«قال بومحضار» بأصوات الرويشد والضويحي وعبدالواحد في مركز جابر
احتفاءً بالفنان حسين المحضار أحد أبرز مجددي الموسيقى الحضرمية
احتفى مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بالثقافة اليمنية، ذات الحضور المؤثر في المشهد الموسيقي الكويتي، خصوصا من خلال الموسيقى الحضرمية، التي كان الشاعر حسين المحضار أحد أبرز مجدديها، من خلال حفل غنائي مميَّز أقيم يومي الخميس والجمعة الماضيين أمام حضور جماهيري كبير توافد على المسرح الوطني، مدفوعا بحب التراث، ومتعطشا لليلة غنائية لا تنسى تحمل عبق الماضي وأصالته بأصوات تأثرت بالإرث الفني وأثرت في محبيه.وأحيت حفل "قال بومحضار" فرقة مركز جابر الموسيقية، بقيادة خالد نوري، وبمصاحبة الفنان عبدالله الرويشد، الذي تعاون مع حسين المحضار منذ الثمانينيات، والفنان اليمني فؤاد عبدالواحد، الذي قدَّم في هذا الحفل عددا من أغنيات المحضار بأسلوب محلي محبب، والفنان عبدالعزيز الضويحي، الذي اشتهر بغناء عدد من أغنيات المحضار القديمة، التي شاعت في أوساط "السمرات" الشبابية الشعبية.وشاع اسم حسين أبوبكر المحضار في الخليج العربي بعد تعاونه المكثف مع أبوبكر سالم، وإن كان غزير الإنتاج قبل ذلك بزمن في الأوساط اليمنية الشعبية، إذ إنه تعامل منذ بداياته في مرحلة الخمسينيات مع كبار المطربين في اليمن، ومن بينهم محمد خان ومحمد عبدالله وكرامة مرسال وغيرهم.
وتميَّز المحضار بعذوبة ألحانه، ونبوغه في اختيار الكلمة، فهو الشاعر الذي يلحن أشعاره والملحن الذي ينظم أشعاره، ويصعب الفصل بين الاثنين، بقدر صعوبة تلحين نصوصه، التي تبدو كأنها كتبت ولحنت في اللحظة نفسها.
رحيل المحضار
ورغم رحيل المحضار قبل ما يقارب العقدين، فإن أغانيه لا تزال مفضلة لدى العديد من المطربين والمستمعين، ولا تزال محتفظة برونقها وجمالها وحضورها في الحفلات العامة و"السمرات" الشعبية، ومازلنا نسمعها بأصوات الفنانين الكبار والهواة على حد سواء.وفي الثامنة من مساء الخميس الماضي، تلاشت الأصوات، وحلَّ الصمت في المسرح الوطني، إيذانا ببدء الحفل، حيث رفع الستار عن فرقة مركز جابر بقيادة خالد نوري، والذي تولى مهمة توزيع أغلب أغنيات الحفل، ما يعطي تلك الأعمال طابعا خاصا، ويسلط الضوء على إمكانات المبدعين الكويتيين، وبدأ الحفل بأغنية "قال بومحضار"، والتي جاءت بأصوات الكورال.فارس الوصلة
بعد ذلك، كان الحضور على موعد مع فارس الوصلة الغنائية الأولى، وهو المطرب عبدالعزيز الضويحي، الذي إن قلَّ ظهوره في الحفلات، لكن يبقى لصوته طابعه الذي يميزه. وقدَّم الضويحي أربع أغنيات تفاعل معها الجمهور، بدءا بـ"يا سهران ليه السهر"، ثم "سر حبي". ومضى في برنامجه بثبات وتميز في الأداء، ليشدو بـ"كمال الريشة"، قبل أن يُكمل عقد فقرته بأغنية "المحبة ولا شيء"، ليودع الجمهور، واستحق التحية.وما هي إلا دقائق حتى أطلَّ "نجم الخليج"، الفنان اليمني فؤاد عبدالواحد، وهو أحد ممثلي الموسيقى الحضرمية وصاحب الصوت الشجي والحنجرة الذهبية، وقد حظي باستقبال خاص.اختار فؤاد أن يبدأ وصلته بأغنية "لو خيروني"، ثم انتقى من أعمال الراحل حسين المحضار "سير وتخبر"، وهي من ألحان أبوبكر سالم، ليشدو بعد ذلك بـ"حيث حليت يا ريم اليمن".وكان لافتا اختلاف المقامات بين جميع الأغنيات، ما يحقق التنوع الذي ينشده القائمون على الأمسية، وتجلى ذلك في الأغنية الختامية لفؤاد، وهي "بين المحبين"، التي تنتمي للمقام البياتي.«لهيب الشوق»
وبعد استراحة قصيرة زادت من لهيب الشوق لفارس الحفل ومسك الختام "سفير الأغنية الخليجية"، الفنان عبدالله الرويشد، عاد الجمهور إلى المسرح الوطني، ليلتقي الفرقة الموسيقية بمعية الكورال، ليطربوا القلوب بمجموعة مميزة من الأغنيات، منها: "الله الله بالأمانة ومختارات المحضار ووري الأيام لك وحدك وعاد الهوا عاد ورمز عينه وسيبوني كذا ناسي ويا زارعين العنب"، لتختتم بأغنية "وينك يا درب المحبة". وما إن خطا الرويشد إلى المسرح، حتى حظي باستقبال جماهيري حار، فهو صاحب الصوت الأخاذ والحضور المختلف والتاريخ الطويل. وقد اعتلى المسرح متأبطا رفيق دربه العود، وحلَّق بالجمهور إلى أفق من الإبداع، ليستهل وصلته بأغنية "العشق بلوة" مقام البياتي، وكانت "ساهر وسهران" اختياره الثاني، قبل أن يمضي في وصلته، مدفوعا بحب الجمهور وحماسهم وتفاعلهم، فكانت "من بدري" هي ثالث اختياراته لهذا المساء، وتنتمي لمقام البياتي، ومنها إلى أغنية "غصن البان". وأهدى الرويشد محبيه "اتبع قلبي"، قبل أن يختتم الحفل بـ"عويشق".رحلة من الإبداع
رحلة من الإبداع وتاريخ من العطاء، هكذا يمكن وصف سيرة ومسيرة الراحل حسين المحضار، من مدينة الشحر، إحدى كبريات مدن حضرموت الساحلية، ومرتع الشعر والغناء والسحر والرقص الشعبي.لمع اسم الشاعر والملحن الحضرمي حسين المحضار، وتجاوز بفنه الحدود الحضرمية اليمنية، ووصل بأنغامه وعذوبته إلى جميع أرجاء منطقة الخليج والوطن العربي قاطبة.وُلد "بومحضار" في عام 1930، وترعرع في كنف أسرة محافظة ومُحبة للأدب والعلم والشعر، فهو حفيد الشاعر الشعبي حسين بن حامد المحضار، وجده لأمه الشاعر الشعبي صالح حمور.وتلقى المحضار تعليمه في معهد رباط الشحر الديني، فتعلم القرآن والبلاغة، غير أنه مال ميلا قويا إلى الشعر، فأصبح قارئا ومتذوقا وناطقا له، لاسيما الشعبي الحضرمي، وبدأ نظم الشعر في الرابعة عشرة من عمره، وشارك في مجال الشعر الحضرمي، ما أضفى على شعره صفة النضج، وأكسبه الخبرة، وما كاد يشارف الثانية والشعرين من عمره حتى أصبح يتصدر مجال المساجلات الشعرية الحضرمية، وأصبح الناس يرددون أشعاره وأغنياته.
«سفير الأغنية الخليجية» تأبط العود وحلَّق بالجمهور إلى أفق من الإبداع