خاص

خبراء قانونيون لـ الجريدة•: كثرة التشريعات أربكت القضاء وعطلت الفصل في الدعاوى... وثقافة الشعب جزء من الأزمة

• أكدوا في حلقة نقاشية صعوبة الاستغناء عن العنصر الأجنبي في القضاء رغم دعوات التكويت
• مشاكل الإعلان تشغل حيزا كبيراً في تأخير القضاء وعلى المراجعين الالتزام بتوضيح عناوين سكنهم

نشر في 24-12-2019
آخر تحديث 24-12-2019 | 00:12
أكد عدد من الخبراء القانونيين أن كثرة التشريعات الموجودة في المنظومة القانونية الكويتية، وما يطرأ عليها من تعديلات، تمثل أسبابا مهمة في تعطيل الفصل في الدعاوى المنظورة أمام الدوائر القضائية، ومن ثم تراكم تلك القضايا في أروقة المحاكم، مشيرين إلى أن ثقافة الشعب جزء من الأزمة.
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية نظمتها «الجريدة»، عن ظاهرة تأخر الفصل في الدعاوى، حضرها عميد كلية القانون الكويتية أستاذ القانون الجزائي د. فيصل الكندري، ووكيل محكمة التمييز رئيس الإدارة العامة للتنفيذ السابق المستشار أنور العنزي، ومدير إدارة كتاب المحكمة الكلية والخدمات السابق حمود الظفيري، والمحامي أمام المحكمة الدستورية و«التمييز» حسين الغريب.
وتضمنت الحلقة ثلاثة محاور، تتمثل في مدى حاجة منظومة التقاضي إلى إعادة نظر، وهل ساهمت القوانين الصادرة خلال السنوات العشر الأخيرة في تنظيم التقاضي أم لا؟ ومدى كفاية عدد القضاة الكويتيين للفصل في القضايا... وفيما يلي التفاصيل:

المحور الأول: هل هناك حاجة إلى إعادة النظر في منظومة التقاضي بعد مضي نحو 50 عاما على تطبيقها بسبب تأخرها في إصدار الأحكام وإطالة حسم النزاعات

بداية، قال وكيل محكمة التمييز رئيس الإدارة العامة للتنفيذ السابق المستشار أنور العنزي إن الهدف من القوانين عادة هو تنظيم العلاقات بين الناس في المجتمع، وبينهم وبين السلطة، أو مع المواطنين والمقيمين في الدولة، إلى جانب فض المنازعات وضمان حصول الناس على حقوقهم.

وأوضح العنزي أن منظومة القوانين الكويتية تدرجت منذ بدايتها في الخمسينيات ببعض القرارات الإدارية التي اعتبرت بمنزلة قوانين، لافتا إلى أنه «على مدار السنوات الطويلة أصبحت لدينا قوانين عصية على أن يدركها حتى المتخصصين، بما يعني أن تلك المنظومة تضم مجموعة قوانين رئيسية تتضمن مجموعات فرعية».

واعتبر أن «كثرة القوانين مضرة نوعا ما، ورغم أن العلاقات أصبحت أكثر تعقيدا وزادت المشاكل بين الناس في المجتمع فإنني أعتقد أن القوانين الأصلية التي كانت موجودة في السابق أو القوانين الأساسية لم تكن بحاجة إلى كل هذه التعديلات التي حدثت، وأدت إلى إرباك المتقاضين والقضاة، إلى جانب المحامين».

تطور سريع

وأكد العنزي أن هذا لا ينسحب على جميع القوانين التي أصدرت في الفترة الأخيرة، بل بعضها فقط، موضحا أن جزءا من هذه القوانين غير مفهوم لدى المتخصصين الذين لا يستطيعون اللحاق بالتطور السريع لها، فضلا عن وجود بعض القوانين التي كانت رد فعل لبعض المشاكل، معتقدا أن القانون الذي يخرج كرد فعل يجب أن يتضمن مثالب كثيرة.

وطالب بضرورة دراسة القانون جيدا، مع عرضه على المختصين من كل النواحي، حتى يخرج بنتيجة مرضية، لكن ما حدث في السنوات الأخيرة من إصدار قوانين جاءت كرد فعل على بعض الأحداث السياسية أو بعض المشاكل الاقتصادية، أو نتجت عن تطور تكنولوجي ساهم في تعطيل الفصل في القضايا، إضافة إلى إرباك القضاة والمتقاضين والمحامين، لدرجة أن بعضهم لا يستطيع فهم تلك القوانين.

وأشار إلى أن تلك القوانين يختلف تطبيقها من جهة لأخرى، مما زاد التشابك والتعقيد في العلاقات القانونية.

تعديلات طفيفة

من جانبه، ذكر عميد كلية القانون الكويتية أستاذ القانون الجزائي د. فيصل الكندري أن منظومة القوانين الجزائية بالكويت تقوم على أساسين، أحدهما قانون الجزاء الصادر عام 1960، والثاني قانون الإجراءات الجزائية الصادر أيضاً عام 1960.

وأوضح د. الكندري أن هذين القانونين لم تطرأ عليهما منذ نحو 70 سنة إلا تعديلات طفيفة تحدث بين فترة وأخرى، غير أن هناك قوانين أخرى صدرت استكمالا لقانون الجزاء لملاحقة التطورات التي تحدث بين فترة وأخرى.

وأشار إلى أن السلوك الإجرامي يتطور من فترة إلى أخرى، ومن ثم يجب مواجهته من خلال القوانين الجزائية الخاصة، مطالبا بتعديل قانون الجزاء الكويتي عبر لجان مختصة.

ملاحقة التطورات

وأضاف د. الكندري أن هناك خللا يسأل عنه جميع الأطراف، سواء الحكومة أو مجلس الامة، من ناحية ملاحقة تطورات القوانين الجزائية، لأنها تحتاج إلى فكر، لافتا إلى أنه «بجوار القوانين الجامدة توجد قواعد ومبادئ أساسية لا نستطيع تجاوزها وكأنها محرمات لا يجوز المساس بها».

واعتبر انه مع التطور الزمني «أصبح من الضروري أن ندخل في مثل هذه القواعد، ونحاول كسر جمود بعضها، دون الإخلال بالعدالة بشكل عام، لسبب واحد هو أن هذه القواعد تسبب بطء عمليات التقاضي».

وضرب مثالا على تلك القواعد بمنظومة التحقيق الكامل، إذ تمنح المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات الكويتي سلطة التحقيق مهام الاتهام والتحقيق والادعاء، غير أنه من المفترض ألا يناط بها التحقيق لأن ذلك من باب الفصل بين سلطتي التحقيق والمحاكمة.

سلطة التحقيق

وبين د. الكندري أن التحقيق يجب أن تناط به سلطة القضاء، مضيفا أن ذلك الامر رغم عدم حدوثه يعد ميزة في نفس الوقت، إذ لو أنيط بالقضاء سلطة التحقيق لطالت مدة الإجراءات القضائية، إذ ستقوم النيابة بعملية الادعاء ثم الاتهام ثم تذهب إلى السلطة القضائية للتحقيق ثم تطعن أمامها ثم تذهب لمحكمة الموضوع، وهي إجراءات طويلة جدا.

ولفت الى أن بعض الدول التي تتبنى فيها السلطة القضائية سلطة التحقيق بدأت تتجاوز ذلك الأمر بشكل تدريجي، بعد شعورها بطول إجراءات التقاضي. وعن الجهل بالقانون، قال إن المبدأ الأساسي هو عدم التعذر بالجهل بالقانون، متسائلا: متى يتم تجاوز مثل هذه المبادئ التي حدثت في العصور السابقة وخصوصا بعد الثورة الفرنسية.

ورأى أن المنظومة القضائية بها الكثير من التعقيدات، وخصوصا فيما يتعلق بالفصل بين الجنح والجنايات، موضحا أن القانون الكويتي لا يخصص محاكم للمخالفات ما عدا مخالفات المرور والبلدية التي وإن كانت جنحا فإنها تذهب إلى المحاكم المختصة.

بطء المنظومة القضائية

وأكد د. الكندري أن بطء المنظومة القضائية في الكويت مرده ليس فقط نصوص القانون، بل لثقافة الشعب التي يختلف حالها اليوم عما كانت عليه قبل 10 سنوات، وسيختلف حالها كذلك بعد 10 سنوات لاحقة، إذ أصبحت الخصومة واللدد فيها أمورا عادية وأساسية لدى كثير من الأشخاص.

وألمح إلى أن سبب ذلك هو ثقافة الشعب التي تتضمن اللجوء إلى المحاكم والقضاء في كل صغيرة وكبيرة، في وقت لا يوجد بالقضاء الكويتي أمور تنهي النزاع القضائي سريعا، إذ تأخذ القضية درجات التقاضي كما هي موجودة في القانون.

الأوامر الجزائية

وأوضح د. الكندري أن المادة 148 من قانون الإجراءات الجزائية، مثلا، تعطي سلطة للمدعي العام أن يرفع الأوامر الجزائية لكن بشروط معينة، مثل ألا تزيد عقوبة الحبس على سنة وألا تزيد الغرامة على 500 دينار، ومن ثم يمكن أن يصدر حكم غيابي بالأمر الجزائي وتنتهي الخصومة، متابعا: «لو تم تفعيل الأوامر الجزائية لاستطعنا الفصل في كثير من الجرائم البسيطة التي تثقل كاهل المحاكم».

وشدد على أن المجتمع الكويتي غير مستعد لتقصير مدة التقاضي على عكس المجتمع الفرنسي مثلا، وهم أكثر الناس تشددا في تطبيق العدالة، إذ يتم الصلح بين المتخاصمين أمام النيابة حاليا، وكذلك بين مرتكب الفعل وبين النيابة في قضايا وجرائم معينة، ومن ثم تنهي النيابة القضية في هذه الحالة.

نصوص جامدة

وفيما يتعلق بالعدالة البطيئة وتأثيرها في المراكز القانونية ومدى الخلل الموجود في المنظومة القضائية، سواء كان إداريا أو قضائيا، قال المحامي أمام المحكمة الدستورية و»التمييز» حسين الغريب إن المنظومة القضائية، إذا كنا بصدد تقييمها، عبارة عن نصوص جامدة لها بعد عملي ينفذه القائمون على إدارة هذه المنظومة، وهم العنصر البشري الذي يحول النصوص إلى واقع عملي من خلال الإجراءات.

وأكد الغريب أنه «لا يمكن بحال من الأحوال تقييم تلك المنظومة دون تقييم العنصر البشري القائم على تنفيذها، وهو ما سيأخذنا إلى مسألة معايير اختيار ذلك العنصر ومعايير تقييمها وتقويمها بعد مباشرته لواجباته في أجهزة تطبيق القانون وتنفيذ العدالة».

وأضاف: «إذن نحن بصدد نصوص موجودة في بُعدها النظري ولها آثار عملية، وفي الوسط هناك عنصر بشري هو القائم على تفعيل هذه النصوص وأحيانا تفادي أي اعوجاج بها».

النظريات القانونية

وذكر الغريب أن «الواقع لدينا يشير إلى أن النصوص متقدمة على الكفاءة البشرية، لذلك نجد هذه النصوص والنظريات القانونية في بعدها الموضوعي أو بعدها الإجرائي في مجتمعات أخرى فعالة ومنتجة وذات أثر على المجتمع في تقويم سلوكه».

واستدرك: «أما في الكويت فالمجتمع هو الذي يؤثر على تفعيل النصوص، نظرا لأنه مجتمع قد يكون صغيرا أو في طور التطور، وحتى الآن لم يبلغ مبالغ كبيرة في هذا الجانب»، مضيفا: «حتى يكون حديثنا ذا بعد عملي يجب ألا نركن إلى التعديلات التشريعية لتصويب الأخطاء الموجودة، لأن التشريع اليوم بيد أطراف سياسية قد يكون موضوع العدالة بعيدا عن قمة أولوياتها».

وأردف: «إذن هناك إصلاحات يمكن أن ينفذها القائمون على جهاز العدالة دون الحاجة إلى نصوص، ومن شأن هذه الإصلاحات أن تسرع الأثر الفوري للعدالة في مكافحة أي تعدٍّ على الحقوق والحريات».

أزمة الإعلان

وضرب الغريب مثالا على ذلك بأزمة الإعلان، التي لم يطرأ عليها أي حل جذري منذ 25 عاما تقريبا، في وقت يساعد التطور التكنولوجي على إيجاد حلول تساهم في تعجيل الإجراءات أمام المحاكم كالإعلان الإلكتروني والبريد الإلكتروني وخلافهما، غير أن الواقع يشير إلى أن إجراءاتنا في الإعلان هي نفس الإجراءات التي تطبق منذ 100 عام في مجتمع مثل المجتمع المصري، أو الفرنسي، مؤكدا أن هذه المسألة لن تحل إلا إذا استشعر القائمون عليها ضرورة حلها.

ولفت إلى أن الأمر الآخر المهم هو ضرورة تصفية الخلافات مبكرا قبل بلوغ التقاضي أو على الأقل تهيئتها للفصل، ومثال على ذلك المنازعات العمالية الآن، فالعامل يتكبد مشقة التقاضي ويصل إلى منصة القضاء ثم يفاجأ بأن دعواه مردودة، لأنه لم يسلك طريق الشكوى أمام وزارة الشؤون، متسائلا: «ماذا لو سلك العامل هذا الطريق؟»، والجواب هو أن أداء وزارة الشؤون في إنهاء هذه الشكاوى أو تهيئتها للفصل أمام المحاكم طريق شكلي وغير مجد ولا نفع له.

المحاكم و«الشؤون»

وذكر الغريب أنه «يمكن بشيء من التفاهم بين المحاكم ووزارة الشؤون تفعيل هذه الأداة بشكل أفضل، بدلا من أن نضعها عائقا أمام العامل الذي يلجأ بعد ذلك إلى المحكمة التي تحيله بدورها إلى الخبراء في طريق طويل غير مجد».

وضرب مثالا آخر على ذلك بموضوع تصفية الملكية الشائعة في العقار، إذ بمجرد أن يرث ورثة عقارا، ويريدوا تصفيته فإنه يجب عليهم رفع دعوى قسمة وفرز أمام محكمة الموضوع أول درجة ثم الاستئناف والتمييز، ثم تحال إلى الخبراء ثم إلى قاضي البيوع، في وقت كان بالإمكان إحالتها إلى قاضي البيوع من البداية عبر إجراء معين يتم الاتفاق عليه كشهادة مثلا من البلدية بأن العقار غير قابل للقسمة والفرز، وشهادة من جهات معتمدة في تقييم العقار، وهذه كلها حلول يمكن إيجادها لتسريع عملية التقاضي دون الحاجة للتعديل التشريعي.

إجراءات طويلة

وضرب الغريب مثالا على موضوع التعقيدات والإجراءات الطويلة بموضوع المنازعات الإدارية، مؤكدا أن بها خللا، وذكر أنه في إحدى الجلسات وقف محامي الدولة أمام الاستئناف يشرح ظروف واقعة معينة ويبلغ رئيس الدائرة أن هذه الواقعة سبق للدائرة ومحكمة التمييز أن نهجتا فيها نهجاً معيناً، فرد عليه رئيس الدائرة بأنه ما دمت تعرف نهج المحكمة في هذه الوقائع فلماذا لا تعالج الخلاف قبل اللجوء إلى القضاء، فرد المحامي: والله يا ريس نحن مكلفون بالاستئناف في كل الاحوال.

وبين أن سلوكا مثل ذلك من الخصم الشريف من الجهة الإدارية غير مقبول بأي حال من الأحوال، ومع الأسف تواجه المحاكم هذا السلوك بشيء من التسامح، معتبرا أن تعطل الفصل في الدعاوى تسأل عنه أطراف عدة، ولكن زمام المبادرة يكمن في النهاية بيد القضاء، فهو من يعول عليه في الحد من هذه الممارسات.

الإجراءات الإدارية

بدوره، قال مدير إدارة كتاب المحكمة الكلية حمود الظفيري: «عندما نتحدث عن المحاكم بصفة عامة فصاحب الدعوى سواء كان محاميا أو فرداً يلجأ إلى المحاكم لرفع الدعوى، وهو يسلم الصحيفة سواء عن طريق مكتب محام أو عن طريقه الشخصي، لكنه لا يعرف الإجراءات الإدارية التي تعقب ذلك».

وأضاف الظفيري أن هناك إحصائية تشير إلى أن هناك 400 إلى 450 دعوى يومياً في قصر العدل فقط، وفي الجهة المقابلة نجد 16 ألف إعلان شهريا في محافظة العاصمة فقط، وعدد المندوبين 650 تقريبا، يقابلهم من 3 إلى 5 كتاب، وهم من يتسلمون من جميع أمناء السر والمحاكم.

ولفت إلى أن ذلك الحديث عن المحكمة الكلية فقط دون الاستئناف أو التمييز، موضحا أن الخلل موزع على الجميع إداريا، إذ للمراجع دور، والموظف حاليا يختلف عن السابق، فمندوبو الإعلان في السابق كانوا يستشعرون المسؤولية، لكن الموظف حالياً لا يهمه سوى الراتب وقرب مكان العمل من مسكنه.

مسؤولية قانونية

وأضاف الظفيري أن مندوبي الإعلان موزعون على مناطق عدة، «فنجد بعضهم مختص بمناطق معينة مثل العديلية والفيحاء وغيرهما، ونجد أحدهم مختصاً بشارع مثل شارع فهد السالم، فالأول له ما يقارب 30 صحيفة يومية، أما الثاني فله ما يعادل 10 صحف أسبوعيا، وحاولنا سابقا إجراء دمج في هذه العملية لكن الواسطة تلعب دورها، ومن ثم فإن مندوب الإعلان تقع عليه مسؤولية قانونية قبل أن تكون أخلاقية».

واستطرد: «أما المراجعون فعليهم دور كبير في تسريع عملية الفصل، لاسيما بتسلمهم السريع للإعلان وإعطائهم عناوين صحيحة لسكنهم لا عناوين وهمية»، موضحا أن الإجراءات الإدارية لا تلزم المراجعين بشيء ومن ثم فهي تسمح بهذه المعوقات»، مضيفا أن بعض القضاة حاولوا التصدي لظاهرة تغيير العناوين بإحالة القضية إلى المحكمة المعنية بالمحافظة المختصة، غير أن كثيرا من القضاة لا يفعلون ذلك.

حل جماعي

وعما إذا كان الأمر يتطلب تدخلا من مسؤولي وزارة العدل لكبح جماح التصرفات غير المسؤولة في إدارة الإعلان، حيث دخول السماسرة والرشوة في الأمر، قال الظفيري: «في رأيي الحل يجب أن يكون من جميع الأطراف وليس من الوزارة فقط، ففي سنوات سابقة كان الاتجاه إلى أن يحمل الإعلان الإلكتروني عددا كبيرا من الإعلانات وخصوصاً للشركات».

واستطرد: «في عام 2006 أجرينا دراسة في عهد المستشار فيصل المرشد، وحينها كان رئيس المحكمة الكلية، وكان من نتائج تلك الدراسة أن الإعلان الإلكتروني يحمل تقريبا 45 في المئة من الإعلانات المتراكمة، وهنا لابد من تعاون جميع الأطراف لحل أزمة تراكم الإعلانات في أروقة الوزارة، ومن ضمن تلك الحلول إدخال التكنولوجيا».

وأشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في عدد المحاكم، غير أن أعداد الموظفين لا تواكب التطور الحاصل في عدد الدوائر القضائية.

المحور الثاني: هل ساهمت القوانين الصادرة خلال السنوات العشر الأخيرة في تنظيم التقاضي؟ أم أنها أغرقت المحاكم وأجهزة التحقيق في مزيد من الفوضى؟

من جانبه، قال المستشار العنزي: «سبق أن ذكرت أن بعض هذه القوانين معطل، والقصد منها التسهيل، غير أن النتيجة كانت التعطيل»، متسائلا: «ما الجهة التي تشكو من بطء صدور الأحكام؟ هل القاضي الذي بيده الحكم أم المتقاضي؟».

وأضاف: «إن كان القاضي فهو بيده الحكم، وإن كان المتقاضي فهو الذي يشكو فبعض المتقاضين يتفننون في تعطيل القضايا باستعمال طرق قانونية عدة، منها الاستشكال على الأحكام»، مؤكدا أن المسؤولية في هذا الأمر مشتركة وعلى من يشتكي أن يقدم الحلول.

فوضى المحاكم

وبين العنزي انه «بالعودة الى موضوع القوانين أرى أن بعضها عطل الفصل في القضايا وأغرق المحاكم بالفوضى»، مشيرا الى أن هناك مسألة أخرى هي تنفيذ الأحكام بعد صدورها فما الفائدة من حكم لا ينفذ؟

وطالب بإعادة النظر في تراكم الأحكام بإدارات التنفيذ، وهو تراكم قد يعادل الأحكام التي مازالت منظورة أمام المحاكم إن لم يكن أكثر منها، متسائلا: «هل الغاية من المنظومة القانونية تسهيل إجراءات التقاضي؟ وإن كان هذا هو الهدف فللأسف لم يتحقق وإذا كان القصد منها الإحاطة بكل مشاكل المجتمع فأيضا ذلك لم يتحقق».

وذكر أن الحل يكمن في مراجعة شاملة لجميع التشريعات، مع ضرورة النظر الى مصلحة الناس في المقام الأول، لان هذه القوانين لم توضع إلا لمصلحة معينة، سواء مصلحة الدولة أو الأفراد أو الاثنين معا، مؤكدا ان التوازن المطلوب بين حقوق الدولة وحقوق الأفراد، «ونحن كمجتمع نساهم، وايضا في التقاضي والاجراءات والمسؤولية مشتركة في النهاية».

خريطة التقاضي

وعما إذا كانت القوانين الصادرة في السنوات العشر الاخيرة قد غيرت خريطة التقاضي، حيث تم اجتزاء بعض القوانين مثل قانون الجزاء وقانون الاحوال الشخصية والقانون التجاري، أفاد د. فيصل الكندري: «أعتقد أن التشريعات خلال الفترة السابقة تفتقد الصناعة التشريعية الصحيحة، وقد يكون ذلك بسبب الوضع السياسي في الكويت، فجزء منه حكومي وجزء منه يعود الى مجلس الأمة، إذ تقوم الحكومة باقتراح التشريعات لكن ليس لديها لجان متخصصة في صناعة التشريع، لذلك تخضع بسرعة لمجلس الامة في تعديل حتى التشريعات التي تصدرها بشكل جيد».

واضاف أن التشريعات السابقة في الجانب الجنائي صاحبتها تفريعات كثيرة، وقوانين الرأي لها تفرعات كثيرة، مثل قانون المرئي والمسموع وقانون الاعلام الالكتروني وقانون المعلومات وقانون الوحدة الوطنية وقانون أمن الدولة وقانون هيئة الاتصالات.

خبراء قانونيون لـ الجريدة•: كثرة التشريعات أربكت القضاء

عميد كلية القانون الكويتية أستاذ القانون الجزائي د. فيصل الكندري:

● منظومتنا مليئة بالتعقيدات التي أغرقت الجسم القضائي في مزيد من الفوضى

● يجب أن نخرج من ثوب التفكير المصري للتقاضي وأن يكون لنا استقلاليتنا وننفتح على التكنولوجيا



المحامي أمام المحكمة الدستورية و«التمييز» حسين الغريب:

● العدالة البطيئة ظلم ونصوصنا التشريعية متقدمة على الكفاءة البشرية

● على مجلس القضاء نشر تقاريره السنوية عن التشريعات لتبيان جدواها من عدمه



وكيل محكمة التمييز رئيس الإدارة العامة للتنفيذ السابق المستشار أنور العنزي:

● منظومتنا بها تشريعات عصية على الإدراك وتطيل أمد التقاضي

● عدد القضاة الكويتيين لا يكفي رغم كثرة التعيينات وما زلنا بحاجة إلى كوادر جديدة



مدير إدارة كتاب المحكمة الكلية والخدمات السابق حمود الظفيري:

● القوانين الصادرة خلال السنوات العشر الأخيرة لا تحمل رؤية إدارية أو واقعية

● يجب تعيين موظفي المحاكم وفق الخبرة والكفاءة لا الواسطة و700 قضية تستقبلها «الكلية» يومياً

كثرة القوانين

وأكد الكندري أن القوانين كثيرة لمواجهة فعل واحد، وهو حرية الرأي أو تجاوز حرية الرأي، وكان بالإمكان أن تصوغ الحكومة قانونا واحدا كاملا متكاملا في هذا المنظور، بحيث يجمع كل هذه التشريعات في قالب واحد يسهل فهمه وتطبيقه.

ولفت الى أن هناك اربعة قوانين صدرت مؤخرا، هي: مكافحة الفساد، وغسل الاموال، وهيئة أسواق المال، وحماية الاموال العامة، وعندما نأتي إلى الإجراءات التحفظية فكل قانون له نظام خاص بهذه الاجراءات، حتى النيابة العامة لا تعرف من المعني بإصدار قرار التحفظ.

وشدد على ضرورة أن ينهى العمل بالإدارة العامة للتحقيقات، لأن هذه الإدارة كانت توجد في السابق لمواجهة ظرف معين هو عدم وجود كوادر كبيرة تقوم بعملية التحقيق، «وكذلك ضرورة القضاء على نظرية عدم تجاوز المبادئ الأساسية طالما لا نضر بالعدالة ولا حرية الاشخاص».

إلغاء «الاستئناف»

وأشار الكندري إلى أنه لا ضرورة اليوم لوجود الاستئناف في محكمة مثل هيئة أسواق المال على درجتين، ومحكمة الوزراء على درجتين، موضحا أن فكرة التقاضي اليوم على 3 درجات بحاجة إلى إعادة نظر.

وذكر أن «محكمة أول درجة لم يعد ينظر إليها اليوم بجدية، وبعض الدول تخلت عن فكرة درجة الاستئناف، وعليه يجب أن نخرج من ثوب التفكير المصري، فقد أصبحت لنا اليوم استقلالية في اتخاذ قرارنا، وفي التفكير، ولدينا مجتمعنا وكوادرنا الخاصة، ويجب أن ننفتح على ثقافة أخرى، ونستخدم التكنولوجيا الموجودة، لكننا للأسف نواجه عقلية حكومية جامدة لا تريد أن تتطور ومجلس أمة يبارك هذا الجمود».

منظومة التقاضي

من جانبه، أفاد المحامي حسين الغريب بأن المتقاضي قد يساهم في تعطيل إجراءات التقاضي، لكن المبدأ المستقر هو «حيث تكمن السلطة تكمن المسؤولية» فمنظومة التقاضي سفينة ربانها القاضي، وهو من يملك قمع أي تحايل إجرائي على نظر القضية أمام منصته، فمثلا يملك القاضي في أول جلسة للاستشكال أن يصدر قراره بإلغاء الأثر الواقع في الإشكال، وأوضح أنه من النادر أن يستخدم القاضي ذلك رغم أن قانون المرافعات يسمح له بذلك.

وطالب بضرورة أن تنزل المحاكم من خلال إجراءاتها وصلاحياتها الناس منازلهم، فمن تحايل يشار إليه بالبنان ويقال عنه تحايل لتعطيل العدالة، ومن يمارس الخصومة الشريفة يجب أن يشار اليه بذلك، وعند المقارنة بين طلبات رد القضاة وأساليب التحايل الأخرى نجد أنه عندما يتضرر متقاض عادي من حيل خصمه ويرفع دعوى تعويض يرد عليه بأن حق التقاضي مكفول في وقت لو رفع القاضي الذي قدم فيه طلب رد دعوى تعويضا فسيحكم له على الفور.

تقرير سنوي

وعن مسألة جدول القوانين في الآونة الأخيرة، قال الغريب إن المجلس الأعلى للقضاء يعد تقريرا في بداية شهر أكتوبر من كل عام، أو كلما رأى ضرورة لذلك، يتضمن ما اقرته الأحكام القضائية وقرارات الحفظ الصادرة من النيابة العامة من نقص في التشريع القائم أو غموض فيه وما يراه لازما للنهوض بسير العدالة ويقدم وزير العدل هذا التقرير الى مجلس الوزراء.

واضاف انه بالتفتيش في شبكة الانترنت عن تقرير مجلس القضاء الكويتي لم أجد بل وجدت تقارير لمجلس القضاء السعودي والبحريني، وكانت تلك التقارير محل نقاش في وسائل الاعلام.

إرساء العدالة

وبين الغريب أنه إذا كان الجهاز القضائي هو السلطة الثالثة في البلد فالغاية الأساسية من وجود المحاكم هي إرساء العدالة بين الناس، وإذا كانت أعمال المحاكم سرية في مواجهة الناس فأعتقد أن السبب الذي وجدت من أجله المحاكم في هذه الحالة سيكون محل نظر، لأنه من غير المتصور أن بلدا مثل السعودية والبحرين تناقش تقرير مجلس القضاء الأعلى، بينما الكويت لا يزال الموضوع فيها سريا، مؤكدا أن هذا الأمر غير مبرر وغير مقبول.

وعن جدوى القوانين الأخيرة، تساءل: «هل القوانين الصادرة بعد الغزو مجدية أم لا؟»، وضرب مثالاً على ذلك بقانون حماية المال العام، فهل استطاع هذا القانون حماية المال العام أم أن جرائم التعدي على المال العام ازدادت وقل عدد المدانين؟

وسأل الغريب: «هل دان قانون محاكمة الوزراء الوزراء أم أنهم لم يحاكموا محاكمة جدية رغم مرور 30 سنة على مثل هذا القانون من شأنها أن تحقق الردع العام أو الخاص؟».

وطالب في هذا الصدد بنشر تقرير المجلس الأعلى للقضاء، لأن من شأن ذلك أن يضع مزيدا من الضغوط على الأطراف السياسية المتحكمة في مصنع التشريعات لمواجهة أي خلل.

وأضاف: «يبقى سؤال مهم هو: هل تحاكي التشريعات الموجودة المستوى الاجتماعي أم هي متطورة أكثر من التطور البشري في المجتمع؟»، مبينا أن الدستور، وهو أبو القوانين في الكويت، يعطي صلاحيات للسلطات الثلاث، لكن الواقع يقول إن السلطة التنفيذية مستحوذة على صلاحيات السلطتين الأخريين، فإذا كان هذا هو حال الدستور فما بالك ببقية القوانين؟

إنشاء الدوائر

وعما إذا كنا جاهزين للقوانين التي صدرت خلال السنوات العشر الأخيرة وخصوصا قانون محكمة الأسرة، قال حمود الظفيري: «لما صدر قانون محكمة الأسرة في 2015 كنت مديرا للمحكمة الكلية، ثم انتقلت إلى إدارة الخدمات، وأصبح لدي إلمام بعمل الجهتين من ناحية إنشاء الدوائر ومن ناحية توفير مبانٍ للتقاضي».

وأضاف: «شكلت لجنة في ذلك الوقت وعملت حينها على مراكز الرؤية التي تشتمل على جميع ما يتعلق بمحكمة الأسرة من بداية رفع الدعوى حتى تنفيذها، وكذلك موضوع صندوق الأسرة الذي كان يتطلب إيجاد مبان له».

وبين أنه بعد أكثر من اجتماع لها أوصلت اللجنة إلى وزير العدل آنذاك يعقوب الصانع الرأي بأنها لا تملك المدة الكافية لتوفير المباني المطلوبة، إذ تتطلب كل محافظة 4 مبان غير مركز الرؤية، وتتضمن هذه المباني نيابة الأسرة ومحكمة الأسرة والاستئناف والتمييز والتوثيق والاستشارات الاسرية، ولهذه المباني شروط معينة من حيث المساحة ومواقف السيارات.

رؤية واقعية

وأكد الظفيري أن ما سبقه يدل على أن القوانين صدرت بدون رؤية إدارية وواقعية، موضحا أن المستشار فيصل المرشد كان يجتمع في هذا الصدد مع المعنيين لمعرفة مدى إمكانية فتح دوائر قضائية جديدة في العام الجديد من عدمه.

وذكر أن هناك عوائق كثيرة أمام هذا الأمر فبعض المباني قد لا يوجد لها موظفون، موضحا أن منطقة مثل صباح السالم بها مبنى كامل لا يوجد به أي موظفين، لدرجة أن وزارة العدل سكنت في هذا المبنى الخبراء بعد تعيينهم.

ولفت الى أن نيابة الأحوال الشخصية كذلك موجودة في العاصمة، مضيفا أن قضايا أسواق المال مازالت تنظر أمام المحاكم الموجودة، «وأعتقد أن نص القانون يشير إلى أن محكمتها المختصة بالعاصمة»، وذلك من الأسباب التي تؤدي إلى التأخير في الحصول على المباني.

المحور الثالث: هل يكفي عدد القضاة الكويتيين للفصل في النزاعات القضائية؟ وهل الكويت مستعدة للاستغناء عن العنصر الأجنبي؟

من جانبه، قال المستشار العنزي إن عدد القضاة الكويتيين لا يكفي رغم كثرة التعيينات، «ومازلنا في حاجة إلى قضاة جدد»، مؤكدا صعوبة الاستغناء عن العنصر الأجنبي في القضاء على المدى المنظور، «لأننا بحاجة إلى الخبرات وإلى الكوادر في حد ذاتها».

وشدد على أنه رغم تدني مستوى الخبرات المستعان بها فإن الحاجة إليهم ضرورة، مطالبا بضرورة تثقيف المجتمع بأنه لا ضرورة للذهاب إلى القضاء في كل صغيرة وكبيرة، وبين أن الجامعة العربية تبنت مشروعا عن التصالح من شأنه تخفيف عدد القضايا والنزاعات، لكنه للأسف لم ير النور.

وأوضح أن قانون الجزاء يتضمن النص على أن المحقق في قضايا الحق فيها أقل من 50 دينارا يستطيع أن يصلح بين المتنازعين دون الحاجة إلى الذهاب إلى المحكمة، مطالبا بتفعيل هذا الأمر، وأكد أن مكاتب الاستشارات الأسرية حلت الكثير من المشاكل في بدايتها، لكن دورها الآن أصبح إداريا بحتا.

مضاعفة القضاة

ورأى د. فيصل الكندري أن زيادة عدد القضاة أمر لابد منه، مطالبا بضرورة رفد القضاء بأعضاء من خارج النيابة العامة، مثل إدارة الفتوى والتشريع و»المحامين» والإدارة العامة للتحقيقات، فالخبرات الموجودة في هذه الأماكن جيدة ويمكن صقلها بالدورات والتدريب.

وأكد الكندري أن الكويت غير مستعدة حاليا للاستغناء عن العنصر الأجنبي، مطالبا بضرورة أن يطور القضاء نفسه بنفسه، والحد من عدد القضايا التي تصل إلى المحاكم بجميع أنواع التشريعات الممكنة، ومنها قانون التصالح، فنحن بحاجة إلى تطبيق التصالح بين الأفراد والتصالح مع القضاء والنيابة العامة، وذلك في قضايا معينة كقضايا الأموال العامة عند حدود معينة.

معاقبة المقصر

بدوره، رأى المحامي حسين الغريب أن هناك وسائل وعلاجات متاحة لمشكلة قلة عدد القضاة وزيادة الدعاوى دون الحاجة للتدخل التشريعي، منها مكافحة التنصل من الالتزامات، إذ يجب قمع الموظف غير الملتزم وعقابه على تقاعسه، حتى لا يكون بطء العدالة ملاذا له، مما يسبب زيادة عدد القضايا.

وطالب بضرورة احترام المبادئ التي أرستها محكمة التمييز والمحكمة الدستورية، فتفسير الأخيرة للأعمال العدائية يختلف عن تفسير «التمييز» ومحاكم الجزاء، مما يسبب زيادة عدد القضايا.

وبين أن من الأسباب أن المحاكم الإدارية في مسائل معينة ترسي مبادئ مثل مسألة المديونيات الصعبة، وتأتي دائرة إدارية وتقضي بعدم قبول القرار السلبي، ثم تفصل «الاستئناف» و»التمييز» في الموضوع بأن تقضي الأولى بعدم قبول القرار، وتقرر الثانية قبوله.

تعارض المبادئ القضائية

وذكر الغريب أن المثال الآخر على تعارض المبادئ القضائية للمحكمة الواحدة موضوع الجنسية، إذ أرست محكمة التمييز مسألة الجنسية منذ عام 2007، وتمضي فيها قدما، غير أن المحكمة ذاتها تراجعت عن مبدئها لا عن طريق اجتماع الدوائر بل في كل دائرة على حدة، مؤكدا أن كل هذه الأمور توصل شعورا إلى المتقاضين بأنهم سيحصلون في كل مرة يذهبون فيها إلى المحكمة على مبادئ، وسيعودون منها بمبادئ أخرى.

وعن اختيار القضاة، بين أن البوابة الوحيدة لذللك حاليا هي النيابة، عن طريق عملية اختيار تجرى كل عام، ثم نفاجأ في كل مرة باستبعاد شريحة من المتقدمين تمتلك إمكانات غير عادية بحجج لا يمكن تفسيرها، وحتى إذا لجأ هؤلاء المستبعدون إلى القضاء الإداري فسنجد جهة الإدارة لا تقدم أسبابا لاستبعادهم، مؤكدا ان تلك الممارسات غير مفهومة، وكأن السلطة القضائية تطغى في اعتبارات اختيار عناصرها المسائل الاجتماعية على الموضوعية.

العنصر الأجنبي

من جانبه، رأى الظفيري أن عدد القضايا في ازدياد كبير، إذ تستقبل المحاكم ما يعادل 700 قضية يوميا، وفي العاصمة تستقبل المحاكم من 400 إلى 450، وفي المقابل يقبل من أعضاء النيابة في القضاء من 2 إلى 30 عضوا كل عام، ونحو 3 إلى 4 قضاة يتم تعيينهم من خارج النيابة.

وشدد الظفيري على أنه من الصعب في الوقت الحالي الاستغناء عن العنصر الاجنبي في القضاء الكويتي.

ضباط الدعاوى

وفي ختام الحلقة، أكد المستشار العنزي أن تعطيل الدعاوى يبدأ من ضباط الدعاوى، ثم قسم الجدول، فقسم الإعلان، ثم أمناء السر، إلى أن يصدر الحكم ثم يتعطل تنفيذه في إدارة التنفيذ، مشددا على أن المنظومة القضائية كلها تساهم في عملية عرقلة التقاضي.

وأهاب العنزي بالسلطتين التشريعية والتنفيذية النظر بعين الاعتبار لما دار في هذه الحلقة من نقاش والاستفادة منها أو تنظيم ندوات بشكل موسع واستضافة متخصصين فيها لإفادة الوطن.

من جانبه، أكد الظفيري أن الكل في الوطن يسعى إلى العدالة الناجزة، أما البطيئة فهي تعني الظلم، مطالبا بإعادة النظر في درجات التقاضي وفي عملية التصالح قبل الذهاب إلى المحكمة، وإعادة صياغة ثقافة الشعب.

الأجهزة المعاونة

وقال الغريب إن الأجهزة المعاونة للقضاء تتمثل في شريحتين، الأولى هي الأجهزة الحكومية التي تتمثل في إدارات وموارد بشرية يتوقف مدى نجاحها على قدرة مديرها، والأخرى هي شريحة المحامين.

وأكد أن هناك خللا كبيرا في شريحة المحامين، فالجهة المسؤولة عن المحامين هي الجمعية إلى جانب القضاء، مطالبا بضرورة اختيار المحامين الأكفاء وتنقيتهم من مدعي المهنة، وهي مسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق الجمعية.

وذكر أن للقضاء دورا كذلك في مراقبة المحامين، فقانون المحاماة يعطي للقضاء الحق في إحالة أي محام يرتكب مخالفة غير جزائية للتأديب، وهو الأمر الذي يجب تفعيله، مستغربا قلة عدد القضاة الكويتيين رغم أن المحاكم الكويتية أنشئت بشكلها الحديث عام 1956، وبدأت كلية الحقوق تخريج المؤهلين منذ عام 1970.

بدوره، أكد الظفيري ضرورة تعيين الموظفين في سلك القضاء وفق قواعد معينة بعيدا عن الواسطة.

العنزي: تقارير مجلس القضاء غير مفعلة

قال المستشار أنور العنزي إن المجلس الأعلى للقضاء يقدم تقاريره السنوية إلى وزير العدل، لكن تلك التقارير غير مفعلة ولا يؤخذ بها من جانب السلطة التنفيذية، التي لديها أداة تقديم مشروع القانون للسلطة التشريعية التي تملك أداة تقديم الاقتراحات بقوانين.

وأضاف: «لا أحد ينتبه لتلك التقارير، كما أن بعض الأحكام تطرقت إلى ضرورة تعديل بعض التشريعات وأهابت بالسلطة التشريعية التصدي للنقص التشريعي أو تعديل التشريع، ومنها قانون محاكمة الوزراء الذي يتضمن نصا يمنع المحكمة من التعليق على قرارات لجنة التحقيق الدائمة مع الوزراء بالنسبة للحفظ، وقد صدر حكم من 20 عاما أهاب بالمشرع تعديل ذلك النص وحتى اليوم لم يتم التعديل».

وعما أثير بشأن حكم المحكمة بتعويض القاضي الذي قدم فيه طلب رد، وعدم الحكم بتعويض الخصم، أوضح أن القضاة ليسوا خصوما أصلا، بل هم حكام لا يستطيعون الرد على الخصوم في الجلسة، ولا يوجههم، لذلك فإن وسيلتهم الوحيدة هي اللجوء للقضاء لطلب التعويض، أما الخصم فبإمكانه في ذات الدعوى أن يرد على خصمه ويقتضي حقوقه منه.

الغريب: التصالح في قضايا المال العام خطير

أكد المحامي حسين الغريب أن التصالح في قضايا الاعتداء على المال العام يمثل وسيلة للتشجيع على ذلك، إذ يتيح للمتعدي الفرصة للظفر بالمال العام، لأنه يأمن العواقب، إذ سيتم التصالح في القضية.

الحلول المقترحة

قدم الحاضرون في الحلقة مجموعة من الحلول لقضية بطء العدالة والتأخير في التقاضي، تتمثل في:

• مراجعة شاملة لكل التشريعات المنظمة للتقاضي، بما فيها قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، بما يسمح بإيجاد منظومة جديدة للتقاضي، وتكون عبر لجنة من المختصين في علوم القانون.

• الاستفادة من التكنولوجيا في إجراءات التقاضي وإزالة النصوص التي تعوق استخدامها.

• إدخال تعديلات إلى قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي، بما يسمح بإمكانية الانتهاء من إجراءات التقاضي والصلح أمام جهات التحقيق الجزائية، وإعادة النظر في أداء عمل مكتب شؤون العمالة بوزارة الشؤون، واللجان المكلفة بفحص التظلمات الإدارية التي يقيمها الموظفون ضد الجهات الادارية.

• إصدار قانون يسمح بالتصالح مع المتهمين في القضايا الجزائية، والتنازل عن القضايا بعد تحديدها، بما يعيد للدولة جميع حقوقها المالية، وكل التعويضات المناسبة، والحد من فكرة الإحالة للقضاء.

• زيادة أعداد القضاة والمستشارين لمواجهة الزيادات الكبيرة للقضايا، بما يسهم في تقليل الدعاوى المنظورة.

• ضرورة إنهاء العمل بالإدارة العامة للتحقيقات، وإعطاء النيابة العامة الحق في التحقيق بكل الجرائم.

• إعلان تقارير مجلس القضاء السنوية بشأن التشريعات أمام الرأي العام، والتي يعدها مجلس القضاء بشأن موقفه من التشريعات.

• إعادة النظر في إصدار التشريعات التي تتعلق بالقوانين الجديدة، والتي تخص إنشاء المحاكم وتنظيم بعض الحقوق.

وجود المحاكم لإرساء العدالة بين الناس ويجب أن تكون أعمالها غير سرية

ضرورة تثقيف المجتمع بعدم الذهاب إلى القضاء في كل صغيرة وكبيرة

احترام مبادئ المحكمة الدستورية والتمييز يضمن سرعة الفصل في القضايا

على القضاء أن يطور نفسه بنفسه... وتفعيل قانون التصالح بين المتخاصمين ضرورة

الإعلان الإلكتروني وسيلة لتقليل مشاكل الإعلان القضائي

قانون إنشاء محكمة الوزراء غير جدي ومنذ 30 عاماً لم يُدن وزير

أصحاب الرأي يحاكمون على قوانين الصحافة والمرئي وتقنية المعلومات والوحدة الوطنية وأمن الدولة والواجب محاكمتهم على قانون واحد

مطالبات بإنهاء عمل إدارة التحقيقات وإعطاء النيابة العامة حق التحقيق في جميع الجرائم
back to top