استقطب مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي نجوماً من العيار الثقيل في مجالي الفن والثقافة على مدار العام المنصرم (2019)، مؤكدا استمرار نهجه في تقديم فعاليات ثقافية وأنشطة فنية مغايرة تهدف إلى الارتقاء بذائقة الجمهور، وتقدم الفرجة المشتملة على الإبهار والتشويق، إضافة إلى جودة المضمون.والراصد لتقويم الفعاليات التي استضافها المركز سيلاحظ التنوع والابتكار والجرأة في تنظيم الفعاليات، فلم تكن الأنشطة تركز على بقعة محددة من العالم، بل تضمنت مزيجاً متنوعاً يغذي الذائقة الفنية وينمي الثقافة العامة.
وعقب تفرده بتنظيم الفعاليات الكبرى اكتسب المركز ثقة الجمهور، واستحق أن يعتلي القمة.
أوركسترا زغرب
وفي يناير الماضي، استضاف المركز أوركسترا زغرب الفيلهارموني، والتي تُعد من الفرق الأوركسترالية الرائدة في زغرب (كرواتيا). وخلال تاريخها الطويل، ساهمت أوركسترا زغرب الفيلهارموني في نشر الموسيقى الكلاسيكية بجميع أنحاء كرواتيا، ومثَّلت بلادها كسفير ثقافي في جميع أنحاء العالم. كما عملت تلك المؤسسة الثقافية العريقة على تأكيد صورة العاصمة الكرواتية (زغرب)، بوصفها مركزا للموسيقى والفن والثقافة في وسط أوروبا.واستمرارا لاستضافة الفرق الموسيقية الراقية، أحيت الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية، بقيادة المايسترو نيك ديفيس وميخال نستيروفيتش، 3 ليالٍ استثنائية بالمركز، وشهد الحفل حشد جماهيري، حيث امتلأت قاعة المسرح بجمع من محبي الفن الموسيقي. وجاءت الأمسيات متنوعة، فكانت الأولى أمسية كلاسيكية، والثانية رومانسية، والثالثة مع موسيقى أشهر الأفلام العالمية.يُشار إلى أنه على مدى أكثر من 7 عقود تحتفظ الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية (RPO) بمكانتها في طليعة صناعة الموسيقى بالمملكة المتحدة، إذ استطاعت أن تصبح الأوركسترا الوطنية لبريطانيا، لنجاحها في الوصول إلى أكبر عدد من الناس.وفي الشهر ذاته، قدَّم الموسيقار عمر خيرت مجموعة منتقاة من أبرز أعماله.«ثريلر لايف»
وفي مارس الماضي، أبهر المركز الحضور، من خلال عرض فني مغاير بعنوان "ثريلر لايف". ويأتي هذا العرض من وست إند بالعاصمة البريطانية (لندن)، بعد النجاح الساحق الذي حققه خلال السنوات العشر الماضية. ويحتفي هذا العرض بمسيرة واحد من أعظم نجوم الغناء والترفيه في العالم، الأسطورة مايكل جاكسون (ملك البوب).وجسَّد المغني الرئيسي للعرض، كيران ألين، شخصية جاكسون على خشبة المسرح، ليحظى بالتفاعل والتصفيق، فقد جسَّد تلك الشخصية بكل صورتها البهية الحقيقية، إلى جانب مشاركة المغنيتين إينا سيدو، وليتيسيا هكتور، والمغنين: تريس كنيدي، وبريت كوينتن، وروري تايلور، ونيك جيمس، إضافة إلى مشاركة راقصين وراقصات، وقاد الفريق الموسيقي أندي أرنولد، مع مجموعة من العازفين على آلات الغيتار والطبول، وفريق في الإضاءة والأزياء والصوت.فعاليات مبتكرة
ومع انطلاقة الموسم الثقافي الثالث، أعلن المدير العام لمركز جابر الثقافي فيصل خاجة، تفاصيل تقويم الموسم الثقافي، الذي تضمَّن نحو 100 فعالية، مشيراً إلى اكتساب خبرة كبيرة، من خلال الاستفادة من التجارب السابقة لابتكار أنشطة كويتية خاصة بالمركز تحمل في طياتها مزيجاً بين القيمتين الفنية والثقافية، مع الحرص على تقديمها بقالب ممتع، إضافة إلى استقطاب أهم الفنون العالمية التي تستحق أن يتم تقديمها للجمهور في الكويت على مسارح وقاعات المركز المختلفة، كما يتم تقديمها في كبرى المسارح العالمية. وبيَّن أن فعاليات الموسم تنطلق بمزيج من الأعمال الاستعراضية، والمسرحية والموسيقية والنقاشية وغيرها، على مدى الموسم، الذي يمتد 7 أشهر، بدءا من سبتمبر حتى 19 أبريل 2020.ليلة الأطلال
واحتفى مركز جابر على مدار ثلاث ليالٍ، بصورة مميزة وغير مسبوقة، بـ"كوكب الشرق" الفنانة المصرية أم كلثوم، عبر ثلاث حفلات أقيمت في أكتوبر على المسرح الوطني، أحيتها مطربة دار الأوبرا المصرية مي فاروق، بمعية الفرقة الموسيقية تحت قيادة المايسترو عماد عاشور.وتميَّز هذا الاحتفاء الخاص، الذي أطلق عليه "ليلة الأطلال"، بالثراء على مستوى ما قُدم من أغنيات ذات طابع كلاسيكي، أو الاستعانة بأحدث التقنيات التي تميز المسرح الوطني.يوسف المهنا
وفي لمسة وفاء، احتفى المركز بالموسيقار يوسف المهنا، في حفلين غنائيين أحيتهما فرقة المركز الموسيقية، بعنوان "ألحان يوسف المهنا: من غير ميكروفون". ويُعد الفنان المهنا أحد أعمدة التلحين في الأغنية الخليجية والعربية بنحو عام، وقدَّم خلال مسيرته الفنية مجموعة من الألحان في كل المجالات، ففي الأغنية العاطفية، تغنَّى شقيقه الفنان عبدالمحسن المهنا بقائمة طويلة من ألحانه، أهمها: "أبوقذيلة" و"الله أمَر" و"عوافي" و"مع ريح الهوى مسافر" و"يا متلف الروح" وغيرها الكثير.كما غنَّى له الفنان مصطفى أحمد "يا أهل اهوى"، والفنان حسين جاسم "حلفت عمري"، و"فنان العرب" محمد عبده "بعاد"، والفنانة نجاح سلام "بعيد يا حبيبي"، والفنانة نادية مصطفى "بكل لغات العالم". وغنَّى الفنان عبدالكريم عبدالقادر من أعماله 17 لحناً، منها "الله معاي"، كما لحَّن أعمالاً للفنان عبدالله الرويشد، والفنانة نوال، والفنان محمد البلوشي، والفنان محمد المسباح، وغيرهم.وأبدع المهنا في تلحين مجموعة "سامريات" أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التراث الموسيقي المحلي، لعل من أهمها "ترى الليل عوَّدني" لمصطفى أحمد، و"أنا يا خلّي ما قصَّرت"، و"ألا يا عبرة تجري" لعائشة المرطة، و"البارحة بالليل واجهت خلّي".وفي مجال الرياضة والأغنية الوطنية، له أغنيات ما زالت تتغنى بها الأجيال، مثل: "أوه يا الأزرق" و"يا متكتك" و"هيدوه"، إضافة إلى الأغنيات الوطنية، مثل: "حبّي وتقديري لها" و"صباحك صباحين يا ديرة الطيبين"، وأوبريت "الكويت دائماً".كما ترك المهنا أيضاً بصمة في التلحين المسرحي، إذ كان عضواً بفرقة مسرح الخليج العربي، الذي قدم لأعمالها العديد من الألحان، مثل أغنيات مسرحية "ضاع الديك" و"شياطين ليلة الجمعة" و"بحمدون المحطة"، كما كانت له تجربة مع مسرح الطفل، إذ قام بتلحين مسرحية "أ ب ت"، التي ألَّفها فايق العبدالجليل، وكانت من بطولة الفنانة هدى حسين.وبهذين الحفلين، تكون فرقة مركز جابر الموسيقية قدمت برنامجاً حافلاً يتضمن مجموعة منتقاة من أعمال يوسف المهنا، التي رسخت في ذاكرتنا، وارتبطت بأهم مناسباتنا وأفراحنا، فأصبحت جزءاً من حياتنا، في أمسيتين مميزتين استمتع فيهما الحضور بالموسيقى، كما كانت تُعزف قديماً من دون مؤثرات صوتية، حيث تقدم أمسيات "من غير ميكروفون" الموسيقى بصورتها النقية، دون الاستعانة بميكروفونات أو سماعات، كي يصل الإحساس بذبذبات الموسيقى وبأصوات كورال فرقة المركز الموسيقية إلى المستمعين على نحو مباشر، وبلا حواجز.حسين المحضار
واحتفى المركز بالشاعر حسين المحضار، من خلال تنظيم حفلين غنائيين شارك فيهما الفنان عبدالله الرويشد، الذي تعاون مع المحضار منذ الثمانينيات، والفنان اليمني فؤاد عبدالواحد والفنان عبدالعزيز الضويحي.سيرك 1903
وفي فعالية مغايرة، استضاف المركز "سيرك 1903"، مستعرضاً أكثر الحركات خطورة وإبهاراً وفرادة من مختلف أنحاء العالم. وبصحبة دمية الفيل الإفريقي الكبير، نقل "سيرك 1903" الحضور إلى عصر السيرك الذهبي في عرض خلاب ومناسب لجميع أفراد الأسرة. وتضمن "سيرك 1903" مجموعة مثيرة من الحركات البهلوانية، وألعاب الخدع السحرية، والنكات والفقرات الخطيرة الممتعة.أوركسترا براغ
وضمن الفعاليات المميزة التي احتضنها المركز، كانت حفلات أوركسترا براغ الفيلهارمونية، وللفرقة إنجازات كبيرة، رغم حداثة تأسيسها، حيث أُسست الأوركسترا عام 1994 بمبادرة من قائدها التشيكي ييري بيلوهلافيك تحت اسم أوركسترا الحجرة الفيلهارمونية في براغ، وهي تُعد اليوم واحدة من أشهر فرق الأوركسترا، ليس فقط في التشيك، بل على مستوى العالم، وهو ما تؤكده الدعوات التي تتلقاها الأوركسترا للمشاركة في تسجيل الموسيقى لأكبر العلامات التجارية الدولية، إضافة إلى جولاتها العالمية وحفلاتها على أكبر وأشهر المسارح.وفي الفترة بين 1994 و2005 قاد الأوركسترا مؤسسها المايسترو ذائع الصيت ييري بيلوهلافيك، الذي أصبح لاحقا المدير الموسيقي، ومنذ الموسم الفني 2015 – 2016 تولى الفرنسي إيمانويل فيوم منصب مدير الموسيقى وكبير قادة الأوركسترا، ليضيف المزيد من التحديات بإدخال المؤلفات الفرنسية والأعمال السيمفونية الكبيرة ضمن برنامج معزوفات الأوركسترا. وفي عام 2017، وتحت قيادة المايسترو الفرنسي إيمانويل فيوم، قامت أوركسترا براغ بجولة ناجحة في جميع أرجاء الولايات المتحدة.وتُعد أوركسترا براغ الفيلهارمونية شريكا دائما في حفلات مطربي الأوبرا المعروفين، ويعزف بمصاحبة كبار قادة الأوركسترا، ومنهم: بلاسيدو دومينغز، آنا نتريبكو، ديانا دامراو، أنجيلا جيورجيو، وآخرون.ومنذ تأسيسها، سجلت الأوركسترا أكثر من 80 أسطوانة، أصدرتها أكبر شركات التسجيلات الموسيقية في براغ والعالم، بينها: "دويتش غرامافون"، "ديكا"، "سوبر برافون"، "emi"، "وارنر كلاسيك" و"هارمونيا موندي".وحصل عدد من تلك التسجيلات على جوائز مثل جائزة التسجيل الذهبي من كندا عام 2000، وجائزة "هارموني" 2001، و"دياباسون دور" في سبتمبر 2007. وفي عام 2016 رشح تسجيل الأوركسترا من التينور الأميركي برايان هيمل لجائزة الأوبرا العالمية، وأيضا أسطوانة "بوهيميان رابسودي" مع عازف الترومبيت المجري غابور بولدوتشزكي لجوائز الموسيقى الكلاسيكية العالمية icma.«نيو جبلة»
وفي مجال المسرح، قدَّم المركز مسرحية "نيو جبلة"، بطولة سعد الفرج وعبدالرحمن العقل وهدى الخطيب وعبدالله الخضر وآخرين.وتناقش المسرحية قضايا اجتماعية مفترضة في المستقبل، بعد فناء كوكب الأرض، وانتقال البشر للعيش في الكوكب الأحمر (المريخ)، بإطار عصري مختلف عن المسرحيات السائدة.