إردوغان لن يترك سورية... ويحشد في الداخل لمعركة ليبيا

صالح يحذّر من «خطة عثمانية» للسيطرة على مفتاح أوروبا... وحكومة السراج تنفي وجود ميليشيات سوريّة

نشر في 30-12-2019
آخر تحديث 30-12-2019 | 00:04
طفلتان نازحتان من مدينة إدلب السورية تعبران إلى خمية أسرتهما وسط الوحل على حدود تركيا  (أ ف ب)
طفلتان نازحتان من مدينة إدلب السورية تعبران إلى خمية أسرتهما وسط الوحل على حدود تركيا (أ ف ب)
مع حصولها على دعم «الحركة القومية» المعارضة لإرسال قوات إلى ليبيا، بدأت حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في رصّ صفوفها الداخلية تمهيداً للدخول في المعارك الجارية بالعاصمة طرابلس، في ظل تمسّكها بنقاطها العسكرية المنشرة في محافظة إدلب بشمال سورية.
رغم تكثيف الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي الضربات منذ 16 الجاري على آخر معاقل فصائل المعارضة في الشمال، شدد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، أمس، على أنه لن يتم التخلي بأي شكل من الأشكال عن نقاط المراقبة الـ12 المنشرة في إدلب.

وقال آكار، خلال تفقّده الوحدات التركية المتمركزة على حدود سورية، بحضور قيادات الجيش، "نحترم اتفاق الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان في سبتمبر 2018، وننتظر أن تحترم روسيا هذا الاتفاق".

وحذّر آكار من أن نقاط المراقبة التركية، التي تمكّن الجيش السوري من تطويق اثنتين منها خلال تقدمه في إدلب، لديها التعليمات اللازمة، وسترد دون تردد في حال تعرّضها لأي هجوم أو تحرّش.

كما تطرّق وزير الدفاع التركي إلى مذكرة التفويض المتوقع تمريرها من البرلمان يوم الخميس، من أجل إرسال قوات إلى ليبيا. وشدّد في هذا الصدد على أن "قواتنا المسلحة مستعدة لتولي المهام بالداخل والخارج من أجل حماية حقوق ومصالح تركيا".

ومع دعوة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إلى هدنة عاجلة في إدلب لوقف تفاقم الوضع الإنساني الكارثي بالفعل، طالب الاتحاد الأوروبي، أمس، دمشق وحلفاءها بوضع حد "لتصعيد العنف" و"القصف العشوائي" للمدنيين والطرقات.

وطلب المتحدث باسم وزير الخارجية الأوروبي، جوزف بوريل، فتح "ممر إنساني آمن بسرعة ومن دون عقبات"، لمساعدة ثلاثة ملايين مدني يعيشون في إدلب"، مشددا على أن "محاربة المجموعات الإرهابية كما تجيز الأمم المتحدة لا تسمح بالمساس بالقانون الإنساني الدولي ولا باستهداف المدنيين".

حشد المعارضة

وعلى جبهة موازية، يبدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم جولة على زعماء أحزاب المعارضة الرئيسية لتزويدهم بمعلومات عن أسباب عزم إردوغان إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا.

ووفق مصادر في وزارة الخارجية التركية، فإن جولة أوغلو تشمل أحزاب "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" وحزب "الجيد"، موضحة أنه من المنتظر أن يزود زعماءها بمعلومات عن خطوات الحكومة المحتملة حيال الأوضاع الحاصلة في ليبيا.

وفي إطار مساعي إردوغان لتسريع تفويضه التشريعي الذي يسمح بإرسال قوات لدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، حذّر أوغلو من أن الصراع يهدد بانزلاق ليبيا إلى الفوضى، وتصبح سورية القادمة، ثم يأتي الدور على الدول الأخرى في المنطقة.

وقال أوغلو، خلال اجتماع لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أمس الأول، "علينا القيام بكل ما يلزم لمنع انقسام ليبيا وانزلاقها إلى الفوضى، وهذا ما نفعله. الحكومة المشروعة هناك هي من نتعامل معه"، مشددا على أهمية الاتفاق العسكري والأمني الذي وقّعته تركيا مع ليبيا.

مقاتلو سورية

وفي طرابلس، نفي المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق الليبية صحة تسجيلات مرئية يتم تداولها في بعض صفحات التواصل الاجتماعي، تظهر مقاتلين يتحدثون اللهجة السورية، ويقولون إنهم قدموا إلى ليبيا لنصرة الإسلام وقتال "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر.

وأشار المكتب، في بيان نشره أمس، إلى تثبّت القنوات الإخبارية المحلية والدولية، وتأكدها من أن التسجيلات التقطت في مدينة إدلب السورية، دون الإشارة إلى أسماء القنوات.

وأكدت حكومة الوفاق، في البيان، ملاحقتها القضائية لكل من يساهم في نشر هذه الأكاذيب وغيرها من افتراءات، على حد وصفها، معتبرة نشر هذه التسجيلات محاولة يائسة لتشويه ما تحققه قواتها من انتصارات.

سحب الاعتراف

وللمرة الثانية خلال ساعات، دعا رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح من نيقوسيا المجتمع الدولي إلى سحب الاعتراف بحكومة السراج، مشيرا إلى تحرّك سيحصل "خلال الأيام القادمة" في هذا الاتجاه.

وإذ حذّر صالح من تداعيات التدخل التركي في ليبيا، أوضح أنه طلب من وزير خارجية قبرص نيكوس خريستودوليديس أن ينقل "رسالة إلى الاتحاد الأوروبي ليسحب اعترافه بهذه الحكومة التي حان الوقت لرحيلها"، معتبرا أنها "فشلت فشلا ذريعا. وبعد أربع سنوات من فرضها على الشعب الليبي، حان الوقت لإعادة النظر وتشكيل حكومة يؤيدها الشعب والبرلمان الليبيان".

وعبّر عن اعتقاده بأن "الصورة بدأت تتضح أكثر" لدول الاتحاد الأوروبي بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي يتيح لأنقرة المطالبة بالسيادة على مناطق واسعة غنية بالمحروقات في شرق المتوسط، مما يثير غضب اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.

كما التقى صالح، على رأس وفد من النواب الليبيين، رئيس البرلمان القبرصي ديمتريس سيلوريس، وصدر بيان مشترك بعد اللقاء اعتبر أن "أعمال تركيا تصعّد التوتر (وتزعزع) الاستقرار في منطقة البحر المتوسط".

واتهم صالح الرئيس التركي بأنه "يريد إعادة أمجاد السلطنة العثمانية للسيطرة على العالم العربي والعالم بأسره"، مؤكدا أنه "يريد السيطرة على ليبيا، وهي مفتاح الى أوروبا وهي دولة غنية، وعندما يسيطر على هذه الثروة يستطيع أن يتحكم بالكثير، ويمدّ عضلاته على دول الجوار في البحر المتوسط".

معركة طرابلس

وفي حين جدّد صالح تأييده لعملية حفتر المستمرة منذ أبريل على طرابلس، استنكرت بعثة الأمم المتحدة استهداف منشآت مدنية في الغرب الليبي، في إطار المعارك الدائرة هناك.

وشدد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، في بيان، على أن "الهجمات العشوائية ضد المدنيين لا تشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل هي أيضاً تصعيد للنزاع وتحريض على أعمال انتقامية في المستقبل، مما يهدد الوحدة الاجتماعية في ليبيا".

وأكد ضرورة حماية المدنيين والمنشآت المدنية في جميع أنحاء ليبيا. وقال: "يجب احترام مبادئ التمييز والتناسب والتحوط في جميع الأوقات احتراماً تاماً".

دعوة أوروبية لفرض هدنة عاجلة وممر إنساني آمن في إدلب
back to top