الرئيس العراقي يضع استقالته بيد البرلمان

رفض تكليف العيداني برئاسة الحكومة والصدر يرحّب و«سائرون» تلوّح باقتحام «الخضراء»

نشر في 27-12-2019
آخر تحديث 27-12-2019 | 00:05
متظاهرون يحملون صورا ترفض تكليف العيداني في بغداد أمس (أ ف ب)
متظاهرون يحملون صورا ترفض تكليف العيداني في بغداد أمس (أ ف ب)
رفض الرئيس العراقي برهم صالح تكليف مرشح تحالف "البناء والفتح" محافظ البصرة الحالي، المرفوض شعبياً، بتشكيل الحكومة الجديدة، ووضع استقالته بتصرف البرلمان المنقسم حول تسمية الكتلة الأكبر، في حين طرح مقرّب من رجل الدين البارز المؤيد لحركة الاحتجاجات الشعبية، مقتدى الصدر، أسماء 3 شخصيات مستقلة لتولّي المنصب.
فجّر الرئيس العراقي برهم صالح الأزمة المستعصية بين الكتل السياسية البرلمانية حول تسمية خليفة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، معلناً اعتذاره عن عدم تكليف مرشح تحالف "البناء والفتح" محافظ البصرة الحالي، أسعد العيداني، وواضعاً استقالته بتصرُّف المجلس.

وقال صالح، في خطاب للبرلمان أمس، إن آخر كتاب وصله بشأن تحديد الكتلة الأكبر، أشار إلى أنها كتلة "البناء والفتح"، وهو ما يناقض كتابين سابقين أرسلتهما رئاسة مجلس النواب لرئاسة الجمهورية.

وأضاف: "آخذا في الحسبان مسؤولية رئيس الجمهورية تجاه شعبه ومسؤوليته الوطنية تجاه استقرار البلد وسلامته، ومنطلقا من حرصي على حقن الدماء وحماية السّلم الأهلي، ومع كل الاحترام والتقدير للأستاذ أسعد العيداني، أعتذر عن عدم تكليفه مرشحا عن كتلة الفتح".

وتابع: "وفي نطاق واجبي الذي يحتم صون الستور وحمايته، يجب الإشارة إلى المادة 67 من الدستور التي تلزم رئيس الجمهورية بالمحافظة على استقلال العراق وسيادته ووحدته، وكذلك المادة 76 التي تلزمه بتكليف مرشح الكتلة النيابة الأكثر عددا لتشكيل مجلس الوزراء، من دون أن يكون له حق للاعتراض. وبما أن هذا الموقف المتحفظ من الترشيح الحالي قد يعد إخلالا بنص دستوري، لذلك أضع استعدادي للاستقالة أمام أعضاء مجلس النواب، ليقرروا في ضوء مسؤولياتهم كممثلين عن الشعب ما يرونه مناسبا، فيقينا لا خير يرتجى في موقع أو منصب لا يكون في خدمة الناس وضامنا لحقوقهم".

وشدد على أن "الحراك السياسي والبرلماني يجب أن يعبّر عن إرادة الشعب".

وجاءت خطوة صالح الذي غادر بغداد إلى السليمانية، أمس، بعد انتهاء المدة الدستورية المنصوص عليها لتكليف مرشح لتشكيل الحكومة بعد استقالة عبدالمهدي، وسط نزاع بين "الفتح"، بزعامة هادي العامري ونوري المالكي وتحالف "سائرون" الذي يرعاه رجل الدين البارز مقتدى الصدر حول الأحقية بلقب "الكتلة الأكبر".

رفض وترشيح

وفي أول رد فعل على استعداد صالح للاستقالة، أعرب أمجد العقابي النائب في "كتلة سائرون" المطالبة بترشيح مستقل لتولّي منصب رئيس الوزراء عن رفض الكتلة للاستقالة، مؤكدا "دعم رفض تكليف أي شخصية متحزبة" لخلافة عبدالمهدي الذي استقال تحت ضغط الاحتجاجات الدامية ضد الطبقة السياسية التي أسفرت عن سقوط 460 قتيلا وآلاف الجرحى.

في موازاة ذلك، اقترحت صفحة صالح محمد العراقي على "فيسبوك"، التي يعتقد على نطاق واسع أن الصدر يستخدمها بشكل مستعار، 3 أسماء لشغل منصب رئاسة الحكومة المقبلة.

وقال العراقي في منشور أمس: "بعد البحث والتقصي، استطعت الوصول إلى نتيجة إجمالية بخصوص مرشح رئاسة الوزراء المرضي عنه إجمالاً من الشعب، بعد أن يقدّم برنامجه وتحدد فترته وتكتب مهامه، وهذا لا يعني بالضرورة قناعتنا بهم". وأضاف: "المرشحون هم: مصطفى الكاظمي، ورحيم العكيلي، وفائق الشيخ علي، لكنني لست ناطقاً باسمهم، إلا أني استشعرت هذا منهم... ولهم جزيل الشكر".

وتابع: "وأخيرا. شكرا فخامة الرئيس، إذ رفضت ما يرفضه الشعب من مرشحين. وهو موقف سيكتبه لك التاريخ والشعب والمرجعية" العليا في النجف.

وفي وقت سابق، أكد نائب بكتلة "سائرون" أن "الجماهير التي دخلت المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية والبرلمان والمقار الدبلوماسية تستطيع تكرارها كيفما شاءت"، رفضا لمحاولة "تدوير الأسماء بأسماء مستهلكة أو محروقة بالمشهد السياسي بشأن اختيار رئيس الوزراء".

أسعد الإيراني

أعلنت اللجنة المنظمة للتظاهرات رفضها ترشيح أسعد العيداني، محمّلين إياه المسؤولية عن قتل المتظاهرين في محافظة البصرة.

ووصفت اللجنة العيداني بأنه أحد أدوات وأذرع إيران في العراق. وهتف محتجون في مدينة الكوت، خلال تظاهرة حاشدة أمس وسط المدينة الجنوبية، "نرفض أسعد الإيراني".

وأغلق متظاهرون طرقا، بعضها بإطارات سيارات مشتعلة، في بغداد ومدن في جنوب البلاد وسط احتجاجات غاضبة ضد القادة السياسيين وقانون الانتخابات الجديد.

وتصاعدت سحب الدخان ليل الأربعاء - الخميس في سماء مدن بينها البصرة والناصرية والديوانية، وعلى امتداد طرق رئيسية وجسور تقطع نهر الفرات.

وعند الصباح، رفعت الحواجز عن بعض الطرق، بعد ساعات من قطعها لإعاقة وصول الموظفين إلى مواقع عملهم، بينها طريق يؤدي إلى ميناء أم قصر، في أقصى جنوب العراق، ويستخدم للاستيراد بصورة رئيسية.

سيناريو ودوامة

في غضون ذلك، كشف مصدر سياسي مقرّب من تحالف "الفتح" الذي يضم فصائل شديدة الصلة بإيران، أن سيناريو 2018 بشأن اختيار رئيس الوزراء يعاد، مشيرا إلى أن رؤساء الكتل السياسية الكبيرة اتفقوا فيما بينهم لسحب فتيل الأزمة.

وقال المصدر إن "رؤساء الكتل اتفقوا على ضرورة أن يأتي رئيس الحكومة المقبلة بالتوافق، أي بطريقة لا غالب ولا مغلوب في الأصوات البرلمانية".

في المقابل، طالب "ائتلاف النصر"، الكتل السياسية بتشكيل وزارة مستقلة، لقيادة مرحلة مؤقتة، والابتعاد عن المصالح الحزبية في اختيار رئيس الوزراء.

وحذّر بيان صدر عن "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، القوى السياسية من أن إعادة صياغة معادلة الحكم التي شكّلت حكومة 2018 ستدخل البلاد في دوامة من الفوضى والتدويل.

من جانب آخر، أعرب "ائتلاف الوطنية" بزعامة نائب الرئيس العراقي سابقا إياد علاوي عن صدمته لتمرير ما أسماها "صفقة قانون الانتخابات"، الذي شرعها البرلمان الثلاثاء الماضي، محذرا من أن الأحزاب التي تملك المال والسلاح هي المستفيد الأكبر من القانون الجديد من دون الالتفات إلى مطالب المتظاهرين أو الاتحادات والنقابات المهنية.

ورأى أن القانون الجديد سيُكرّس هيمنة الأحزاب الحالية، فضلا عن مخالفته بعض بنود الدستور، وهو ما يُعتبر التفافا على إرادة المحتجين.

تحالف «النصر» يحذر من دوامة فوضى وتدويل إذا شكلت الحكومة بـ«سيناريو 2018»
back to top