هَلَك... سفاح مصر!
هلك بداية الشهر الجاري مجرم الاستخبارات الإسرائيلي إبراهام دار، والمعروف أيضاً بـ "جون دارلنج"، وبعدة أسماء أخرى، عن عمر يقارب المئة عام، وهو مسؤول عن العمليات الخاصة بالتخريب والاغتيالات في مصر، منذ أربعينيات القرن الماضي، والذي استمر نشاطه حتى ثمانينيات نفس القرن.المعلومات التي نشرتها الصحف العبرية بعد وفاته تشير إليه كبطل قومي قام بعمليات جريئة ضد مصر، وهناك معلومات محدودة جداً عن حياته ونشأته، فهناك معلومتان حول مكان مولده، الأولى تفيد بأنه من مواليد القدس 1925 ، والثانية بأنه ولد في عدن عام 1922 ، وإن كانت تُرجح المعلومة الثانية بسبب قدرته الواسعة على تقمص شخصيات مختلفة من جنسيات متعددة، ومعرفته لثقافات عديدة، وهي نتيجة طبيعية لنشأته في مدينة مختلطة وميناء مفتوح تحت الانتداب البريطاني، مثل ميناء عدن المزدهر بشدة في حينه.المعلومات تشير إلى أن إبراهام دار مسؤول عن اغتيال عدد كبير من العلماء المصريين، سواء بالتخطيط أو المشاركة الفعلية، وتتجه له أصابع الاتهام في قتل سميرة موسى ويحيى المشد ونبيل القليني وسمير نجيب ومحمد الأزميرلي، وكلهم علماء ذرة، إضافة إلى آخرين بعضهم اعتبرت وفاتهم طبيعية، ولم يكتشف دس السم لهم في المأكولات أو الدواء.
جان دارلنج أو الصهيوني دار هرب من مصر في الخمسينيات بعد تزعمه الخلية اليهودية التي كانت تقوم بالتفجيرات لتخريب العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة الأميركية، وترويع يهود مصر، وخاصة الأغنياء منهم، لدفعهم للهجرة إلى فلسطين المحتلة مع أموالهم المودعة في الخارج، لكن المعلومات تشير أيضاً إلى أن إبراهام دار ظل يدخل مصر حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي بوسائل مختلفة، منها صفة دبلوماسي من دول أوروبا الشرقية أو أميركا اللاتينية، وكعضو في منظمات دولية، وقام بمهام في غاية الأهمية مازالت مصنفة سرية للغاية، ولم تكشف عنها السلطات الإسرائيلية رغم أنه تقاعد منذ فترة طويلة، لأنها ستبين نمط عمل منظومات استخباراتية مازالت تعمل في مصر وبعض الدول العربية.الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر أدرك بعد فضيحة لافون (1954 ) حجم انكشاف الجبهة الداخلية المصرية على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وكيف مكنت سلطات الانتداب البريطانية، التي أنشأت إسرائيل، اليهود من مفاصل الدولة المصرية، ولذلك شرع في إنشاء عدة وكالات استخبارات مصرية للتصدي لهم، لكن للأسف بعد نكسة 1967 انكشف مدى فساد بعض تلك الأجهزة وانتقالها إلى قمع الشعب، بدل أن تواجه عمليات التخريب الخارجية، وهي ممارسة متكررة في معظم الدول العربية الأخرى.إبراهام دار هو مجرم صهيوني خاض في دماء علمائنا ونوابغ العرب، وهلك بعد ذلك، ويعتبر بطلاً في نظر الإسرائيليين، بينما فشلنا نحن في أن نتصدى لهم بالمثل حتى يرتدعوا ويتوقفوا عن نهج الاغتيالات العلمية المستمر حتى يومنا هذا، لو كان العرب منذ البداية وضعوا قائمة لعلماء إسرائيليين يدعمون نشاطاتهم العسكرية، وزرعنا الرعب في قلوبهم في الداخل، وعندما يسافرون للخارج، لربما ارتدعت إسرائيل عن قتل علمائنا، لكننا للأسف كنا مشغولين في قتال بعضنا البعض، ومعارك المحافظة على الكراسي.