أعلن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أمس، أنه سيتم التحقيق في تقارير حول قيام مسؤولين وأصحاب مصارف بتحويلات مالية إلى الخارج العام الحالي في الوقت الذي تفرض فيه البنوك قيودا مشددة على حركة الأموال.

وسلامة، الذي طالما أكد استقرار الليرة اللبنانية، قال أمس ردا على سؤال عما سيصبح عليه سعر صرف الدولار في السوق الموازية، التي ظهرت للمرة الأولى خلال الصيف، إنه «لا أحد يعرف».

Ad

ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975 - 1990)، مما يهدد المواطنين في وظائفهم ولقمة عيشهم، تزامناً مع أزمة سيولة حادة وارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية.

وقال سلامة، إثر اجتماع مع لجنة المال والموازنة النيابية، في مقر البرلمان وسط بيروت أمس: «سنقوم بكل ما يسمحه لنا القانون لنتحقق من كل التحويلات التي حصلت في عام 2019» إلى الخارج، و»إذا كانت هناك أموال مشبوهة»، مشيراً إلى أن الحديث «كثر» في هذا الموضوع، ويتعلق بأموال «سياسيين وإداريين في القطاع العام وأصحاب المصارف»، لكن «يجب التأكد».

وأشار إلى أن التحقيق يبدأ من لبنان و»إذا خرجت الأموال من هنا»، مضيفا «كل شيء من الممكن ملاحقته قانونيا، ولا شيء يختفي».

وإثر الاجتماع، قال عضو اللجنة النائب عن حزب الله حسن فضل الله: «نتحدث اليوم عن 11 مليار دولار للمصارف في الخارج».

وأضاف: «إذا الأموال التي حُولت هي أموال غير شرعية يجب أن تستعاد»، مشيراً إلى أن من شأن ذلك أن يؤمّن سيولة في البلد.

ويتهم متظاهرون في الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية المستمر منذ أكثر من شهرين المصارف بتحويل مبالغ مالية ضخمة لمسؤولين ومتمولين إلى الخارج، في الوقت الذي تفرض إجراءات مشددة على المودعين في لبنان.

وكان الخبير الاقتصادي مروان إسكندر ادعى منذ أيام أن مسؤولة سويسرية نقلت إليه «تفاصيل تحويلات مالية بالدولار إلى الخارج لـ6 شخصيات سياسية قاربت 6.5 مليارات دولار»، وأضاف أن «مجمل التحويلات التي حصلت للسياسيين، أصبحت عُرضة لدراسة البرلمان السويسري وتقديره، ولديّ الأسماء».

وفي تقرير لمركز كارنيغي للشرق الأوسط في العاشر من نوفمبر، قدّر خبراء تحويل 800 مليون دولار إلى الخارج منذ انطلاق الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية في لبنان في 17 أكتوبر، وهي الفترة التي أقفلت فيها المصارف أبوابها.

واعتبر سلامة أن إغلاق المصارف لأسبوعين بداية فترة الاحتجاجات «خلق اضطرابات في السوق».

ومنذ الصيف، تفرض المصارف إجراءات مشددة على سحب الأموال، بحيث لا تسمح بعض المصارف بسحب أكثر من ألف دولار شهريا، كما تمنع التحويلات إلى الخارج، ولا يمكن للمغترب الذي يملك حسابات مصرفية في لبنان سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة في الخارج.

وتشهد المصارف بشكل شبه يومي خلافات بين زبائن يريدون الحصول على أموالهم وموظفين عاجزين عن تأمين رغباتهم جراء الإجراءات المشددة.

وأطلق متظاهرون الأسبوع الحالي حملة «# مش دافعين»، تتضمن رفض دفع ما يترتب عليهم من قروض للمصارف.

كما تظاهر العشرات، أمس، أمام مقر جمعية المصارف في بيروت، مرددين هتافات ضد البنوك وسلامة.

وفي وقت لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتا منذ أكثر من عقدين على 1507 ليرات مقابل الدولار، تخطى الدولار في السوق الموازية 2000 ليرة، مع توقّعات بانخفاض أكبر في قيمة الليرة بعد انتهاء فترة الأعياد.

وردا على سؤال عن سعر صرف الدولار في السوق الموازية، قال سلامة أمس «لا أحد يعرف».

ونقلت قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال عن مصادر في مصرف لبنان أن تصريح سلامة «لا يعني إطلاقا أي تغيير في سعر صرف الليرة الرسمي»، مؤكدة أن «سياسة مصرف لبنان لا تزال قائمة على استقرار سعر الصرف بالتعامل مع المصارف».

من ناحيته، قال رئيس جمعية المصارف، سليم صفير، الذي حضر الاجتماع في مجلس النواب، عن وصول سعر صرف الدولار إلى 2000 ليرة لدى الصيارفة: «المهم البنك المركزي وليس الصيارفة، فمصرف لبنان لا يزال مستمراً في سياسة تثبيت سعر صرف الليرة».

على صعيد منفصل، عرضت قناة «المنار» (التابعة لـ «حزب الله») اللبنانية، مساء أمس، فيديو بعنوان «يا أطيب الناس»، يظهر فيه الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله بسيارة يقودها بنفسه، متجوّلا في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتعتبر هده الإطلالة من المرات النادرة جدا التي يظهر فيها نصرالله إلى العلن، بسبب الدواعي الأمنية التي تمنعه من ذلك.