يشير الحوار البحري الأخير بين فرنسا والهند إلى خطوات مرتقبة على الجبهة البحرية في المحيطين الهندي والهادئ. تتعدد العوامل التي تُقرّب المسافة بين فرنسا والهند في المجال البحري اليوم أكثر من أي وقت مضى.

أولاً، تشتق جميع التطورات الحاصلة من الفكرة القائلة إن بلداناً مثل فرنسا والهند تحتاج إلى تجميع مواردها على ضوء صعود الصين وتصدّع السياسة الخارجية الأميركية خلال عهد دونالد ترامب.

Ad

ثانياً، تملك فرنسا والهند معاً مصالح ضخمة وحضوراً تاريخياً في المنطقة. تملك فرنسا أراضي خارجية كثيرة في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، وفيها أكثر من 1.6 مليون نسمة وتنتشر هناك القوات المسلّحة الفرنسية على نطاق واسع.

يجري البلدان أصلاً سلسلة من التدريبات المشتركة، ويخططان أيضاً لإجراء دوريات مشتركة في منطقة المحيط الهندي وتوقيع اتفاقية اتصالات آمنة. في غضون ذلك، تعمل فرنسا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون على تقوية علاقاتها مع الهند، وخلال زيارة ماكرون إلى الهند في مارس 2018، تم التوقيع على اتفاقية «التبادل والحماية المتبادلة للمعلومات السرية أو المحمية» بين البلدين، وخلال الزيارة نفسها اتفق البلدان أيضاً على إجراء حوار دفاعي سنوي على المستوى الوزاري.

كان الحوار البحري الأخير في نيو دلهي الرابع من سلسلة الحوارات الحاصلة، وهو يعكس التعاضد المتزايد بين البلدين، وفي حوار «شانغريلا» في وقتٍ سابق من هذه السنة في سنغافورة، أعلن وزير الدفاع الفرنسي: «سنتابع الإبحار أكثر من مرتين في السنة في بحر الصين الجنوبي. ستنشأ اعتراضات طبعاً وستحصل مناورات مشبوهة بحراً، لكننا لن نخاف لدرجة أن نقبل الأمر الواقع، فهل يُعقَل أن نتغاضى عن مسـألة يدينها القانون الدولي»؟

تملك الهند أيضاً مصالحها الخاصة في بحر الصين الجنوبي، بما أن «شركة النفط والغاز الطبيعي» الهندية المملوكة للدولة (ONGC) بدأت تحفر آبار النفط مقابل ساحل فيتنام، وترتبط نيو دلهي بعلاقات اقتصادية متزايدة مع بلدان شرق آسيا، على غرار اليابان وكوريا الجنوبية. في الوقت نفسه، تبدي نيو دلهي اهتماماً متزايداً بجزر القمر، ومدغشقر، وموريشيوس، ومايوت، ولا ريونيون، وسيشل، حيث تملك فرنسا نفوذاً هائلاً نتيجة عوامل تاريخية. كذلك، يُعتبر العالم البحري أساسياً لحماية أمن الهند، لأن الإرهابيين من باكستان استعملوا طريقاً بحرياً لإطلاق الاعتداءات الإرهابية المريعة على مومباي في نوفمبر 2008.

طرح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في بداية ولايته الأولى، مفهوم «الأمن والنمو للجميع في المنطقة»، وهو يُحدد صراحةً أولويات نيودلهي إقليمياً، فمن الواضح إذاً أن القواسم المشتركة بين فرنسا والهند كثيرة في المحيطين الهندي والهادئ.

* «روباكجيوتي بوراه»