"أنا أشبه وضعنا للدستور في هذا البلد بوضع سفينة تعبأ بالبضائع، لو كدسنا جميع البضائع في جزء من أجزاء السفينة فسيختل توازنها وتغرق، أما إذا وزعنا البضاعة على جميع أجزاء السفينة فإننا سنحافظ على توازنها وتسير". من حديث حمود الزيد الخالد، رحمه الله، وزير العدل في فترة الستينيات، أثناء نقاش لجنة الدستور حول المادة 56 وتحديد عدد الوزراء.• وزير العدل آنذاك حمل على عاتقه مسؤولية تقديم الاقتراحات والرؤى المستقبلية قبل الموافقة على الصيغة النهائية للدستور، مشيراً إلى أهمية "حفظ التوازن"، ولسنا بصدد إقحام الخبراء الدستوريين اليوم لتفسير المقصود بالتوازن، لكننا نستقيها من أهل الحكمة الذين يملكون ما هو أبعد من الدراسات الأكاديمية، والسؤال المطروح: ماذا لو كان عدد النواب 60 كما اقترح الخالد؟ وماذا لو كان لدينا مجلسان bicameral؟ وماذا لو... إلخ؟
أفكار وأسئلة كثيرة مطروحة محفزة لاستمرارية روح التجديد في التاريخ السياسي، والتفكير بعمق بمعنى التوازن الإيجابي.• الدوائر الانتخابية والتسويق السياسي: نتلقى وبشكل مستمر مكالمات من مرشحي ومرشحات الانتخابات القادمة، واسمحوا لي أن أسترجع ملامح المواسم الانتخابية الماضية، فقد كنا نجد الناخبين في بعض الدوائر الانتخابية ينتابهم التذمر ويروجون للعزوف عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع بحجة ضعف المجلس، وما إن تقترب الانتخابات حتى تبتدئ التعبئة السياسية، ويتغير المزاج الانتخابي جاذبا أصحاب الإثارة والمواجهة، فترتفع نسبة الاقتراع... ويزداد الاستقطاب وتتغير الوجوه، ولا عزاء للمستقلين والنساء. • المرأة والاستجوابات: تجربة المرأة في عالم السياسة وعضوية البرلمان ابتدأت بالوصول إلى مقاعد البرلمان 2009 بعد أربع سنوات من نيلها الحقوق السياسية، وما إن وصلت حتى ابتدأ موسم الاستجوابات في جميع الاتجاهات ولجميع القيادات، وطوق النواب بحصار إعلامي حول الوزراء في قضايا محورها تغلغل الفساد في صلب المؤسسات، فاستقال أغلبهم، ولم يستقل الفساد من المؤسسات، وامتدت الاستجوابات لتستهدف الوزيرات أيضا كمعصومة المبارك ونورية الصبيح، بعدها وخلال عام 2011 تغير اهتمام الحكومة، فسحبت الأضواء من المرأة ووجهتها على الشباب، واليوم ومع وصول ثلاث سيدات إلى المقاعد الوزارية هل سيعود المجلس إلى دوامة الاستجوابات مرة أخرى؟ وهل لاستجواب غدير أسيري دلالة معينة؟ هذا ما سيكشفه القادم من الأيام. خلاصة الأمر رحل قياديو المؤسسات واستوطن الفساد مكامنها، وتغيرت وجوه نيابية، وبقيت السلوكيات ذاتها، فما العمل؟ وكل عام وأنتم بخير.• كلمة أخيرة: في الإمارات يدفع من يستهتر بقيادة السيارة مبلغاً طائلاً فيضطر للالتزام بآداب الطريق، ويدفع أيضا ضريبة على بعض الطرق، فيكف عن السعي إيابا وذهابا لمضايقة الجنس الآخر، فإذا كانت الضريبة مدخلاً لحماية الأرواح على الطرقات فلا مانع من تطبيقها. ما رأيكم؟
مقالات
يرحل المسؤول ويبقى الفساد
01-01-2020