إذا كانت عودة وزارة الإعلام هي العنوان الأبرز للتعديل الحكومي الذي شهدته مصر أمس الأول، فإن أسامة هيكل الذي تولى المنصب الملغى منذ سنوات هو الرجل الأهم في هذا التعديل.

يعود هيكل إلى المنصب الذي تولاه من قبل بعد ثورة يناير 2011 لكن في ظروف مختلفة هذه المرة، فالإعلام المصري صار الثغرة الاكثر وضوحاً، حتى شكا الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه مرات عدة من ضعف الأداء الإعلامي لا بمواجهة القنوات المعادية فقط، وإنما الأهم أمام شائعات شبكات التواصل التي لا تكف عن الثرثرة على مدار الساعة، كما لا يتوقف المعارضون في المقابل عن انتقاد إعلام "الصوت الواحد" متهمين رجال الأجهزة غير المتخصصين بالتدخل في تحديد سياساته وأولوياته.

Ad

من البرلمان إلى الوزارة

ويأتي هيكل إلى موقع وزير الدولة لشؤون الإعلام من البرلمان الذي انتخب فيه رئيساً للجنة الإعلام مع رئاسته لمدينة الإنتاج الإعلامي، وقبل كل ذلك بخبرات صحافية ممتدة في صحيفة "الوفد" التي كان محررها العسكري، مما سهل ترشيحه في المرة الأولى لدخول التشكيلة الحكومية في ظل قيادة المجلس العسكري للبلاد بعد الثورة. تلك الخبرات المتنوعة سيحتاج إليها الوزير لا شك في مهمته الصعبة لإعادة تعويم سفينة الإعلام المصري المليئة بالثقوب.

ويعلم أسامة هيكل قبل غيره أن إعلام مصر لم يعد في ذات المكانة التي احتلها طوال عشرات السنين كقاطرة للثقافة والفنون في المنطقة العربية كلها، ففقد كثيراً من المتابعين، وانصرف قطاع من جمهوره التقليدي إلى منافسين بدوا أكثر حداثة وقدرة على مخاطبة الأجيال الجديدة. ويدرك أكثر من غيره أن المتربصين بتجربته لا يستهان بهم، وأن النجاح في مواجهتهم يتطلب أولاً تحرير الإعلاميين من الخوف، وتحصينهم من مصدري الأوامر.

وواجه الوزير العائد إلى الوزارة أولى المشكلات في يومه الأول بتصريحات غير ودية صدرت عن رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد يتساءل فيها عن صلاحيات وزير الدولة في إدارة الإعلام، بينما ينص الدستور على مسؤولية المجلس ويحدد سلطاته، وتأتي هذه التصريحات رغم فشل المجلس الواضح في ادارة دفة مئات الصحف والمواقع والقنوات التلفزيونية.

تعدد الأصوات

المعارضون لم يرحبوا من جهتهم بعودة وزارة الإعلام وشككوا في وجود نوايا حقيقية للإصلاح، والسماح بتعدد الأصوات، وهو تحد حقيقي سيكون على هيكل أن يخوضه لطمأنة المخاوف وتبديد الشكوك.

ويقول إعلاميون عملوا مع أسامة هيكل إنه الأجدر بالموقع في المرحلة الحالية، فخلفيته الليبرالية خلال عمله في "الوفد" مع انضباطه كـ"رجل دولة" حقيقي تجعله الأقدر على الموازنة بين كل تلك التحديات والتناقضات، وتصويب المسار.