الجنسية... الفاس وقعت في الراس!
سادت حالة من السخط والنقد من قطاع شعبي واسع بسبب سقوط المقترح النيابي بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في منح الجنسية الكويتية بشكل غير مستحق، أو من خلال التزوير لعدد كبير من الأشخاص، وصب معظم النقد على الحكومة التي صوتت بالامتناع، وكان تصويتها سبباً رئيسياً في عدم الموافقة على المقترح.في الواقع، وطبقاً للمعلومات المتداولة، هناك 400ألف جنسية كويتية مزورة، وبالتأكيد فإن هذا الرقم هائل لشعب تعداده لا يتجاوز مليوناً 400ألف نسمة، وربما التحقيق في هذا الأمر سيشكل عاملاً يهدد السلم الاجتماعي والاستقرار الوطني.
بالطبع، الحكومة ستسقط في أي اختبار يتعلق بموضوع الجنسية، لأنها كانت أهم أدوات السُّلطة منذ الاستقلال، للتعامل مع الواقع الجديد الذي نتج عن إقرار النظام الديمقراطي وقدرتها في التأثير على الانتخابات والعملية السياسية، وفي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، أي بعد 25عاماً من صدور الدستور، أصبح واضحاً أن التركيبة السكانية للكويتيين قد تغيرت بشكل كبير، وجميع المرافق الخدمية في البلاد أضحت مكتظة لأنها لم تصمم لهذا العدد الكبير والنمو المفاجئ في تعداد المواطنين، وطرأت بعد ذلك على المجتمع الكويتي تغييرات ثقافية واجتماعية عميقة وأغلبها سلبي.منذ بداية الدولة الكويتية الحديثة - 1961- وقرار الجنسية سيادي لا يصدر إلا بموافقة أصحاب القرار في الأسرة الحاكمة، ولم يكن باستطاعة أي مواطن كويتي مهما علا منصبه أن يمنح الجنسية دون مصادقة منهم، لذا فإن المشكلة عندهم وتحت بصرهم.وكان من الأجدر أن تبدأ الحكومة تحقيقات فورية حول قضية الجنسية، عندما تداولت الأرقام الكبيرة للذين حصلوا عليها دون وجه حق، لكن للأسف لم ولن يحدث ذلك لأن الجنسية أداة سياسية في الكويت، والمحزن أن مجلس الأمة يقر سنوياً قانوناً يسمح للحكومة ولوزير الداخلية بتجنيس الآلاف، رغم العبث والاستخدام السياسي لهذا القانون، والأولى أن يوقف البرلمان إصدار مثل هذا القانون العبثي والمدمر للبلد إلا بصورة محدودة للكفاءات وأصحاب القدرات المتميزة إذا كان غير قادر على التحقيق في هذه القضية... لأن "الفاس وقعت في الراس".