تواجه قاعة الرقص الشهيرة «كليرشنز بولهاوز» في برلين مستقبلا غامضا، إذ ستقفل أبوابها مع بداية السنة الجديدة، لتخضع لأعمال ترميم من دون أن يعرف أحد موعد إعادة افتتاحها.

وقد شهدت هذه القاعة الشهيرة التي تعود إلى 106 أعوام على أحداث كثيرة، بدءا برقصة التانغو الأولى فيها، وصولا إلى الرومبا الكوبية التي حظرها النازيون، كما أن المخرج كوينتن تارانتينو استعان بها أخيرا لتكون مسرحا لتصوير أحد مشاهد أفلامه.

Ad

وبعد انتهاء حفلة رأس السنة، ستغلق القاعة أبوابها اعتبارا من غد، لتخضع لأعمال ترميم، بعد استحواذ مالكين جدد عليها، ولا يعلم أحد تاريخ إعادة افتتاحها.

لكن يسيطر قلق كبير على رواد هذه القاعة التي تجمع الصغار والكبار، لأن عددا متزايدا من النوادي الليلية في برلين أغلق في السنوات الأخيرة، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار العقارات.

ولم يجدد صاحب القاعة الجديد العقد مع المديرين الذين أشرفوا عليها خلال السنوات الـ15 الماضية ولا مع فريق العمل، لكن يورام روث المستثمر العقاري المولود في برلين، والذي اشترى القاعة العام الماضي، حرص على تبديد هذه المخاوف.

وقال روث، الذي يملك معارض صور ومطاعم في نيويورك وكوبنهاغن «هدفي هو حماية كليرشنز بولهاوز».

وذكر المالك الذي يخطط لتأجير القاعة لتكون موقعا تنظم فيه الحفلات أن العمل سيبدأ بتجديد نظام إنذار الحريق من دون أن يحدد تاريخ إعادة افتتاحها.

بدورها، قالت ماريون كيزوف، وهي إحدى الزبائن المنتظمين ومؤلفة كتاب عن قاعة كليرشنز بولهاوز، إن الخوف الرئيسي لدى رواده هو أن يتوقف «عن كونه مكانا شعبيا ومتاحا للجميع في منطقة راقية».

وأضافت أنها ما زالت «لا تصدق» أن قاعة الرقص ستغلق أبوابها، موضحة «يشبه الأمر عندما تسمع خبر وفاة ولا يمكنك تخطيه».

كما تحولت المنطقة المحيطة بـ «كليرشنز بولهاوز»، وهي القلب التاريخي لبرلين، في العقد الأخير بعد توافد المستثمرين الذين جذبهم ازدهار قطاع العقارات.

وأصبح مرقص كليرشنز بولهاوز المحاط بصالات عرض فنية ومطعم حائز نجمة ميشلان، بأسعاره المعقولة وواجهته البالية، حالة شاذة، حيث اضطر العديد من الملاهي الليلية في برلين إلى إغلاق أبوابها في السنوات الأخيرة، كما أن أماكن مماثلة أخرى مهددة.

كما جرى افتتاح قاعة كليرشنز بولهاوز خلال عهد الإمبراطور فيلهلم الثاني في 13 سبتمبر 1913، وتمكنت من الصمود في الحربين العالميتين، وشهدت على بناء جدار برلين وعلى انهياره، واستعان بها المخرج كوينتن تارنتينو لتصوير مشهد من فيلم «إنغلوريس باستردز»، كما زارها الأمير وليام وزوجته كايت في عام 2017.

مرايا كبيرة

وفي أعلى درج قديم في القاعة، غرفة جدرانها مقشرة ومعلّقة عليها مرايا كبيرة، قالت كيزوف إنها تصدعت بفعل القنابل التي أسقطت خلال الحرب العالمية الثانية، وفي فصل الصيف، توضع الطاولات في الخارج، وتتدلى الأنوار من الأشجار.

وكانت قاعة الرقص سميت تيمنا باسم مالكتها الأولى، وهي كلارا بوهلر، التي أدارتها لأكثر من نصف قرن قبل وفاتها في النصف الشيوعي من المدينة المقسمة. وأصبحت القاعة مكانا معروفا للعزاب، ليجدوا الحب خلال دروس الفالس التي كانت تعطي في أيام الأسبوع، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما كانت تعزف فرق أوركسترا كبيرة.

ولاحقا، أدار هذه القاعة غونتر شميدتكه لخمسين سنة، وهو كان دائما يوجه النصائح إلى الفتيات اللواتي يأتين بحثا عن الحب.

وكان هذا الرجل ذو الشاربين الأبيضين الذي تقاعد في عام 2015، في سن الـ81، يقول للوافدات الجديدات: «لا يأتي إلى هذا المكان فارس الأحلام فقط».