دخلت مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري الموقعة بإسطنبول في 27 نوفمبر، بحضور الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج حيز التنفيذ، فجر أمس، بعد مصادقة البرلمان عليها السبت الماضي، ونشرها في الجريدة الرسمية التركية فجر أمس.

وتشمل المذكرة إنشاء قوة استجابة سريعة في ليبيا، ومكتب مشترك للتعاون في مجالات الأمن والدفاع والمناورات المشتركة، والصناعة الخاصة بالأمن والدفاع والمعلومات التقنية، فضلاً عن التخطيط والتعليم على نظم الأسلحة والمعدات في مجال نشاطات القوات البرية والبحرية والجوية ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود، وغيرها.

Ad

وغداة زيارة المفاجئة لتونس لبحث الأزمة مع رئيسها قيس سعيد، فتح إردوغان صفحات التاريخ على مصراعيها في معرض تمهيده للتدخل العسكري بليبيا، مشدداً على أنها «أمانة العثمانيين ومصطفى كمال أتاتورك»، مؤسس تركيا الحديثة، الذي قاد منطقة درنة العسكرية في 1911 ضد الغزو الإيطالي لليبيا تحت راية الدولة العثمانية وتعرض لإصابة خطيرة في عينه.

وقال إردوغان، خلال اجتماع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة، «سنقدم طلباً لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان في السابع من يناير المقبل، تلبية لدعوة الحكومة الليبية الشرعية في طرابلس»، مضيفاً «سندعمها بكل الوسائل في مقاومتها لجنرال انقلابي تدعمه دول عربية وأوروبية»، في إشارة إلى حفتر.

وإذ أكد أن تركيا اتفقت مع تونس على تقديم الدعم لحكومة الوفاق، تطرق إردوغان إلى التطورات في منطقة المتوسط المتعلقة بمنابع الغاز وعلاقتها بالأزمة الليبية، بقوله: «هدفنا في البحر المتوسط ليس الاستيلاء على حق أحد، على العكس من ذلك منع الآخرين من الاستيلاء على حقنا».

رجل الغرب

وفي مؤتمر صحافي بالعاصمة التونسية، اتهم وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشآغا «حفتر بمنح قواعد عسكرية لدول أجنبية». وقال «لنا الحق في أن ندافع عن أنفسنا وسنطلب الدعم من تركيا إذا تصاعد الموقف» في العاصمة.

وكشف الرجل القوي في الغرب الليبي عن تحالف رباعي مع تركيا وتونس والجزائر لدعم التعاون الاقتصادي والاستقرار الأمني والسياسي في شمال إفريقيا، محذراً من أنه «إذا سقطت طرابلس ستسقط تونس والجزائر».

وجدد باشآغا قوله إن «الحكومة المعترف بها دولياً، هي الممثل الوحيد لدولة ليبيا ولها شرعية قطعية»، معتبراً أن هدف زيارة إردوغان لتونس «توحيد جهود إطلاق عملية سياسية لوقف إطلاق النار، وإبعاد ما يهدد الشرعية وسكان العاصمة».

في غضون ذلك، استنكر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح تأكيد وجود مليون تركي مقيم في ليبيا، معتبراً ذلك محاولة لتبرير الاعتداء العسكري التركي على ليبيا.

ولم يتأخر الرد على باشآغا من الرئاسة التونسية التي نفت على لسان مسؤولة الإعلام لديها دخول تونس في أي حلف أو انحيازها لأي محور، وانها متمسكة بالحياد تجاه الأزمة الليبية وأطرافها.

وتعرض سعيد لضغوط داخلية معارضة لزيارة إردوغان، وطالبت الكتلة النيابية للحزب الدستوري بعقد جلسة عامة للبرلمان لمناقشة الزيارة التي تعرضت لقصف إعلامي، وسط تقارير عن طلب الجانب التركي من تونس فتح أجوائها للطائرات الحرية التركية.

وفي وقت سابق، أفادت الرئاسة التونسية، بأن سعيد طرح على إردوغان مبادرة للسلام تقوم على جمع الليبيين وطي صفحة الماضي، مؤكدة أن ممثلي القبائل والمدن الذين استقبلهم سعيد أعربوا عن استعدادهم لتنفيذها.

روسيا

في المقابل، حذر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف من أن تدخل «طرف ثالث» في ليبيا يضر بعملية التسوية.

وحول اتهامات إردوغان لمرتزقة روس من «مجموعة فاغنر» العسكرية الخاصة التي يعتقد أن موسكو توجهها بالقتال إلى جانب قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، قال بيسكوف: «بشكل عام أصبحت الأراضي الليبية ملاذا للمرتزقة من عدد كبير من البلدان، وللعناصر الإرهابية»، معتبراً أن ما تمر به الآن هو «نتيجة للتدخلات المعروفة جيداً من دول معروفة لتدمير الدولة».

وجاء ذلك بينما مددت موسكو وأنقرة المباحثات الجارية للتوصل إلى حلول وسط في أزمتي وليبيا سورية، بحسب صحيفة «فيدوموستي».

جيش موحد

وفي إطار دعوته لوضع حد للتدخلات الخارجية في البلد الجار، شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس الأول، على «ضرورة وجود جيش وطني موحد في ليبيا»، متحدثاً عن محاولات مصرية ودولية للتوصل إلى حل سياسي يمنع تزايد الأمور، ويحافظ على وحدة أراضيها.

وأمس أجرى السيسي اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي.

المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي، قال إن الرجلين استعرضا الملفات الإقليمية، خصوصا الوضع في ليبيا.

وأضاف أن السيسي أكد ثوابت الموقف المصري، وكذلك «مساندة جهود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية، التي تمثل تهديدا ليس فقط على ليبيا، بل الأمن الإقليمي ومنطقة البحر المتوسط، مع رفض كل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي».

تحركات سرت

على الأرض، وصلت إلى مدينة سرت تجهيزات وآليات عسكرية وقتالية مدرعة دعماً لقوة حماية وتأمين سرت، كما وصلت قوة أخرى مجهزة تابعة لقوات حفتر إلى منطقة الأربعين شرق المدينة، في حين أعلنت إدارة مستشفى «ابن سينا» التعليمي حالة الطوارئ والنفير اعتباراً من أمس.

ووفق مصادر محلية وشهود، فإن سرت تشهد استنفاراً وطوارئ بعد إعلان قوات حفتر عزمها اجتياح المدينة منتصف هذه الليلة.

وقبل ذلك، نشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة لحفتر أمس الأول فيديو للكتيبة 166 مشاة، وهي تتجول بعمارات حي الزهور بطرابس، مشيرة إلى أن حفتر عقد في مقر قيادة الرجمة اجتماعاً طارئاً بضُباط غُرف العمليات لكل المحاور لمتابعة سير العمليات.

ويأتي هذا الاجتماع تزامناً مع أنباء عن إعلان مجلس أعيان وحكماء مصراتة سحب أبناء المدينة من جبهات القتال في كل من طرابلس وسرت، استجابة لمهلة حفتر.