يترقب الكاتب المصري مصطفى سليم صدور أولى مجموعاته القصصية بالقاهرة، تحت عنوان «نفق سري»، ليضيف إلى تجربته الأدبية لمحة جديدة، بعد نجاحات حققها في عالم الكتابة، حين حصدت روايته «سِفر المرايا» جائزة دبي الثقافية فرع الرواية عام 2013، وحققت أصداء جيدة على المستويين النقدي والجماهيري.

وفي العمل الأدبي الجديد يتضح الخط العام للمجموعة من الوهلة الأولى التي يطلع فيها القارئ على الإهداء، إذ يعبِّد الطريق إلى مكامن النصوص الواردة بين دفتي الكتاب: «إلى الوحدة المسكونةِ بالتفاصيلِ الدفينةِ في الذاكرة»، ومنه يفتح الكاتب نافذة تطل على عالم من الأحداث تظهر فيها شخصيات وتختفي أخرى على نحو مُريبٍ، وبمرور الوقت ننسى كثيراً من الأحداث والأشخاص، كأن ثقباً أصاب الذاكرة، فتسربت الذكريات منها، ويظل السؤال يطاردها: ما يجري حقيقة أم محضَ خيال؟!

Ad

أبطال مجهولون

«نفق سري»، نصوص قصصية قصيرة، تدور أحداثها بين أبطال مجهولين في عالم الأحلام القتيلة، عبر صراع نفسي بين الإنسان وظروف قهرية في مجتمع مشوه، يلقي بانتكاساته وهزائمه الإنسانية على العلاقات بين أفراده، بل بين الفرد وذاته، ليسلبهم حقهم في حياة عادلة، بعدما نال من سلامتهم الروحية والنفسية، أدرك المجتمع ذلك، أو لم يدرك.

تقنية الأحلام

تلاعب الكاتب بالذاكرة، واعتمد تقنية الأحلام، ولعبة التوهمات، والهلاوس السمعية والبصرية في مناماته بمهارة لغوية تتوافق مع ما يدور من معارك نفسية بين أبطالها، ليغوص في أعماق شخوصهم، ويحوّل تفاصيل الحياة اليومية إلى مشاهد ومواقف سيريالية، تدور في عالم موازٍ، في محاولة لرصد طبيعة القبح الإنساني الذي يتولد عن تحطيم الأحلام المشروعة أو العجز عن الوصول إليها وتداعيات هذا القبح على أبطال هذه النصوص.

الوعي الدرامي

ويصير الوعي الدرامي عبر الذاكرة بطلا في اللعبة، يحوّل التفاصيل اليومية إلى بنية قصصية مكثفة وموجزة، تكشف عن طبيعة هذا الصراع والمآسي التي يعاني تحت وطأتها من ألقى بهم القدر داخل دائرة الحدث، لينتصر عبر هذه النصوص إلى فعل المقاومة وحب الحياة بالفن والحكاية.

ملامسة الروح

وإيقاع النصوص جاء على نحو موسيقي يشبه السيمفونية، صعودا وهبوطا وهمسا، حد ملامسة الروح لتفاصيلها؛ بكاءً على مآسيها، وانتشاءً مع لذتها، وتخلصاً من مشاعرها المؤذية؛ فبعد بداية صادمة ثقب فيها الكاتب الذاكرة لتتسرب منها حكايات الوحدة والقهر والمطاردات النفسية، يـُـهدّئ الكاتب إيقاع اللغة والحكاية ليصل بنا إلى المرأة، الحياة التي تدب على قدمين ليمارس العشق معها حد السكر، لتوقظنا أصابع حديدية خبيرة بصناعة الألم، ونعايش معها جسده الذي يعتصر بينها، ونرى أوجاع الروح مجسدة، لتستقبلنا الحياة مرة أخرى بين أحضانها عبر نشوة الحب في حكايات ممتدة بنهايات مفتوحة، ترفع سقف الخيال والتأويل.

«المناظرة والحِجاج»

مصطفى سليـم، كاتب وصحافي مصري، حصل على الدكتوراه في النقد الأدبي الحديث عام 2018، وصدر له كتابان نقديان «المناظرة والحِجاج» عن منشورات الربيع (2019)، و«السلطة والحرية... بنية السرد في سداسية إبراهيم الكوني» عن دار «رؤية» (2019)، ورواية «سِفر المرايا» عن دار تويتة (2015)، الحاصلة على جائزة دبي الثقافية فرع الرواية عام 2013، إضافة إلى حصوله على جائزة كتاب اليوم للقصة القصيرة عام 2014، والصادرة في كتاب «10 قصص لكتَّاب جُدد» بتقديم أحمد الخميسي.