تخفي شابات هنديات هوياتهن على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتمكّن من التعبير عن أنفسهن، بينما يتعرّضن لهجوم حاد من عائلاتهن جراء مواقفهن من قانون الجنسية الجديد الذي أشعل حربًا بين أفراد العائلات على «واتساب».وكان الشباب، خصوصًا النساء، في واجهة موجة الاحتجاجات على القانون التي قتل فيها 25 شخصًا خلال أسبوعين تقريبًا، لكن قد يحمل ذلك مخاطر في مجتمع محافظ.
فمثلاً، عندما تشارك بريا (20 عاماً) في التظاهرات بنيودلهي، يحلّ خوفها من شرطة مكافحة الشغب في المرتبة الثانية بعد رعبها من أن يكتشف والدها الهندوسي المتعصّب أمرها ومنعها من مواصلة تعليمها.وتقول بريا إن والدها «يحمل هذه الكراهية فقط للمسلمين الذين يحمّلهم مسؤولية كل فرصة ضاعت عليه في حياته». وتضيف: «حاولت كثيراً التحدث إليه. لكن كل حديث بيننا ينتهي بتهديده بإخراجي من الجامعة وتزويجي».وينعكس الوضع الذي تعيشه على موائد الطعام الهندية وفي المحادثات على تطبيق «فيستايم» وفي المجموعات العائلية على «واتساب»، في إطار ما تحوّل إلى أكبر تحدٍ يواجهه رئيس الوزراء ناريندرا مودي منذ وصل إلى السلطة سنة 2014.وتقول بريا «يمطرني والدي على واتساب بأخبار وتسجيلات مصورة كاذبة، إنه أمر محبط حقًا».وكانت ترد عليه بإرسال روابط مواقع لتقصّي الحقائق، قبل أن تجبرها تهديداته بمنعها من مواصلة تعليمها على إخفاء وجهات نظرها السياسية.وتشير إلى أن أباها لا يعرف شيئًا عن حسابها على «تويتر»، حيث تستخدم لقبًا يخفي هويتها.وبحسب رئيس تحرير موقع «يوث كي أواز» المعني بشؤون الشباب في الهند أنشول تيواري، فقد قلبت هذه الحروب على «واتساب» العلاقات الشخصية.وقال: «يهتم الشباب اليوم بشكل كبير بأن يكون لهم صوتهم وأن يعبّروا عنه»، مشيراً في هذا الصدد إلى التظاهرات المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ، والمسيرات بشأن تغيّر المناخ حول العالم.لكن بخلاف أقرانهم في أنحاء العالم، على الهنود إيجاد طرق للتعبير عن أنفسهم في إطار ثقافة تولي أهمية كبرى لسلطة الأهل.ويقول تيواري «في كثير من الحالات، يشعر الأهالي الهنود بأن لديهم الحق في تقرير من على أبنائهم أن يحبّوا وكيف يعيشون، وحتى كيف عليهم أن يفكّروا». وأضاف أن هذا الشعور بالسيطرة يصبح أكثر وضوحًا عندما يتعلّق الأمر بحياة النساء الشابات.وتصف سويتا باغاريا (اسم مستعار - 27 عامًا) نفسها بأنها الشخص المنبوذ في عائلتها، بسبب إصرارها على الحصول على وظيفة، وهي الأولى في عائلتها التي تقوم بذلك.وتتهم باغاريا والديها الهندوسيين المحافظين بإيذائها جسديًا وماليًا، إذ يسيطران على حسابها المصرفي ويضربانها، ويرفضان إعطاءها الوثائق التي تحتاج إليها لاستئجار شقة.وعلى غرار بريا، انخرطت محررة الفيديو في بومباي بشكل نشط في التظاهرات ضد قانون الجنسية الذي تعتبره «انتهاكا جسيمًا لحقوق الإنسان».وتسببت مواقفها بتعميق الفجوة بينها وبين والديها، إذ تعتبرهما «متعصبين» وغير مستعدين لتوظيف مسلمين أو التعامل معهم.وقالت: «كنت أشعر بالوحدة إلى أن عثرت هذا العام على مجموعة على تويتر يعيش أعضاؤها النزاعات نفسها في منازلهم»، مشيرة إلى أن هؤلاء تحوّلوا إلى «عائلة بديلة».وقالت: «في نهاية المطاف، أدرك أن الصعوبات التي أواجهها هي لا شيء بالنسبة لما يمرّ به آخرون في هذا البلد، خصوصا المسلمين».ومنذ اندلعت الاحتجاجات، شاركت باغاريا الناشطة على «تويتر» منشورات وأنتجت تسجيلا مصورا يحث آخرين على التظاهر.وحققت بعض النجاحات في هذا المجال. فأقنعت صديقة لم تأبه يومًا للتصويت بالمشاركة في التظاهرات. لكنّ أملها بتغيير موقف عائلتها ضئيل للغاية. وقالت «حاولت لسنوات، لكن لا أمل في إقناعهم».
دوليات
الهند: «قانون التجنيس» يظهر صراع الأجيال ويفجّر حروباً على «واتساب»
26-12-2019