوار واضحة ومحددة ومشرفة للكويت خلال عضويتها غير الدائمة عبر السنتين".

واكد الجارالله ان هذا الدور الكويتي كان محل تقدير للعالم ولاعضاء مجلس الامن الدائمين وغير الدائمين بالاضافة الى الدول الاخرى اعضاء الامم المتحدة "وذلك لان دور الكويت مميز وكان لاسهامات هؤلاء الشباب والبنات في الجهاز الدبلوماسي الكويتي في نيويورك اسهام فعال ومؤثر ومشرف في نفس الوقت".

ولفت الى "ان الكويت على مشارف نهاية عضويتها غير الدائمة بمجلس الامن ونغادر المجلس ونحن فخورون ويملؤنا الاعتزاز والفخر بما قدمناه من دور ايجابي وبناء يخدم ويلبي هواجس الامتين العربية والاسلامية ويتناغم مع دور الامم المتحدة ومجلس الامن في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين".