في أوائل شهر نوفمبر 1990 تم تجميع كتيبتين من القوات الكويتية في قاعدة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن من مراكز التطوع المختلفة في المملكة العربية السعودية، والتحق معهم المتطوعون الموجودون في جمهورية مصر العربية، وتم انتقالهم إلى جمهورية مصر العربية من خلال طائرات الخطوط الجوية الكويتية الجابرية والسالمية إلى مطار القاهرة الدولي، ثم انتقلنا إلى معسكرات أنشاص لقوات الصاعقة المصرية.وكما حدث في ذلك الوقت بأن القوات انتقلت بأمتعتها الخاصة فقط بدون أي تجهيزات أو معدات أو أسلحة وكان المطلوب خلال البرنامج التدريبي هو تنظيم وتجميع الكتيبتين إداريا وتجهيزهما بكامل المعدات والأسلحة والآليات من خلال برنامج تدريبي متفق عليه بين الكويت ومصر.
البطل صابر وهو أحد مجندي الجيش المصري ساعدنا في تنزيل وتوصيل الأمتعة الشخصية الى سكننا المخصص بهمة وإخلاص، وأراد أحد الزملاء مكافأته مادياً ببضعة جنيهات، لكن عزة النفس والكرامة المتأصلة لديه أبت عليه قبول أي شيء، ولشدة رفضه الوجداني الحقيقي الذي لم يكن تصنعاً أخذت دموعه تنهمر مما أحرج الجميع لهذا الموقف الأصيل، من بطل عربي رفض ما قد يكون بأمس الحاجة إليه لكن كرامته لم تسمح له بذلك.هذه الدموع وهذه الأصالة من مجند تستدعي من الأمة تنمية هذه المشاعر بين أبنائها وتعزيزها لتقوية إمكاناتها وقدراتها وتحسين مكانتها بين الأمم، فاستمرار التشرذم والتشظي بين الدول العربية ساهم في تدهور حالنا وضعف تحقيق آمالنا وطموحاتنا، وعلى الشعب العربي الواحد لغةً وثقافة وماضيا مشتركا أن يسعى إلى تحقيق ما لم تستطع أنظمة ثورية في الخطاب لكنها مستكينة ومستسلمة للهوان والاستعمار.مازلت أجد أن لصابر حقاً أدبياً ومعنوياً الإشادة في موقفه ومشاعره التي لا تقدر بكثير من الأموال ولا أشك أن في أمتنا من أمثال صابر الكثير. عاشت أمتنا العربية بثقافتها الإسلامية وعمقها العروبي الأصيل بمجد وعزة وشموخ.
مقالات - اضافات
دموع المجند صابر... دموع الكرامة العربية!
27-12-2019