أضواء على آية المداينة
يرى كثير من المفسرين أن آية المداينة جاءت في أواخر سورة البقرة بعد أن حثت كثير من الآيات التي سبقتها المسلمين على الصدقات والإنفاق في سبيل الله وتحريم الربا، كي لا يتبادر إلى الأذهان أن جمع المال وتكوين الثروات من الأمور المكروهة في الإسلام، بل الإسلام حث المسلمين على طلب الرزق ولكن بالطرق المشروعة.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ". (البقرة، 282). إن آية المداينة أطول آية في القرآن، وجاءت في أواخر سورة البقرة، حيث بلغ رقمها 282 في حين بلغت عدد آيات البقرة 286. لا نريد في هذا المقال أن نشرح معنى الآية وما تضمنته من أحكام، بل نريد توضيح الأسباب التي جعلت الإسلام يحث المسلمين على كتابة الدَّين والإشهاد عليه، وأن يقوم بكتابة ذلك الدَّين كاتب يتصف بالعدل والقدرة على صياغة العقود، وأن يملي المدين على الكاتب اعترافا منه بالدين الذي أخذه والمدة التي سيرد هذا الدين لصاحبه، ويجب أن يكون المدين قادرا على السداد، فلا يماطل في تسديد دينه، وكيف نستفيد من هذا في حياتنا اليومية؟
يرى كثير من المفسرين أن هذه الآية جاءت في أواخر سورة البقرة بعد أن حثت كثير من الآيات التي سبقتها المسلمين على الصدقات والإنفاق في سبيل الله وتحريم الربا، كي لا يتبادر إلى الأذهان أن جمع المال وتكوين الثروات من الأمور المكروهة في الإسلام، بل الإسلام حث المسلمين على طلب الرزق ولكن بالطرق المشروعة. ونظر الإسلام إلى المال على أساس أنه عصب الحياة، وأهم عامل من عوامل التقدم، فلا تستطيع الدول أن تتقدم وتنهض إلا بتوافر المال للإنفاق على المشاريع الزراعية والصناعية والخدمات، لذلك حث الإسلام المسلمين على الحفاظ على المال وحرم الإسراف والتبذير، وطالب بوضع حجر على السفهاء الذين لا يقدرون قيمة المال على أن تستثمر تلك الأموال، وينفق على السفيه من ريع تلك الأموال "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا". (النساء- 5)، كما طالب الإسلام المسلمين بالحفاظ على أموال اليتامى الصغار واختبارهم عند بلوغ سن الرشد، فإذا أثبتوا قدرتهم على إدارة أموالهم يجب دفعها لهم، حيث قال سبحانه: "وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ". (النساء، 6).ولعلنا نستفيد من هذا كله بأن الأموال العامة والخاصة مهمة ويجب الحفاظ عليها، والإنفاق منها بالطرق السليمة، ونود في آخر المقال الإشارة إلى مشكلة من يطالب بإسقاط القروض، فمن يطالب بذلك يريد من الدولة أن تسدد عنه دينه، فلا يحق للدولة أن تسدد تلك الديون، لأنها ستأخذ من المال العام، فالبنوك التي أقرضت المدينين عالمة بقدرتهم على السداد، وأثبتت الدراسات التي أجريت قدرة المدينين على السداد وما يقومون به نوع من المماطلة والخداع، وهو نوع من الاحتيال، فلا يجوز الاستماع إلى تلك الأصوات.