في خطوة أعادت إلى الأذهان احتلال سفارة واشنطن في طهران عام 1979، وحملت في طياتها رسالة مبطنة بإمكانية تكرارها مع بلوغ الصراع بين أشد عدوين على الأرض العراقية ذروته، أقدمت فصائل «الحشد الشعبي»، أمس، على استخدام أنصارها وعناصرها ومهاجمة السفارة الأميركية، أقوى المقرات الدبلوماسية بالمنطقة الخضراء، وحرق أبراج تأمينها وبوابتَيها الرئيسية والفرعية، واقتحام سور حرمها الشديد التحصين، لأول مرة.

ورداً على غارات انتقامية من واشنطن على مواقع لكتائب «حزب الله» أسفرت عن مقتل 25 من عناصره بعد مصرع متقاعد أميركي مدني في قصف صاروخي على قاعدة كركوك الجمعة الماضية، عكف المحتجون على اقتحام السفارة ورشقوها بالحجارة وزجاجات المياه، مرددين هتاف «الموت لأميركا»، ثم بدأوا نصب خيام أمام المبنى للاعتصام.

Ad

واستبقت السلطات وصول مسيرات لتشييع ضحايا الضربات الأميركية إلى محيط المقر الدبلوماسي، وأجلت السفير وموظفيها الأساسيين، خشية اقتحامها من جانب عناصر وأنصار الفصائل، المدعومة من طهران، وسط غياب شبه كامل للقوات الأمنية النظامية.

ومع زيادة التوتر بمحيط السفارة أطلق حراس الأمن داخل السفارة قنابل صوت على المحتجين خارج بوابة المجمع، ونُشرت صور على مواقع التواصل تظهر تأهب قوات خاصة أميركية من داخل المقر.

وتقدم القياديان البارزان في «الحشد»، هادي العامري وقيس الخزعلي الاحتجاجات أمام السفارة. واتهم الخزعلي السفارة الأميركية بتدبير التخريب والمؤامرات التي تشهدها البلاد مع تواصل حركة الاحتجاجات التي أجبرت رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي على الاستقالة، وأحبطت عدة محاولات من تحالف «الفتح» لتسمية خليفة مقرب من طهران.

وفي وقت يبدو أن فصائل «الحشد» لا ترغب في دخول مواجهة عسكرية غير متكافئة مع الولايات المتحدة وتسعى لخلق تيار مضاد لموجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي يشهدها العراق ضد الطبقة السياسية والنفوذ الإيراني، أعلن المتحدث باسم «حزب الله» جعفر الحسيني تنظيم اعتصام مفتوح أمام السفارة لحين إغلاقها وطرد السفير، مؤكداً أنه «لا نية أبداً لاقتحام السفارة الأميركية أو الاعتداء على كوادرها».

وبينما قررت السلطات العراقية الرسمية إعلان حالة الحداد العام على ضحايا الضربات الأميركية 3 أيام، دعا رئيس الحكومة المستقيل المحتجين إلى فض الاحتجاج فوراً، محذراً من عواقب عدم الامتثال لأوامر القوات الأمنية.

وفي وقت سابق، ذكر عبدالمهدي أن الهجوم الأميركي «يجبر العراق على مراجعة علاقاتها، وشؤونها الأمنية، والإطار السياسي والقانوني لحماية السيادة».

في المقابل، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران بتنسيق هجوم على سفارة بلاده في بغداد، متوقعاً من العراق أن «يستخدم قواته لحماية السفارة، وأبلغناه بذلك».

وقال ترامب، عبر «تويتر»، إن «إيران دبّرت هجوماً ضد السفارة في العراق، وسيُحمّلون مسؤولية ذلك بشكل كامل».

ولاحقاً، شدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في اتصالين مع عبدالمهدي والرئيس العراقي برهم صالح على أن الولايات المتحدة ستحمي الأميركيين في العراق.