مع مستهل 2020، من المحتمل أن تتحول هوامش التكرير الكبيرة المتوقعة سابقا إلى الركود، حيث يتوقع الآن أن يكون الاختلال بين العرض والطلب أقل دراماتيكية مما كان يعتقد سابقا.ووفقا للقواعد الجديدة التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية (IMO)، بات إجباريا أن تستخدم السفن زيت وقود يحوي 0.5 في المئة فقط أو أقل من الكبريت ابتداء من مطلع هذا الشهر، ما لم تقم السفن المذكورة بتركيب ما يسمى أجهزة امتصاص الغاز scrubbers، وهي الأنظمة التي تزيل الكبريت من غاز العادم المنبعث من السفن، حتى يتمكنوا من الاستمرار في استخدام زيت الوقود العالي الكبريت.
وعليه فستكون لمواصفات الوقود الجديدة تداعيات على سلسلة التوريد بأكملها في صناعة الشحن البحري، بدءا من منتجي النفط الخام إلى مصافي التكرير والتجار والشاحنين والمستهلكين النهائيين وكل ما يتم تداوله على متن السفن. ومع ذلك فإن بعض المختصين يرون انه يمكن أن تكون إمدادات الوقود منخفض الكبريت المتوافقة مع القواعد الجديدة كافية، في حين أن الطلب قد يكون ضعيفا، وذلك بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي والتجاري العالمي وبعض عدم الامتثال على الأقل من قبل شركات الشحن، التي حددها محللو شركة «وود ماكينزي» بنحو 10 في المئة لعام 2020.
تأخير روسيا
وفي هذا الجانب، قال وزير الطاقة الروسي، إن روسيا واحدة من الدول التي ستؤخر تنفيذ قواعد المنظمة البحرية الدولية الجديدة، لكن فقط في مياهها الإقليمية بما في ذلك الأنهار.وعلى الرغم من ذلك، ستمتثل روسيا للقواعد الجديدة في المياه الدولية وهي من الدول التي تعد من أكبر الخاسرين في قواعد الوقود البحري الجديدة نظرا لأن النفط الروسي بصورة عامة عالي الكبريت.وبالاشارة الى اللوائح الجديدة ستؤدي إلى زيادة الطلب على زيت الوقود منخفض الكبريت LSFO على حساب عالي الكبريت، لكن التغيير يبدو أقل دراماتيكية الآن مما كان عليه قبل عدة أشهر.وحسب الاحصائيات فإن صناعة الشحن البحري تستهلك نحو 3.5 ملايين برميل يوميا من زيت الوقود عالي الكبريت، في حين أن شركات التكرير في جميع أنحاء العالم من المقرر أن توفر نحو 1.5 مليون برميل يوميا من الزيت منخفض الكبريت المتوافق مع اللوائح الجديدة للمنظمة. ووفقا لشركة «وود ماكينزي» سيظل هناك طلب على زيت الوقود عالي الكبريت من السفن التي يتم تركيب أجهزة امتصاص الغاز فيها.ويرى بعض المهتمين بهذا الشأن أنه ستكون هناك بعض حالات عدم الامتثال، بما في ذلك الشاحنون المستعدون للغش في الأسواق ذات الضوابط غير الصارمة. وستتم تلبية نحو مليون برميل يوميا من الطلب على الوقود البحري من «الكاز أويل» البحري MGO، وهو ناتج تقطير متوسط يشبه الديزل، وأيضا حسب تقدير "وود ماكينزي”. في هذا الصدد، قال بعض المحللين إن زيت الوقود منخفض الكبريت أرخص من «الكاز أويل» البحري، لكن بعض العملاء المحافظين ما زالوا يفضلون «الكاز أويل».ولعله في الوقت الحاضر، تبدو إمدادات زيت الوقود منخفض الكبريت أكبر مما كان يعتقد في السابق، ومع كفاية إمدادات الوقود المتوافق نسبيا، لا ترى شركات التكرير طفرة في هوامش التكرير التي كانت تتوقعها في وقت سابق من 2019.سعة التخزين
ومع عام 2020، ستزداد سعة تخزين زيت الوقود منخفض الكبريت حول ميناء التخزين الرئيس في العالم في سنغافورة، حيث كان هناك ما بين 7.3 و7.5 ملايين طن من زيت الوقود منخفض الكبريت في الخزانات العائمة على متن 29 ناقلة عملاقة قبالة سواحل سنغافورة، ارتفاعا من سبعة ملايين طن في بداية أكتوبر الماضي. ووفقا لمصادر صناعية فإن المصافي اليابانية على استعداد لتزويد زيت الوقود منخفض الكبريت لكنها ستواصل إنتاج وتزويد زيت الوقود عالي الكبريت لأن اليابان لم تحظر تصريف المياه من أجهزة تنقية المياه المفتوحة في الموانئ.وبغض النظر عن الوقود البحري الذي ستستخدمه صناعة الشحن، فقد يكون الطلب على كل منها أقل بكثير من المتوقع في ضوء التباطؤ الاقتصادي العالمي وتباطؤ نمو التجارة البحرية.تباطؤ التجارة
من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير إن تباطؤ التجارة يؤثر في الطلب على زيت الوقود ويسمح بتحول أقل اضطرابا للوقود المتوافق مع لوائح المنظمة البحرية الدولية، في حين توقعت الوكالة حدوث نقص في «الكاز أويل» البحري يتراوح بين 200 و300 ألف برميل يوميا عام 2020.وأعربت الوكالة في تقريرها عن ا عتقادها بأنه مع بقاء فترة قليلة قبل بدء تنفيذ القواعد الجديدة، فإن أسواق النفط من المرجح أن تكون مزودة بشكل أفضل بـ «الكاز أويل» مما كنا نظن قبل ستة أشهر، مشيرة إلى أن طاقة التكرير زادت على مستوى العالم، بينما انخفض الطلب على وقود السفن الآن بسبب الانكماش المستمر في التجارة العالمية.وأوضحت أن إمدادات النفط الخفيف في الولايات المتحدة ازدادت وأصبح هناك طلب على النفط الأميركي الخفيف الحلو من قبل مصافي التكرير التي تعالجه إلى زيت الوقود منخفض الكبريت، مبينة أن هذه التطورات الأخيرة تشير الآن إلى احتمال بداية أكثر سلاسة لتنفيذ لوائح وقود الشحن الجديدة.