خاص

فتون الحسن: الحب محور قصائدي و«التفعيلة» حرَّرتني

أنتجت 3 مجموعات شعرية... و«مزامير ناي» تصدر قريباً

نشر في 27-12-2019
آخر تحديث 27-12-2019 | 00:01
تنساب القصيدة بين يديها كالماء، لا تنشغل باللغة ولا التقنية، بل يُولد النص لديها تلقائياً، وينساب جارياً في نهر إبداعها الجميل.
بدأت الشاعرة السورية فتون الحسن (45 عاماً) بكتابة الشكل العمودي، ثم اتجهت صوب «التفعيلة» وجرّبت في قصيدة النثر، لكنّها وجدت نفسها حرة مع شعر التفعيلة.
أصدرت حتى الآن 3 مجموعات شعرية، هي «كواليس»، و«أكونك أنت»، و«وعود في أقاصي الرماد»، وتنتظر مولوداً جديداً قيد الطباعة بعنوان «مزامير ناي»، وفي حوار أجرته معها «الجريدة» من القاهرة، قالت الحسن إن الحبّ هو المحور الأساسي لقصائدها، لافتة إلى أن الشعر لا يحظى حالياً بشعبية كبيرة عربياً، وفيما يلي نص الحوار:
• ما أبرز القضايا التي تنطلق منها قصائدك؟

- تنطلق قصائدي من قضايا عامة اجتماعية وفلسفية وشخصية وقضايا وطنية، ومحورها الأساسي هو الحب بصورته الأسمى، ودعني أعرج هنا على فكرة رئيسة هي أن الشعر لا يحظى بشعبية كبيرة في عالمنا العربي، فهو نخبوي بالدرجة الأولى، فعلى متلقي الشعر أن يتمتع بثقافة تخوّله لإدراك الغاية المرجوة من الصورة الشعرية، أو الغاية المندرجة تحتها أفكار القصيدة، من هنا فإن قضية الوطن في الشعر وقضية الحب هما الأكثر قرباً من المتلقي، إضافة إلى إيقاع القصيدة وقافيتها المتنوعة غير المبتذلة التي أخذت تشد المتلقي بنغمها المتواتر وأثرها الموسيقي النابع من روح النص، وليس علينا أن نهمل الصلة مع القارئ، بحيث تكون جسور التواصل موجودة بين الشاعر والقارئ عبر النص الشعري، على القصيدة ألا تغترّ فتغترب عن الوسط الاجتماعي، وليس عليها أيضاً أن تهبط إلى مستوى الكلام العادي، فتصير هذراً أو وجبة جاهزة لا تثير رغبة القارئ في استقصاء أهدافها والاستمتاع بجمالياتها.

حروف الكلمة

• ترين أن هناك استسهالاً في كتابة قصيدة النثر، فهل السبب ظنّ البعض أن التلغيز أبرز ملامحها، أم أن الـ «سوشيال ميديا» فتحت المجال أمام الجميع بمن فيهم أشباه الموهوبين أو المتشاعرين؟

- لقصيدة النثر من الحقوق ما لقصيدة العمود والتفعيلة من حيث موسيقى حروف الكلمة وتناغمها بعيداً عن إيقاع التفعيلات وبحور الشعر، ولها أيضاً صورتها المحلّقة التي تمنحها أفقاً باذخ الجمال دون قيود، لكن ذلك الإغراق في الصورة الشعرية التي تعكس حالة الشاعر الداخلية تحوَّلت من الغموض الخلاق إلى الإبهام العقيم.

لعل ما يحصل تماماً هو أن العالم في غالبيته اتجه إلى النثرية كحالة تفريغ لا إبداع دون وعي لهذا الشرخ الكبير الذي قد يحدث بين الكتابة والتلقي، بين التحوير العشوائي لعبارات جاهزة وبين الغرق في حالة هذيان لا شعورية ينتج عنها نص مختمر بتراكمية ثقافية في ذاكرة الكاتب دون تكلّف أو مزاودة، وكان أن سنحت للبعض فرصة الانتشار عبر المواقع الإلكترونية، فاختلط الحابل بالنابل، ولعب النقاد غير الجادين دوراً أساسياً في تسويقها بمسوغات شخصية لا تمتّ إلى عالم الإبداع بصلةٍ، فتشوّه مدلول قصيدة النثر في أذهان الكثيرين، ونتجت عن ذلك أشكالٌ كثيرة من الكتابة الأدبية أُلصق بعضها بقصيدة العمود والتفعيلة باستخدامه القافية غير الملزمة ببحور الشعر، وألصق بعضها الآخر بقصيدة النثر، وهو يتأرجح بين المباشرة في السرد وبين الإبهام، وبين الإطالة والبعد عن التكثيف، وهو أهم مقومات قصيدة النثر.

القصيدة العمودية

• تبرعين في قصيدة التفعيلة، فهل السرّ يرجع إلى تمسككِ بالموسيقى والإيقاع أم أن هناك سبباً آخر؟

- بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاماً بكتابة القصيدة العمودية، وأتقنت بحور الشعر قبل معرفتي بها لامتلاكي أذناً موسيقية، ثم كتبت التفعيلة، لأنني وجدت بها أفقاً أكثر اتساعاً وجملا غير محدودة الانفعال في اتساقها وتناغمها، وكتبت أيضاً قصيدة النثر، إلا أنني أجد نفسي حُرة في قصيدة التفعيلة، ليس تمسكاً بالإيقاع أو القافية أو الموسيقى، وإنما لأنها تأخذني إليها طوعاً بجمالية هطولها في إلهامي.

كائن متجدِّد

• في ضوء إنتاجك الشعري المتنامي، ما المحطة التي تقف عندها قصيدتك الآن؟

- لا محطة حالية لقصيدتي، فهي كائن متجدِّد الإيحاء والانثيال والإيقاع، لذلك لا أستطيع أن أحدد محطتي إلا بحدود كل قصيدة جديدة، فلكل نص إبداعي روحه المميزة.

القصيدة المنظومة

• أيهما تنشغلين به أكثر أثناء الكتابة: اللغة أم التقنية؟

- لا أنظم الشعر، فالقصيدة المنظومة أشبه بالمهدرجة، لا أنشغل باللغة أو بالتقنية، بل يكتبني النص بانسيابية روحي بين حروفه وعباراته وصوره، فينتج عن تراكم ثقافي في الذاكرة، قد يظهر القرآن، وقد يظهر الإنجيل، وقد تظهر الأساطير في لغة القصيدة وفي فكرتها وحالتها، إلا أنها تأخذ سياق الإلهام بعيداً عن التكلف الذي يحيل القصيدة إلى قصيدة منظومة تلك التي وصفتها بالمهدرجة، لأنها تهتم بشكل القصيدة وبمناسبتها بعيداً عن تغلغل ذات الشاعر في تفاصيلها وجمالياتها.

المصالح الشخصية

• أنت واحدة ممن يتهمون النقد بالخمول والتراجع، برأيك كيف يمكن إعادة النقد إلى دوره؟

- النقد عندنا مرتبط بشللية العلاقات الاجتماعية والمصالح الشخصية، مما يبعده عن مصداقية التحليل ومنهجية البحث، برأيي يحتاج الناقد إلى إقصاء نفسه عن النص المدروس وعزل آرائه الشخصية عن مدلولات النص الفكرية والإنسانية والروحية، ومن ثم إخضاعه إلى البحث والغوص عميقا في مكنوناته جملة وتفصيلا، بحيث يقدم رأيا مقنعا مبنيا على أسس واضحة للمتلقي، وذلك وفق قراءة النص المختلفة من ناقد إلى آخر.

قيد الطباعة

• ما مشروعك الشعري الذي تعكفين عليه حالياً وربما يخرج إلى النور قريباً؟

- مجموعتي الشعرية «مزامير ناي» قيد الطباعة، وستنشر قريباً إن شاء الله.

الناقد يحتاج إلى إقصاء نفسه عن النص المدروس وعزل آرائه الشخصية
back to top