تدريبات مشتركة بين الصين وباكستان في بحر العرب
من المنتظر أن تشارك الصين وباكستان في تدريبات عسكرية مشتركة خلال يناير الجاري في بحر العرب، على أن تشمل التدريبات البحرية، وفق وزارة الدفاع الوطني الصينية، مشاركة مُدَمّرة صينية، وفرقاطة، وسفينة مُلْحَقة، وسفن إنقاذ على شكل غواصة.أعلن المتحدث باسم الوزارة، رين قوه تشيانغ: «يهدف التدريب إلى تعميق التعاون الأمني بين الجيشَين، وترسيخ شراكة تعاونية استراتيجية ودائمة بين الصين وباكستان، وتسهيل بناء أوساط بحرية لها مستقبل مشترك».تحمل التدريبات المشتركة أهمية كبرى، بالنسبة إلى الصين تحديداً، لأنها تسمح لها باكتساب الخبرة في طريقة تنفيذ العمليات مقابل الساحل الباكستاني في بحر العرب. هذه المساحة المائية تغذي المحيط الهندي، علماً أن هذه المنطقة البحرية اكتسبت أهمية استراتيجية متزايدة تزامناً مع توسّع الروابط الاقتصادية الصينية وسعي البلد إلى عصرنة جيشه وإنشاء قوة بحرية قادرة على تنفيذ عمليات دولية.
تشارك الصين وباكستان في سلسلة أخرى من التدريبات المشتركة الثنائية والمتعددة الجوانب في فروع مختلفة من جيشهما، وتهدف سلسلة «المحارب» الصينية الباكستانية إلى كبح التهديدات الإرهابية. انطلقت جولتها السابعة في وقتٍ سابق من هذا الشهر في باكستان، في ظل مشاركة أعضاء من القوات الخاصة في كل جيش، وشملت حشداً للقوات العسكرية عبر استعمال مركبات ووسائل النقل الجوي. اعتبر المسؤولون الصينيون أن التدريبات ركّزت في الأساس على تعميق التعاون والتواصل.أُضيف لاحقاً تدريب جديد، وهو تمرين دفاعي مشترك بين منشآت أساسية في مناطق جبلية، وتهدف هذه الجهود على الأرجح إلى محاكاة كيفية حماية المباني الحكومية أو المدنية، فضلاً عن إطلاق مشاريع استثمارية كبرى تحت مظلة «الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني»، وهو أحد فروع «مبادرة الحزام والطريق» الصينية. استهدف الإرهابيون القنصلية الصينية في «كراتشي» في أواخر عام 2018. وفي مايو 2019 هاجم مسلحون فندقاً فخماً يقع في «بلوشستان» ويطلّ على ميناء «جوادر»، فقد شهد هذا الميناء استثمارات صينية مهمة ويُعتبر من أبرز معاقل «الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني». كذلك، تنفّذ القوتان الجويتان عمليات مشتركة موسّعة، منها تدريبات «شاهين» التي أنهت جولتها الثامنة خلال عملية امتدت على أسبوعين في شهر سبتمبر واستعملت طائرة عالية المستوى من الصين وباكستان في شمال غرب الصين. في الوقت نفسه، شاركت طائرات حربية متنوعة وصواريخ أرض جو ومنشآت للرادارات من الصين وباكستان معاً في معارك وهمية.فيما يخص العمليات المتعددة الجوانب، استضافت باكستان الجولة السادسة من عملية «أمان 19» في بداية شهر فبراير، وقد جمعت 46 بلداً وشملت سفناً حربية دولية، ومراقبين في مجموعة مؤتمرات بحرية وندوات، وزيارات بين السفن، وعمليات بحرية (منها تبادل إطلاق النار، وتشكيل الفِرَق، وإعادة التزود بالوقود بحراً). تهدف التدريبات متعددة الجوانب إلى تحسين التعاون بين القوات البحرية الإقليمية والواقعة خارج المنطقة في المحيط الهندي، وكانت الصين والولايات المتحدة من بين المشاركين الدائمين.غالباً ما تُعتبر العلاقة بين بكين وإسلام أباد قوية ومميزة، لكنّ وفرة التدريبات المشتركة التي نفذتها وحدات الجيش الصيني لا تنحصر بباكستان، فقد عمدت الصين إلى توسيع تبادلاتها وتدريباتها العسكرية بوتيرة ثابتة مع شركاء متعددين في آخر عقد ونصف، لا سيما مع قوى مجاورة أخرى مثل روسيا وباكستان والهند، فضلاً عن التحرك في مواقع متعددة الجوانب عن طريق «منظمة شنغهاي للتعاون»، أو تدريبات «ريمباك» متعددة الجوانب التي استضافتها الولايات المتحدة.تعكس هذه التدريبات المشتركة استعراضاً دبلوماسياً واضحاً لحجم الإمكانات المتاحة، لكنها تشكّل أيضاً مورداً قيّماً وفرصة مهمة لاكتساب الخبرة، والتنسيق العسكري العابر للبحار، وتحسين الجهوزية، وجمع المعلومات، وفي حين تتابع الصين استثماراتها الكبيرة في باكستان، سيخضع شعار «صداقة جميع المواسم» لاختبار حقيقي إذا استمرت التحديات المطروحة على البيئة الأمنية. مع ذلك، من المتوقع أن يبقى البلدان المتجاوران شريكَين عسكريَين دائمَين بحلول سنة 2020 وما بعدها.* «إليانور ألبرت »