حين يتعلق الأمر بالمشاريع الثقافية والحضارية فإننا نلحظ أن المجتمعات بشكل عام تعودت النظر إلى المؤسسات الجامعية والمراكز الثقافية التي تُعنى بالحفاظ على التراث والآداب بوصفهما المؤسسات الأكثر تعبيراً وقدرة على تبني هذه المشاريع والقيام بها، وذلك من وجهة نظري يعود لسبب مهم؛ وهو قدرة هذه المؤسسات على تشكيل الوعي المجتمعي بشكل خاص، والهوية الثقافية بشكل عام. لذلك أرى أن هذا التعاون الذي تتبناه في الوقت الحالي جامعة الكويت ممثلة بكلية الآداب والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي أسفر عن توقيع اتفاقية تعاون بين المؤسستين يأتي كاستجابة ضرورية لمتطلبات مواجهة التهميش الثقافي وتهديد الخصوصيات المحلية والوطنية الذي فرضه الانفتاح الكوني الحاصل، والذي أدى بالفعل إلى انتشار الكثير من المظاهر الثقافية البعيدة عن قيم الشعوب وموروثات الأوطان، بل لم تكن هذه الاتفاقية بالنسبة إليّ وإلى كثير من المهتمين والموقعة بحضور عميدة كلية الآداب د. سعاد عبدالوهاب والأمين العام للمجلس الوطني الأستاذ كامل العبدالجليل إلا مؤشرا يعكس هذا القلق من جهة، وإصرار المؤسستين من جهة أخرى على المواجهة والانخراط بقوة في مشاريع حفظ الإرث التراثي والإنساني لدولة الكويت، لا سيما أن المؤسستين بالفعل لهما تعاون سابق في مجال التنقيب والبحث عن الآثار بمشاركة مختصين وطلاب من قسم التاريخ بكلية الآداب، وربما أعرف كما- يعرف كل مهتم- ضرورة أن تكون هناك حاجة مستمرة للتقييم والتساؤل: ماذا تحقق؟ وماذا لم يتحقق؟ إلا أنه بمقدوري القول إن ثمة رؤى جديدة وقيادات فاعلة تصر على إرساء نمط ثقافي قادر على صياغة معالم الحداثة والتطوير بمؤسساتها، صياغة تعزز من مكانة الكويت، ونقل فضاءات التحول الحاصل نحو أجيال الشباب للسماح لهم بخلق مساحة فاعلة، وجعلهم جزءا من مشروع مستقبلي منفتح دائما على القابلية للتجدد، ويتيح لهم الاستفادة من الإمكانات والقدرة على نقل معالم الثقافة والأدب لمجتمعهم بشكل فاعل وأكثر حضورا.
في الختام أجدني مطمئنا لتأكيد ما كتبته في مقال سابق من أن د. سعاد عبدالوهاب «لا تزال تسجل مزيداً من التألق والحضور»، وهذا الدور أيضاً ينطبق على الأمين العام للمجلس الوطني والذي أثبته منذ أن كان إعلاميا في تلفزيون الكويت عام 1980 مرورا بشغله منصب مدير عام مكتبة الكويت الوطنية.
مقالات - اضافات
تحالف مطلوب
03-01-2020