قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إنه، بعد مخاض طويل، تم إعلان الحكومة الجديدة منتصف الأسبوع الفائت، ومجلس الوزراء هو الذراع الأقوى في تكوين الإدارة العامة بالبلد، وهو الذراع شبه الثابتة ضمن جناحي تلك الإدارة. وأضاف التقرير أن رئيس الوزراء الجديد هو خامس رئيس وزراء على مدى نحو 40 عاماً، والحكومة الحالية هي أولى حكوماته رغم مشاركته الرئيسية في كثير من الحكومات السابقة، ومعها بات المسؤول التنفيذي الأول مُحملاً بتركة ثقيلة إن على المستوى الاقتصادي، أو على المستوى السياسي في عالم يغلي، أو حتى على مستوى البُنى التحتية المادية والبشرية الضعيفة.
وبيّن التقرير أن في التشكيل الجديد بعض الإضاءات، لعلّ أهمها تجاوز مفهوم أن هناك وزارات سيادة، وهي حكر على الأسرة في بلد السيادة فيه للأمة، بعد أن تم تعيين وزير شعبي لوزارة الداخلية لأول مرة، ويُحسب للتشكيل أيضا خفض عدد وزراء الأسرة إلى ثلاثة كلهم شباب، وليس ضمنهم نائب أول لرئيس الوزراء.إضاءة ثانية كانت تعيين 3 سيدات بحكم الاختصاص، وهو توجّه يتفق مع ما هو سائد في العالم من محاولة إنصاف المرأة في مناصب الدولة القيادية. واستدرك التقرير أنه ما يُؤخذ على التشكيل، وهو مأخذ جوهري، هو أن مستوى التغيير المطلوب للتعامل مع الإرث الثقيل بشكل جراحي وفي حدود وقت قصير قبل أن تصبح الأوضاع غير قابلة للإصلاح، أنه بعيد جداً عن الوفاء بمتطلبات الإصلاح والبناء. فمن ناحية المحتوى، لا يزال التشكيل يحمل كل خصائص المحاصصة، وإن اختلف توزيع الحصص، والمحاصصة أو "اللبننة" لا يمكن أن ترتقي بتفكير الفريق إلى مفهوم إدارة وطن، وإنما تمزيقه إلى أولوية مصلحة الفئة التي يمثّلها الوزير، ولنا في تجربتي لبنان والعراق مثال، ومع تكوين لمجلس الأمة بنفس النهج، سينتقل مرض المحاصصة إلى كل المناصب الإدارية القيادية في الدولة، أو توظيفات الباراشوت، ولا يمكن نجاح أي إدارة.وأضاف التقرير أن المأخذ الآخر هو العجز عن تشكيل فريق قادر على فهم متطلبات المستقبل في بلد يواجه مشكلا حقيقيا في استدامة أوضاعه المالية والاقتصادية، وهو ما لخّصه تقرير "بلير" بحتمية الاصطدام بحائط، وما أسمته سفيرة سابقة للولايات المتحدة الأميركية بأنه عجز اكتواري حتمي في كل شيء. فالفريق من دون تجانس، ومن دون رؤية مشتركة سينشغل بمشروع دفاعي ينحصر في ضمان استمراره بدلا من تحوّله إلى موقع هجومي يكون فيه قدوة في نظافته وإنجازاته، ومواقف الدفاع هي ما سنشهده في الأسابيع القليلة القادمة.صحيح أن عُمر الوزارة الحالية قصير، لكنها أيضاً الأولى للرئيس الجديد، وأهمية تشكيلها كامنة في أنها الانطباع الأول حوله، وكامنة في قدرتها على وضع الأساس للإدارة العامة القادمة بما فيها احتمال تغيير النظام الانتخابي الذي عزز من مضامين المحاصصة، وأي حكومة قادمة تحت نفس الظروف، ستتشكل بنفس المواصفات وتخضع لنفس الضغوط، وسوف تفشل في أي إنجاز جوهري.
اقتصاد
التشكيل الحكومي يحمل كل خصائص المحاصصة
22-12-2019