تواصلت الاحتجاجات في الهند للأسبوع الثالث على التوالي، ضد قانون الجنسية الجديد، الذي يمنح الجنسية على أساس الدين بما يتناقض مع الدستور العلماني الهندي، في إجراء يعتبره الكثيرون أحدث محاولة من حكومة حزب "بهارتيا جاناتا" (BJP) الهندوسي القومي الحاكم لتهميش 200 مليون مسلم هندي يشكلون نحو 14% من التعداد السكاني الهندي البالغ 3. 1 مليار نسمة.

Ad

قانون تمييزي

ويسمح القانون الجديد المعروف باسم "CAA" بمنح الجنسية الهندية لـ "الأقليات المضطهدة" باستثناء المسلمين في 3 دول مسلمة محاذية للهند هي باكستان وبنغلادش وأفغانستان.

وسيكون المستفيد الأكبر من القانون الجديد، مئات آلاف اللاجئين الهندوس الذين استقروا في البلاد قبل عام 2014، وسيمنح هؤلاء الجنسية الهندية على أساس ديني، وهو ما يتناقض مع الدستور العلماني للبلاد.

ويتزامن تمرير القانون مع بدء إجراء آخر هو التعداد العام للسكان معروف باسم "NRC".

وواجه مئات آلاف المسلمين الهنود خلال تدريب على التعداد متواصل منذ 4 سنوات، صعوبات في إثبات جنسيتهم وسط تعقيدات إدارية يقولون إن حزب بهارتيا جاناتا يقف وراءها. ويتخوفون من أن يؤدي ذلك الى نزع جنسياتهم أو اعتبارهم مواطنين درجة ثانية، في وقت لا يعاني الهندوس هذه المشكلة، إذ يمكن في أسوأ الأحوال اعتبارهم لاجئين في حال لم يتمكنوا من إثبات جنسيتهم ومنحهم الجنسية بموجب القانون الجديد.

وتقول حكومة مودي إن القانون لن يؤثر على أي "مواطن هندي"، كما تؤكد أنها ليست لديها خطط فورية لإطلاق التعداد العام للسكان. لكن الأسبوع الماضي أقرت الحكومة المخصصات المالية لإجراء مسح وتعداد للسكان العام المقبل.

راهول غاندي

وغداة تظاهرات حاشدة، نظّم حزب "المؤتمر الوطني الهندي" (INC) المعارض الرئيسي، أمس، مسيرات احتجاجية ضد القانون تحت شعار "أنقذوا الهند وأنقذوا الدستور"، شارك فيها مئات الآلاف في العديد من المدن، من بينها مومباي ولكنو وجوهاتي.

وقال زعيم حزب "المؤتمر"، راهول غاندي في مسيرة بمدينة جوهاتي، المدينة الرئيسية في ولاية آسام شمال شرق الهند، التي شهدت أول شرارة للاحتجاج ضد قانون الجنسية: "في آسام، يحتج الشباب، في ولايات أخرى، تنظم تظاهرات أيضاً. لماذا يجب أن تطلقوا عليهم النار أو تقتلونهم؟ لا يريد حزب بهاراتيا جاناتا الاستماع إلى صوت الشعب".

وقتل 25 شخصا على الأقل خلال المسيرات الاحتجاجية. وأمس الأول شهدت مدن هندية احتجاجات شعبية بعضها مؤيد وآخر معارض لقانون الجنسية. ففي العاصمة نيودلهي خرج المحتجون ضد قانون الجنسية وسط إجراءات أمنية مشددة ومراقبة الطائرات من دون طيار.

وتجمع الآلاف خارج مسجد الجامعة في دلهي القديمة، كما شهدت الجامعة الملية الإسلامية وحي جور باغ في نيودلهي تظاهرات عارمة. وعلّقت السلطات الهندية خدمة الإنترنت في 21 مقاطعة من أصل 75.

وفي مدينة مومباي، المركز المالي للهند، تجمع الآلاف في آزاد ميدان جنوب المدينة للاحتجاج على القانون، في حين تظاهر آلاف آخرون على بعد أربعة كيلومترات بدعم القانون في أغسط كرانتي ميدان.

وفي ولاية آسام خرج حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم بتظاهرة في مقاطعة موريغون بقيادة رئيس وزراء الولاية سارباناندا سونوال، وسط استمرار الاحتجاجات ضد القانون من قبل منظمات مختلفة والطلاب والمجتمع المدني في جميع أنحاء الولاية.

وفي ولاية البنغال الغربي نظمت تظاهرات حاشدة ضد القانون شاركت فيها رئيسة وزراء الولاية ماماتا بانيرجي المعارضة لحكومة مودي.

أوتار براديش

وطُبقت ولاية أوتار براديش الشمالية التي يشكّل المسلمون 20 بالمئة من سكانها إجراءات قاسية تمثّلت بقطع خدمات الإنترنت المقدمة عبر الهواتف الذكية و"النشر الإستراتيجي" للقوات الأمنية، وتسيير دوريات الشرطة. وشهدت الولاية التي تعتبر مهد الديانة الهندوسية، وفيها مدن مقدسة متل فارناسي أعمال عنف خلال التظاهرات في الأسابيع الماضية أسفرت عن مقتل 19 شخصا من أصل 25 قتلوا في الاحتجاجات على مستوى البلاد.

ورفض رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، يوجي أديتياناث، وهو كاهن هندوسي متطرف الآراء ينتمي لحزب مودي، أمس، اتهامات من جماعات معنيّة بالدفاع عن حقوق الإنسان بأن الشرطة ارتكبت انتهاكات خلال الاحتجاجات، ونسب الفضل لموقفه الصارم في إعادة الهدوء للشوارع.

وقال أديتياناث على أحد الحسابات الرسمية المؤكدة له على "تويتر": "كل مثير للشغب مصدوم.. كل مثير للمشكلات مذهول.. بالنظر إلى صرامة حكومة يوجي... الكل صامتون".

وتابع قائلا: "افعلوا ما تشاؤون، لكن الأضرار سيدفع ثمنها من تسبّبوا فيها".

وقالت حكومته الأسبوع الماضي إنها تطالب أكثر من مئتي شخص بملايين الروبيات للتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بالولاية خلال الاحتجاجات، وهددت بمصادرة ممتلكاتهم.

ونددت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بما تصفه بالاعتقالات الجماعية واستخدام القوة المفرطة في الولاية التي اعتقلت فيها السلطات أكثر من ألف شخص.

وانتشر تسجيل فيديو نشر على مواقع للتواصل الاجتماعي سيزيد على الأرجح من مخاوف القلقين على وضع المسلمين في الهند. إذ يظهر التسجيل ضابطا كبيرا في شرطة ولاية أوتار براديش وهو يقول لأحد المتظاهرين "اذهب لباكستان إذا كنت لا تريد العيش هنا".

وقال الضابط لـ "رويترز"، أمس، إن بعض المحتجين هتفوا بشعارات موالية لباكستان، وأضاف: "في هذا الموقف تحديدا قلت لهم أن يذهبوا إلى باكستان".

وبدأت الشرطة الهندية باستخدام تقنية التعرف على الوجه لفحص الحشود الضخمة. واستخدمت لأول مرة في تجمع سياسي في 22 الجاري، عندما دافع رئيس الوزراء ناريندرا مودي بشدة عن القانون المثير للجدل في نيودلهي.

وبدأت الشرطة في العاصمة الهندية في تغذية التقنية بلقطات مصورة من الاحتجاجات المستمرة للتعرف على "المتظاهرين الذين يشاركون بشكل متواصل في الاحتجاجات والعناصر الغوغائية، وفقا للتقرير.