بعد الهجوم اللاذع الذي شنّه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، سعد الحريري، زعيم تيار "المستقبل"، على "العهد" ورئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومته المستقيلة، جبران باسيل، وطالت شراراته حزب "القوات اللبنانية"، فجّر الرئيس ميشال عون جدلاً كبيراً، أمس، معتبراً أنه يحق لباسيل تشكيل الحكومة الجديدة، لأنه رئيس أكبر كتلة نيابية في البلاد. وبينما احتفل اللبنانيون المسيحيون، أمس، بعيد الميلاد حسب التقويم الغربي، في ظروف اقتصادية متدهورة في ظل خوف مما هو مقبل من انهيار لم تعرفه البلاد حتى في سوات الحرب الأهلية، أمل الرئيس عون بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي قبيل قداس عيد الميلاد في بكركي، أن "يخرج لبنان من أزمته، وأن تكون الحكومة عيدية رأس السنة".
وردا على تصريحات الحريري عن أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة باسيل، وهو ما ردده قبله الزعيم الشمالي سليمان فرنجية، قال عون: "لنفترض أن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل هو من يشكّل الحكومة، ألا يحق له ذلك، ألا يترأس أكبر كتلة نيابية؟ لكن في الواقع ليس جبران باسيل من يشكّل الحكومة، بل يشكلها من يفترض به أن يقوم بذلك".وردا على قول الحريري إن العهد يتصرف كأن شيئاً لم يحصل بعد 17 أكتوبر، تساءل عون: "هل يحسدني الحريري على هدوئي؟" ورفض اعتبار الحكومة التي ينوي الرئيس المكلف حسان دياب تشكيلها بأنها "حكومة اللون الواحد"، مشددا على أن "ما يحدد لون الحكومة هو التأليف وليس التكليف"، كما رفض وصف الحكومة بأنها "حكومة حزب الله"، قائلا: "هي ستكون حكومة لكل اللبنانيين بمن فيهم حزب الله".وفي تعليق على إمكان تشكيل حكومة تكنو - سياسية، عبّر عون عن اعتقاده بأن الحكومة ستكون حكومة اختصاصيين. وقال الرئيس اللبناني رداً على سؤال عن عدم رغبته بوجود الحريري في رئاسة الحكومة: "على العكس، انتظرنا سعد الحريري 100 يوم ولم نحلّ أزمة التكليف، بدّي وما بدّي، ليس هكذا نشكّل الحكومة".
نواب «المستقبل»
في المقابل، شنّ عدد من نواب "تيار المستقبل" هجوماً على عون، منتقدين تصريحه عن أحقية باسيل بـ "التأليف".واعتبر النائب سامي فتفت، عضو "كتلة المستقبل"، تصريح عون "طعنة دستورية جديدة للعهد، ويخالف أصول تشكيل الحكومات، والكتل النيابية يتم التشاور معها، ومن المؤسف أن يصدر هذا الموقف عن رئيس الجمهورية ميشال عون المؤتمن على تطبيق الدستور".وأضاف: "تأليف الحكومة حق حصري بالدستور لرئيسي الجمهورية والحكومة، إلا إذا اختار رئيس الجمهورية تجيير صلاحياته للآخرين، أو تنازل الرئيس المكلف عن صلاحياته".بدوره، أسف النائب محمد الحجار "أن لا يرى الرئيس ميشال عون بالبلد إلا باسيل، وأن يعتبر أن قواعد الدستور والحياة السياسية اللبنانية تدور من حوله".واستغرب حديث عون عن انتظار الحريري 100 يوم، مضيفا: "البلاد كانت تنتظر من الرئاسة فكّ عقدة جبران وتمسّكه بحكومة تكنو - سياسية، وأن الحريري قال لهم من اليوم الأول لنذهب الى حكومة اختصاصيين". وأضاف: "اللبنانيون يتذكرون من قال عام 2017 لعيون صهر الجنرال ما تتشكّل حكومة. ويتذكرون من قال قبل أشهر للمتظاهرين: يلي مش عاجبو يهاجر".أما النائب عن "المستقبل" وليد البعريني، فقد دعا "التيار الحر" و"القوات" الى "تعلّم الوفاء الى حد بذل النفس، كما المسيح، إذ يبدو أخيرا أن الأمور اشتبهت عليكم، وبتّم تتشبهون بيهوذا الإسخريوطي الذي سلّم السيد المسيح".وتوجهت عضوة كتلة "المستقبل" النائب رولا الطبش إلى عون بالقول: "الدستور ليس زهرة مرغاريت يا فخامة الرئيس، ورقة لجبران باسيل وورقة لسليم جريصاتي".تخبط وتوتر
في المقابل، قال النائب سليم عون (التيار الوطني) في تغريدة على "تويتر": إننا نتفهم جيداً ما يتخبط به تيار سياسي وردات فعله المتوترة، نتيجة إصابته أخيراً بنكستين: الأولى فشله بإدارة معركة مرشحه لرئاسة الحكومة، والثانية عدم استطاعته عرقلة الرئيس المكلف، بالرغم من استعماله التحريض المذهبي، لا بل بدأ يشعر بثبات وقدرة هذا الرئيس واتجاهه نحو تأليف ناجح وسريع".من ناحيته، طالب عضو القيادة القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد شاكر القواس، الحريري وبعض نوابه بـ "الصمت والهدوء لإعطاء فرصة للأكثرية الوطنية ولرئيس الحكومة المكلّف لتشكيل حكومة إنقاذ، لعل العطار يصلح بعض ما أفسده دهر الحريرية السياسية منذ قرابة ثلاثة عقود حتى اليوم".«أمل»
وفي إشارة جديدة إلى التصدعات داخل "ترويكا" الأغلبية المكونة من عون و"حزب الله" وحركة أمل التي جاءت بدياب رئيسا للحكومة، أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" (أمل) النائب محمد خواجة، أمس، أن "رئيس الحكومة المكلف له دور كبير، ولكن لا يمكن أن يسير بحكومة وحده، وعليه أن يستمع للآخرين والكتل الوازنة في المجلس النيابي، وخاصة أن هناك ثقة يجب أن تنالها من هذا المجلس، وإذا كانت هذه الحكومة هي حكومة إسقاط وتجاهل للقوى السياسية الأساسية للبلد لن تتم مساعدتها لتنجح، وممنوع حكومة محاصصات، لكن لا يمكن فرض حكومة من دون الاستماع للجميع والتحاور معهم، لأنهم هم مَن سيعطونها الثقة، ويساعدونها لإنقاذ البلد".