غداة إصدار المحكمة الاتحادية العليا في العراق توضيحاً غير حاسم بشأن تعريف "الكتلة البرلمانية الأكبر"، بدا أن النزاع الدستوري والسياسي حول "الكتلة الأكبر"، التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء الجديد خلفاً للمستقيل عادل عبدالمهدي، أصبح مستعصيا على الحل، في ظل تقاذف المسؤوليات بين المؤسسأت.

وبعد تقارير عن إرسال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي كتاباً إلى رئيس الجمهورية برهم صالح يعلمه فيه أن تحالف "البناء الفتح" بقيادة هادي العامري هو "الكتلة الأكبر"، خرج النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي، وهو من التيار الصدري، ليؤكد أنه "لا أثر قانونيا لأي كتاب موجّه إلى الرئيس صالح، سوى الذي شكّلت به حكومة عبدالمهدي المستقيلة"، في خطة تظهر تباين المواقف داخل هيئة رئاسة المجلس.

Ad

ونفى الكعبي إرسال كتاب جديد إلى رئيس البلاد حول "الكتلة الأكبر"، داعيا صالح الى تكليف رئيس جديد للحكومة من دون الالتفات الى "الكتلة الأكبر".

جاء ذلك بينما جدّد تحالف "سائرون"، الذي يرعاه رجل الدين البارز مقتدى الصدر، الإعلان أمس أنه يعتبر نفسه "الكتلة الأكبر"، مذكرا بأنه فوّض صلاحية تسمية رئيس جديد للحكومة للمحتجين.

وكان صالح قد وجّه، الأحد الماضي، خطاباً إلى مجلس النواب، لتحديد الكتلة الأكبر عدداً، تمهيداً لتكليف مرشحها لتشكيل الحكومة المقبلة.

وفي اليوم نفسه، رشّح تحالف "الفتح"، وزير التعليم العالي بحكومة تصريف الأعمال، قصي السهيل، لتشكيل الحكومة، لكن الاحتجاجات التي انطلقت مطلع أكتوبر الماضي، تأججت رفضاً له، خاصة مع تلميح الصدر برفضه.

ووسط أنباء عن إصرار "الفتح"، الذي يضم فصائل شديدة الصلة بإيران على مرشح يسميه هو، أعلنت المرجعية الدينية العليا في النجف، أنها "لا تؤيد ترشيح أي من السياسيين السابقين، الذين تولوا السلطة خلال السنوات الماضية، لمنصب رئيس الحكومة".

ونشر موقع "العتبة الحسينية" التابع للمرجع الأعلى السيد علي السيستاني، بيانا جاء فيه: "علّق مصدر مقرّب من المرجعية الدينية على ما ذكره بعض النواب في وسائل الإعلام من أن المرجعية سمّت عدداً من السياسيين، ورفضت اختيار أي منهم لموقع رئاسة الوزراء قائلا: إن هذا الخبر غير دقيق".

ولم تنخرط المرجعية بصراع تحديد الكتلة الأكبر، مؤكدة أنها المخولة بتسمية رئيس الوزراء المقبل، إلا أنها وضعت خطّا أحمر لدعم أي مرشّح مقبل، مؤكدة أنها "لا تؤيد رئيس الوزراء القادم إذا اختير من السياسيين الذين كانوا بالسلطة في السنوات الماضية، بلا فرق بين الحزبيين منهم والمستقلين، لأنّ معظم الشعب لم يعد لديه أمل في أي من هؤلاء في تحقيق ما يصبو إليه من تحسين الأوضاع ومكافحة الفساد".

في هذه الأثناء، كشف مصدر سياسي، أمس، عن عزم الكتل السياسية عقد اجتماع وصفه بالحاسم لاختيار مرشح رئاسة الحكومة. وقال المصدر إن "هناك ترجيحات باختيار شخصية مستقلة".

وذكر مصدر آخر، أن الكتل السياسية بدأت تتداول اسم وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي، لترشيحه إلى رئيس الجمهورية.

وقال المصدر المطلع إن "علاوي حصل على إشارات مبدئية من سائرون لترشيحه، في حين تقرر بدء حوارات مع الكتل السياسية الأخرى، لإقناعها بترشيحه".

في غضون ذلك، مرر مجلس النواب امس قانون الانتخابات الجديد الذي يوصف بأنه أكبر إصلاح تقدمت به السلطات تحت ضغط الاحتجاجات الدامية ضد الطبقة السياسية التي أسفرت عن سقوط 520 قتيلا وآلاف الجرحى، وتخللها أعمال عنف وإحراق مقار أحزاب وميليشيات موالية لطهران.

في السياق، اتفقت لجنة التعديلات الدستورية بالبرلمان، مع وفد أممي على آليات عمل تتيح لخبراء المنظمة الدولية المشاركة في اجتماعات اللجنة، وتقديم الدعم الفني والخبرات والآراء.

جاء ذلك خلال استضافة لجنة التعديلات الدستورية، أمس، وفدا من الأمم المتحدة ضم خبراء ومختصين في مجال كتابة الدستور.

من جانب آخر، أقدم المتظاهرون مجدداً، أمس، على قطع طرقات ومواصلة إغلاق غالبية الدوائر الرسمية في جنوب البلاد، احتجاجا على ترشيح رئيس وزراء سبق أن كان جزءاً من السلطة.

وبمجرد أن تم تداول اسم محافظ البصرة، أسعد العيداني، انتفض المحتجون في المحافظة النفطية الجنوبية، وأغلقوا الطرقات الرئيسية المؤدية إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير لساعات عدة، لكن ذلك لم يؤثر على سير العمل فيهما.

وقطعت الطرقات في الناصرية والديوانية والحلة والكوت والنجف جنوباً، في وقت أدت الإضرابات إلى منع الموظفين من الوصول إلى أعمالهم، وإغلاق أبواب المدارس.

وأعلنت محافظة بغداد تعطيل العمل بالمدارس وعدد من الجامعات والمؤسسات غداً، في حين أكدت قيادة شرطة النجف الأشرف، أن المؤسسات الحكومية والمقار مؤمّنة بشكل كامل، ونفت تقارير عن استهداف أحد المقار في الكوفة بالمولوتوف.