شهد عام 2019 زخماً في الأسواق النفطية، حيث عم السوق المحلي نشاط على مستوى تعيين القيادات النفطية الشبابية وتغيير استراتيجية القطاع جذرياً، لتتواكب مع المستجدات النفطية العالمية، إيذانا ببدء عهد جديد وتجديد للدماء ومنح الطاقات الشبابية فرصة لإثبات ذاتها، في إطار استكمال تنفيذ إستراتيجية البلاد الرامية إلى تطوير القطاع النفطي من أجل الوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030.ولعل ما تم إنجازه خلال 2019 يعد مقبولاً إلى حد كبير، باستثناء ملاحظات بشأن تأخير بعض المشاريع الكبرى وتعطل البعض الآخر.
وعلى المستويين الخليجي، وقعت أحداث جسام، من أهمها استهداف مصافي شركة أرامكو السعودية بتفجيرات بواسطة طائرات مسيرة لم يتم التأكد من هويتها حتى الآن، رغم أن هناك شواهد تشير إلى أن إيران مسؤولة عن تلك الواقعة التي أوقفت إنتاج السعودية بشكل جزئي، حتى استعادت تلك المصافي عافيتها وطاقتها الإنتاجية خلال فترة قصيرة. وعلى المستوى العالمي، شهد العام مزيداً من تعميق خفض إنتاج منظمة أوبك، من أجل سحب المزيد من الفائض النفطي في الأسواق لتحقيق التوازن في الأسواق ولتحقيق أسعار عادلة، كما تم فرض حصار نفطي على إيران لمنع صادراتها والوصول بها إلى معدل صفر في المئة، وذلك في إطار تعديل بنود الاتفاق النووي مع طهران والذي ترفضه حتى الآن.ونبدأ باستعراض بعض الأحداث التي مر بها القطاع النفطي دون ترتيب.
مصفاة نغي سون
بعد لغط كثير دار خلال 2019 حول جدوى مصفاة نغي سون في فيتنام، والتي تمتلك الكويت فيها نسبة 35.1 في المئة، ومجموعة فيتنام للنفط والغاز التي تمتلك البلاد فيها نسبة 25.1 في المئة، و"إديمتسوكوزان" اليابانية نسبة 35.1 في المئة، وشركة ميتسوي للكيماويات اليابانية بنسبة 4.7 في المئة، فقد أكد وزير النفط د. خالد الفاضل حرص الكويت على الاستثمار في فيتنام، مثمنا العلاقات المتميزة بين البلدين في المجالات كافة لاسيما المجال النفطي.وذكر أن المسؤولين الفيتناميين أشادوا بالتحسن الملحوظ في أداء مشروع مصفاة ومجمع البتروكيماويات «نغي سون» في الآونة الأخيرة، مثمنا دعم الحكومة الفيتنامية لإنجاح المشروع الذي يزود السوق الفيتنامي بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الوقود. وتأكيدا لحرص الكويت على الاستثمارات الخارجية، وخاصة مصفاة نغي سون، قام الرئيس التنفيذي للمؤسسة هاشم هاشم في الفترة الأخيرة بزيارة أيضا للمصفاة عقب زيارة وزير النفط لها، حيث قال ان شركة البترول الكويتية العالمية المنفذة للمصفاة تخدم أهداف المؤسسة في التوسع بالقارة الآسيوية مؤكدا قدرة الشركة على التغلب على اي تحد يواجه مشاريع المؤسسة.وقام هاشم بجولة بين وحدات المصفاة تضمنت وحدة التكرير ووحدة التكسير بالعامل المساعد وغرفة التحكم المركزية ورصيف التصدير كما تفقد عمليات المصفاة بعد استكمال الصيانة المجدولة والتي استغرقت 49 يوما وهي أقل من الفترة المحدد لها.تعديل استراتيجية 2040
قدمت لجنة تطوير إستراتيجية القطاع النفطي عدة تعديلات على إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية 2040 لتطوير وزيادة إنتاجها النفطي إلى 4 ملايين برميل يومياً، محددة المبادرات الخاصة بعملياتها، خصوصاً المتعلقة بشركة "نفط الكويت" كبرى شركات القطاع النفطي التي تسعى المؤسسة إلى جعلها أصغر حجماً عبر تعديل هيكلها التنظيمي.واهتمت تلك التعديلات، باستكشاف وتطوير وإنتاج احتياطيات نفطية تقليدية وثقيلة جديدة، وإنتاج 565 ألف برميل يومياً بحلول عام 2040، فضلاً عن استكشاف وتطوير وإنتاج الغاز الجديد الجوراسي والغاز الخالي من "الباليوزويك".ووفقاً لتلك التعديلات، تهدف الاستراتيجية إلى تعظيم تخصيص الموارد لزيادة الملاءمة وفق الخطة والعائد على الاستثمار لكل نوع من أنواع الهيدروكربون، وضمان تلبية الطلبين الحالي والمستقبلي من المصادر المتاحة لتحقيق طاقة إنتاج مستدامة للنفط الخام في الكويت، ومن أجل عوامل التمكين الاستراتيجية تم تحديد مجموعة مبادرات، منها مساهمة الإنتاج على مستوى المبادرة في إنتاج النفط الخام وإنتاج الغاز غير المصاحب.وأشارت التعديلات إلى ضرورة الاهتمام بنطاق الزيت الثقيل المحتمل EOR، ليشمل الإنتاج من خلال التقنيات الحرارية والكيميائية مع إجراء دراسات الجدوى والتصاميم التجريبية.مراجعة الطاقة التكريرية
عكف المسؤولون عن القطاع النفطي المحلي على دراسة مفادها مراجعة الطاقة التكريرية للكويت التي كانت موضوعة عند مليونَي برميل يومياً، حيث انه على الأرجح سيتم اتخاذ قرار أن تكون تلك الطاقة عند مستوى 1.4 مليون، مع رفعها إلى 1.6 مليون في الفترة الممتدة من الوقت الحالي إلى 2025.وحسب بعض المسؤولين، فقد جاءت تلك الدراسة لتتماشى مع الاحتياجات المحلية والأسواق العالمية، لافتين إلى أن هناك عدة عوامل مجتمعة أدت إلى تغيير تلك الاستراتيجية من أهمها أن أغلبية الدول تتجه حالياً إلى استخدام السيارات الكهربائية، وهو ما يستدعي مراجعة الإنتاج والاستراتيجية ما بين فترة وأخرى.النفط الخفيف والغاز
محلياً، وحسب تصريحات مسؤولين في شركة "نفط الكويت"، بلغ إنتاجها من النفط الخفيف 160 ألف برميل يوميا، بينما بلغ حجم إنتاج الغاز الحر نحو 500 مليون قدم مكعبة يوميا، في اطار تنفيذ استراتيجية الشركة في التوسع بإنتاج الغاز الحر ليصل إلى مليار قدم مكعبة من الغاز في 2023؛ حيث تبذل الشركة حاليا جهوداً حثيثة لإنتاج القدر الأكبر من كميات الغاز الحر على المستويين المتوسط والبعيد.«البترول الوطنية» تدشن أولى خطواتها في إنتاج الوقود البيئي
أعلنت شركة البترول الوطنية الكويتية تدشين أول وحدة إنتاجية بمشروع الوقود البيئي وهي وحدة إنتاج الديزل «يو – 216» في مصفاة ميناء عبدالله حيث تم تشييد الوحدة وفق أحدث المواصفات العالمية وتبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 73 ألف برميل ديزل يوميا، وتعد من أهم وحدات مشروع الوقود البيئي وأكثرها تطورا؛ إذ تضم أحد أكبر المفاعلات في مصفاة ميناء عبدالله الذي يبلغ حجمه 1012 مترا مكعبا، ويعمل على معالجة الديزل بالهيدروجين لإزالة الكبريت والشوائب؛ مما سيسهم بقوة في تحسين جودة منتجات الشركة، إذ سيتم من خلالها إنتاج الديزل منخفض الكبريت بنسبة تصل إلى 10 أجزاء في المليون فقط بدلاً من 500 جزء في المليون.حصاد خليجي
على المستوى الخليجي، كانت أكبر العمليات هي إدراج شركة أرامكو السعودية في سوق البورصة رسميا مع منتصف شهر ديسمبر 2019، وأصبحت عملاقة النفط السعودي أكبر شركة مدرجة في سوق مالية على مستوى العالم. وبلغ سعر السهم بعد ثوان من بدء تداوله 35.2 ريالا سعوديا (9.4 دولارات) بزيادة 3.2 ريالات (0.85 دولار) عن السعر الرئيسي، ما يرفع قيمة الشركة من 1.71 تريليون دولار إلى 1.88 تريليون، وأصبح لدى الشركة أكثر من خمسة ملايين مساهم منهم مواطنون وخليجيون ومؤسسات استثمارية وطنية وإقليمية وعالمية. ودخلت "أرامكو" السوق بعدما استكملت أكبر اكتتاب عام في التاريخ، قامت فيه الشركة ببيع 1.5 في المئة من أسهمها بقيمة 25.6 مليار دولار، قبل أن تقرّر في وقت لاحق بيع 0.25 في المئة إضافية لترتفع قيمة ما قد تجنيه من عملية البيع إلى 29.44 مليار دولار. وكان من المتوقع أن تبيع أرامكو 5 في المئة من أسهمها في السوق المالية المحلية وبورصة أجنبية لم تتحدّد، لكنّها أعلنت مؤخّرا أن خطط الطرح خارج السعودية مؤجّلة. وحقّقت أرباحا صافية بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وبلغت عائداتها 356 مليار دولار. وتفوق القيمة السوقية للشركة ستة أمثالها لشركة النفط الأميركية الكبرى إكسون موبيل، وأكثر من ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي للسعودية، متقدمة بفارق كبير عن القيمة السوقية لعملاق التكنولوجيا الأميركي "أبل" البالغة حوالي 1.2 تريليون دولار.حصار إيران نفطياً
أدى وقف استثناء أكثر من 8 دول تستورد النفط الإيراني، إلى ارتفاع أسعار خام برنت بأكثر من 2.5 في المئة إلى 73.84 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ 5 نوفمبر الماضي، عندما فرضت واشنطن الجولة الثانية من العقوبات الاقتصادية على طهران، والتي طالت قطاع النفط الحيوي.وكان ترامب يهدف للوصول بالصادرات النفطية الإيرانية إلى صفر، بسبب ما تصفه الولايات المتحدة بأعمال إيران العدائية بالشرق الأوسط.تفجير مصافي «أرامكو»
ضربت 18 طائرة مسيرة أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط بالسعودية، وبعد ستة أيام من الهجوم، الذي ضرب قلب صناعة الطاقة السعودية وأدى إلى تفاقم الصراع القائم منذ عقود بين السعودية وخصمها اللدود إيران، فتحت شركة أرامكو الحكومية للنفط الموقعين أمام وسائل الإعلام العالمية لتفقد الأضرار وجهود الإصلاح، ما أدى إلى تعطيل الإنتاج، قبل أن تتمكن الفرق الهندسية من استئنافه.النفط العالمي
قامت منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط أوبك بتعميق خفض الانتاج بنحو 500 الف برميل يوميا اعتبارا من بداية عام 2019 وحتى شهر مارس المقبل، ليكون اجمالي خفض المنظمة من النفط نحو 1.7 مليون برميل يوميا، وذلك بهدف تجفيف الفائض في الاسواق رغبة في إعادة التوازن الى الاسواق لتعزيز الاسعار، لتأخذ مسارا عادلا يتناسب مع موازنات دول اوبك، خصوصا الدول الخليجية، حيث شهدت الاسعار صعودا تدريجيا عقب اتخاذ قرار الاتفاق.المنطقة المقسومة
دخلت المنطقة المقسومة مرحلة الاستعداد لبدء عودة الإنتاج، في إطار تحريك المياه الراكدة بشكل قوي بعد توقف الإنتاج منذ سنوات وسط تصريحات المسؤولين من الكويت والسعودية بعودة الانتاج قريبا، عقب إتمام الاجراءات الخاصة بذلك، لاسيما في حقلي الخفجي والوفرة المشتركين، ولا يتبقى في سبيل العودة للإنتاج إلا بعض الإجراءات التنظيمية لعودة الإنتاج.ويقع حقلا «الخفجي» و»الوفرة» في المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، ويتراوح إنتاجهما بين 500 و600 ألف برميل نفط يوميًا، مناصفة بين الدولتين.وأغلق البلدان، العضوان بمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، «الخفجي»، في أكتوبر 2014، لأسباب بيئية، وتبعه إغلاق «الوفرة»، في مايو 2015، لعقبات تشغيلية.عهد جديد من الإنتاج البحري
دخلت الكويت عهداً جديدا في اكتشاف وإنتاج النفط الخام والغاز، بعد توقيع شركة نفط الكويت في يوليو الماضي مع شركة هاليبرتون العالمية عقداً خاصاً بمشروع الحفر والاستكشاف البحري للتنقيب داخل المنطقة البحرية بالمياه الإقليمية الكويتية، مع توقعات بإنتاج نحو 100 ألف برميل يومياً، مع وجود كميات من الغاز الحر. وبينت الشركة إن العمليات في الحقول البحرية ستبدأ خلال سنة على أبعد تقدير من تاريخ توقيع العقد، وسيجري العمل على تقريب هذه المدة، مبينة أن الشركة وضعت كل الاحتياطات لبدء المشروع مع التخطيط الكامل لأنشطة للحفر المتكامل؛ لافتة إلى أن مشروع الحفر البحري الاستكشافي يتضمن 6 آبار استكشافية في المياه الإقليمية للبلاد.