ناريندرا مودي يقسم الهند للمرة الثانية
ضاعفت حكومة مودي عجزها الاقتصادي بتهورها السياسي، فأغرقت الهند في حالة اضطراب، وبسبب عدم اليقين والتعصب الذي أدى إلى تراجع البلاد، فقدَ أولئك الذين طالما أعجبوا بالنموذج الهندي القدرة على الكلام.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
إن الآثار- الدستورية، والسياسية، والاجتماعية، والأخلاقية- المترتبة عن خيانة حكومة مودي لهذه الفكرة الأساسية، عميقة، إذ بموجب مشروع القانون الذي حصل على الموافقة، قد يعتبر المهاجرون المسلمون غير شرعيين، وإلى جانب خطة الحكومة لإنشاء سجل وطني أكثر إشكالية للمواطنين، ستتمكن السلطات من تهميش أي مسلم هندي غير قادر على إثبات أصله في الهند، إذ يفتقر العديد من السكان في الهند، وخاصة الفقراء منهم، إلى أدلة وثائقية تثبت مكان ولادتهم؛ ولم تنتشر شهادات الميلاد إلا في العقود الأخيرة، وفي حين أن غير المسلمين، سيحصلون، بفضل مشروع القانون الموافق عليه، على تصريح دخول مجاني، فإن نظراءهم المسلمين الذين لا يحملون وثائق رسمية، سيتحملون فجأة مسؤولية إثبات انتماءهم للهند.وهذا يعتبر خروجًا يقطع الأنفاس، من سبعة عقود من إدارة مجتمع يتمتع بتنوع ثقافي هائل، وأعجب الأجانب- بمن فيهم الرئيس، جورج دبليو بوش- بحقيقة أن الهند لم تنتج أي دولة إسلامية، أو أعضاء في تنظيم القاعدة، على الرغم من كونها موطنًا لـ180 مليون مسلم، وأشار مسؤولون في الهند، بفخر، إلى أن ذلك يرجع إلى أن الديمقراطية الهندية أعطت المسلمين حصة متساوية في رفاهية البلاد، ولم يعد بإمكاننا قول ذلك الآن.ولم يكن لدى الهند الديمقراطية يوما، اختبار ديني للحصول على الجنسية، كما شغل المسلمون مناصب رؤساء، وجنرالات، ورؤساء الوزراء، وحكام الولايات، وسفراء، وكبار قضاة المحكمة العليا، ورؤساء فرق رياضية وطنية. إن التعصب الديني الذي أدى إلى الانقسام، وإنشاء باكستان، قد انعكس الآن في الهند التعددية، وكما قلت لزملائي البرلمانيين، كان ذلك تقسيما لتراب الهند؛ واليوم فهو تقسيم لروح الهند.ومن الآثار الحتمية التي ترتبت عن هذا القانون، اندلاع احتجاجات جماهيرية، لا سيما في الولايات الشمالية الشرقية على الحدود مع بنغلادش، حيث يخشى السكان المحليون من أن يغمرهم المهاجرون الهندوس البنغلادشيون، ذوو الجنسية السريعة؛ وفي ولاية البنغال الغربية ودلهي، حيث يخشى المسلمون من تعرضهم لتدهور مناخ الشك؛ وبين المسلمين والعلمانيين على الصعيد الوطني. ورغم أن الاحتجاجات كانت سلمية في الغالب، ردت السلطات بالقوة، إذ قُتل أربعة متظاهرين بالرصاص في ولاية أسام (وقتل اثنان آخران في الفوضى)، وفُرض حظر التجول، وغزت الشرطة الجامعات، وعُلقت خدمات الإنترنت والهاتف في بعض المناطق، وأصيب أكثر من 100 شخص، وسيستغرق هذا الجرح الذي سببته الهند لنفسها، وقتًا طويلاً للشفاء.وحاول مودي خلال فترة ولايته الأولى في منصبه، إنشاء الهندوسية بلا هوادة، ولكن بشكل يجعلها جذابة للمستثمرين العالميين، وبعد ستة أشهر من ولايته الثانية، يبدو أنه تخلى عن الهدف الأخير، إذ في وقت يتراجع فيه الأجانب المرعوبون بسبب مشاعر الإسلاموفوبيا الصارخة، التي تظهر في أعلى المراتب في حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة مودي، فقد ركز هذا الأخير على تجريم الطلاق المثلث في الطلاق الإسلامي، وسعى جاهدا إلى بناء معبد هندوسي في موقع تعرض فيه مسجد، يبلغ من العمر 470 عامًا، للهدم من قبل متظاهرين هندوس عام 1992، وإلى تغيير الوضع الدستوري للأغلبية المسلمة، جامو وكشمير، واحتجاز قادتها السياسيين. إن قانون الجنسية الجديد هو مجرد لبنة أخرى من لبنات التعصب الرسمي.إنه تعصب يجعل الهند معزولة بشكل متزايد، إذ ألغى رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، على الفور، زيارة إلى الهند في أعقاب سن قانون الجنسية، وكذلك اثنان من وزراء بنغلادش، لقد بدأ المستثمرون الأجانب بالانسحاب، وذلك بسبب سوء إدارة مودي للاقتصاد، والذي لم يتعاف أبدًا من الضربات الكارثية المتمثلة في الممارسات الشيطانية غير المسؤولة، والتطبيق الفاشل لضريبة السلع والخدمات على مستوى البلاد. وأصبحت البنوك مثقلة بالديون المعدومة، وأصبح القطاع العام يهدر الأموال، وبدأت مصانع السيارات تغلق أبوابها، ووصلت البطالة إلى أعلى مستوى لها منذ 46 عاماً، وأصبح المزارعون ينتحرون بأعداد قياسية.والآن، ضاعفت حكومة مودي من عجزها الاقتصادي بتهورها السياسي، فأغرقت الهند في حالة اضطراب. وبسبب عدم اليقين والتعصب الذي أدى إلى تراجع البلاد، فقدَ أولئك الذين طالما أعجبوا بالنموذج الهندي القدرة على الكلام غير مصدقين، ونظرا لكون الحكومة غاضبة من الافتراضات الأساسية للجمهورية الهندية، فإن الخوف غير المعلن بين الديمقراطيين في البلاد، هو أن القادم أسوأ.* شاشي ثارور وكيل الأمين العام للأمم المتحدة سابقا، ووزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية، ووزير الدولة لتنمية الموارد البشرية، ونائب برلماني في حزب المؤتمر الوطني الهندي.«بروجيكت سنديكيت، 2019» بالاتفاق مع «الجريدة»
شينزو آبي واثنان من وزراء بنغلادش ألغوا زيارة إلى الهند في أعقاب سن قانون الجنسية
إن قانون الجنسية الجديد هو مجرد لبنة أخرى من لبنات التعصب الرسمي
إن قانون الجنسية الجديد هو مجرد لبنة أخرى من لبنات التعصب الرسمي