العراق: مقتل أميركي ومتظاهر... وبومبيو في «عين الأسد»

صالح يعود إلى بغداد وينال دعماً كردياً... والخزعلي يخيره بين الاستقالة أو الإقالة

نشر في 29-12-2019
آخر تحديث 29-12-2019 | 00:04
عراقية تطل من إحدى نوافذ «المطعم التركي» معقل الاحتجاجات في «ساحة التحرير» وسط مدينة بغداد العراقيى (أ ف ب)
عراقية تطل من إحدى نوافذ «المطعم التركي» معقل الاحتجاجات في «ساحة التحرير» وسط مدينة بغداد العراقيى (أ ف ب)
قام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بزيارة مفاجئة إلى قاعدة عين الأسد بالأنبار، غداة مقتل متعاقد أميركي في هجوم صاروخي على قاعدة بكركوك، في حين حذر رئيس إقليم كردستان العراق من ضغوط كبيرة يتعرض لها الرئيس العراقي برهم صالح، لتسمية خليفة رئيس الحكومة المستقيل عادل عبدالمهدي.
غداة مقتل متعاقد أميركي مدني في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية عراقية قرب مدينة كركوك، تفقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الجوية في ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار غربي بغداد، بعد أيام من مطالبة واشنطن السلطات العراقية بضرورة وقف هجمات صاروخية تستهدف منشآت تتواجد بها قوات أميركية، ويعتقد أن فصائل موالية لطهران تشنها.

ومساء أمس الأول، قال مسؤولون أميركيون إن متعاقداً مدنياً أميركياً لقي حتفه، وأصيب عدة عسكريين بجراح طفيفة في هجوم صاروخي على قاعدة «كي وان» العراقية التي تضم قوات أميركية وعراقية.

وجاءت زيارة بومبيو غير المعلنة في وقت يشهد العراق أزمة سياسية حادة وصراعا بين تحالف «البناء والفتح»، الذي يضم فصائل وميليشيات شديدة الصلة بإيران، وتحالف «سائرون» برعاية رجل الدين البارز مقتدى الصدر حول الأحقية بتسمية خليفة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الذي استقال إثر الحراك الشعبي.

صالح والبارزاني

إلى ذلك، أفادت مصادر بأن الرئيس العراقي برهم صالح عاد أمس من السليمانية إلى بغداد، لاستكمال مباحثات تكليف رئيس الحكومة بعد يومين من عرضه الاستعداد للاستقالة على مجلس النواب، واعتذاره عن تكليف مرشح «كتلة الفتح» محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني.

وفي موازاة ذلك، تحدث رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني عن تعرض الرئيس العراقي لضغوط كبيرة في ما يتعلق بالملف الحكومي، وتكليف مرشح لرئاسة مجلس الوزراء بعد استقالة عبدالمهدي مطلع ديسمبر.

وقال في بيان: «نتابع بقلق بالغ وعن كثب أوضاع وتطورات العراق الذي يعاني أزمة عميقة. فبينما ينذر التهديد بعدم الاستقرار والمزيد من تعقيد الأوضاع، البلدَ بالمضي نحو مستقبل مجهول، فإن الواجب يحتم على الجميع التعامل مع الوضع بالتفاهم وبروح وطنية وبمسؤولية، وبعيداً عن الضغوط السياسية لاجتياز المرحلة وفقاً للسياقات الدستورية».

كما أشار إلى أنه «في موضوع تكليف مرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، يبدو أن رئيس الجمهورية يتعرض لضغوط كبيرة بخلاف الآليات والأسس الدستورية».

ودعا إلى «اختيار مرشح وطني غير جدلي لرئاسة الحكومة يكون مقبولاً من القوى المؤثرة»، مشدداً على أنه «ينبغي الأخذ في الحسبان المطالب المشروعة للمتظاهرين وأوضاع ومصالح البلد عند اختياره».

وكان صالح رفض تكليف ثلاثة مرشحين لرئاسة الوزراء من تحالف «الفتح»، الذي يقوده هادي العامري ونوري المالكي، بعد رفضهم من قبل المحتجين بساحات الاعتصام في بغداد والمحافظات الجنوبية، وهم النائب في البرلمان، محمد شياع السوداني، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل، ومحافظ البصرة الحالي.

نار وتهديدات

وفتح رفض صالح مرشحي «الفتح»، نار الانتقادات عليه من قبل التحالف، بالإضافة إلى أحزاب وفصائل موالية لطهران، أبرزها «كتائب حزب الله» العراق.

وهاجم زعيم حركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، رئيس الجمهورية، مهدداً إياه بالإقالة. وقال في مقابلة تلفزيونية، مساء أمس الأول، إن «الخطوة الأخيرة لرئيس الجمهورية لم تكن مبررة، والحجج التي أعطاها لم تكن منطقية، والدستور يحتم عليه تكليف مرشح الكتلة الأكبر بالبرلمان»، معتبراً ما قام به «مكراً وخداعاً».

ورأى أن «الاعتراض على مرشح معين ليست وظيفة رئيس الجمهورية بل الكتل المتنافسة، وإذا اعترض على مرشح معين يصبح طرفاً سياسياً غير محايد».

وشدد على أن «عدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر يدخل البلاد في فوضى، ويهدد السلم الأهلي وسلامة ووحدة العراق»، لافتا إلى أن أمام صالح «إما الاستقالة أو الإقالة».

تراجع وتحذير

وفي وقت سابق، قال نائب رئيس البرلمان بشير الحداد، أمس، إن رئيس البلاد لم يقدم طلباً رسمياً للاستقالة، إنما كانت رسالته الموجهة للبرلمان «بيان موقف ليس إلا».

ويعد هذا الموقف تراجعاً من الحداد الذي قال في تصريح سابق، إن الرسالة التي وجهها صالح إلى البرلمان بمنزلة استقالة، وان صالح يعتبر مستقيلاً بعد أسبوع إذا لم يسحبها.

وكان صالح قال في رسالته إنه يفضل الاستقالة إذا لم يكن يملك الصلاحية لرفض مرشحين لرئاسة الحكومة لا يحظون بتأييد المتظاهرين.

من جهته، حذر الأمين العام لمجلس النواب، سيروان سيريني، من زيادة ملحوظة في التدخلات الخارجية بتشكيل الحكومة، وقال إن الحوار بين الكتل النيابية شبه معدوم.

احتجاجات ومواجهة

في غضون ذلك، شهدت بغداد احتجاجات حاشدة لتأكيد التمسك بضرورة تكليف رئيس وزراء مستقل عن الأحزاب السياسية.

وقتل متظاهر في ساحة الوثبة بالعاصمة بغداد، أمس، خلال مواجهات بين محتجين وقوات مكافحة الشغب في مظاهرات خرجت ضد الأحزاب السياسية.

في السياق، كشف مصدر عراقي حقوقي، أمس، أن 166 شخصا من المتظاهرين تم اختطافهم من ساحات الاحتجاج، أو غابوا عنها من دون أن يعرف مكان وجودهم حتى الآن.

ويشهد العراق حملة خطف في صفون الناشطين، تنفذها جهات مجهولة وكيانات مسلحة وخارجين على القانون، فيما تحوم الشبهات حول أياد محلية مدعومة من إيران.

وأسفرت الاحتجاجات، التي انطلقت مطلع أكتوبر الماضي، عن سقوط 460 قتيلا وآلاف الجرحى، وتخللها أعمال عنف شملت حرق مقرات أحزاب وفصائل شديدة الصلة بطهران.

في السياق، اعتبرت القوات المسلحة أن من يقوم بقطع الطرقات لا يعتبر متظاهراً بل مخرباً. ودعا الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبدالكريم خلف، المتظاهرين إلى مساندة القوات الأمنية لاعتقال المخربين الذين يقومون بقطع الشوارع، وحرق المؤسسات والمحال التجارية.

يأتي ذلك في وقت فضل المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني التزام الصمت تجاه التطورات الأخيرة، مكتفياً بانتقاد «عدم سماع أهل الحكمة والعقل».

back to top