وثيقة لها تاريخ : «دي غوري» برّأ «عبدالمطلب» من تهمة بيع لحم قطط عام 1937م
كلنا يتذكر حلقات المسلسل الكويتي الرائع "درب الزلق"، وكلنا يتذكر الحلقة التي اتهم فيها بطل المسلسل الفنان عبدالحسين عبدالرضا رحمه الله بأنه يبيع للناس لحم كلاب على أنه لحم خراف. كلنا ضحكنا كثيراً ومراراً على هذه الفكرة التي اعتقدنا أنها خيالية ومن نسج خيال المؤلف. إلا أن ما ورد في المسلسل وقع أمر مشابه له بالفعل في عام 1937، وتم توثيقه في تقارير كتبها المعتمد البريطاني بالكويت والمقيم البريطاني بالبحرين. وقد اطلعت على هذه التقارير في ملف خاص من خلال موقع مكتبة قطر الوطنية، وعرفت أن القصة التي وردت في المسلسل لابد أنها استندت إلى الحادثة التي وقعت عام 1937، مع تغيير في بعض تفاصيلها. وطبقاً للتقارير التي قرأتها، فإن المعتمد البريطاني بالكويت دي غوري علم عند عودته من بعض الأعمال الرسمية خارج دار الاعتماد أن أحد الرعايا البريطانيين (من الهنود) العاملين في الكويت، واسمه "عبدالمطلب"، تم إلقاء القبض عليه من السلطات الكويتية بتهمة بيع لحوم قطط في مطعمه على أنها لحوم أغنام. ولمعرفته الوثيقة بعبدالمطلب، ولكون الأخير من رعايا بريطانيا، فقد سعى دي غوري إلى إطلاق سراحه فوراً من السلطات الكويتية، وتم ذلك فعلاً بعد نصف ساعة، كما قال دي غوري في تقريره المطبوع بتاريخ 18 مارس 1937. يقول المعتمد البريطاني في تقريره "بدأت القصة بتاريخ 11 من يناير، عندما رجعت متأخرا من جولة في قلب المدينة ووجدت رئيس موظفي الوكالة ينتظرني ليخبرني بأن عبدالمطلب، وهو احد الرعايا البريطانيين، قد تم اعتقاله من قبل السلطات المحلية في غيابي وخلافا لامر المجلس الخاص بالكويت. والتهمة هي انه كان يبيع لحم قطط في مطعمه بدلا من لحوم الاغنام.
ولم اضيع اي وقت من اجل اطلاق سراحه، فبعد نصف ساعة من وصولي خرج من السجن واحتفظت به في الوكالة". وأكد دي غوري أن أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله زاره في الوكالة في صباح اليوم التالي، واعتذر عن الخطأ في إجراءات القبض على عبدالمطلب، ووعد بأنه سيرسل رسالة توضح طبيعة الاتهام الموجه إليه. وفعلاً في نفس اليوم، يقول تقرير دي غوري، أرسل الشيخ أحمد رسالة توضح ملابسات القضية والأدلة التي تدين عبدالمطلب. كما أوضحت الرسالة أن السلطات الكويتية حققت مع عبدالمطلب ووجدته مذنباً، إلا أن دي غوري اعترض على التحقيق الكويتي وأرسل رسالة إلى رئيس الشرطة ونسخة إلى الشيخ أحمد وأخبرهم أنه من حقه أن يقوم بالتحقيق مع الرعايا البريطانيين وليس السلطات الكويتية، وأنه سيحقق مع عبدالمطلب غداً الساعة الثالثة بعد الظهر. وتم التحقيق مع عبدالمطلب بدون حضور شهود من جانب السلطات الكويتية لعدم وجود الوقت الكافي لإبلاغهم وتأمين حضورهم، وتم إغلاق القضية من قبل المعتمد البريطاني لعدم وجود شهود أو أدلة حاسمة لتأكيد الاتهام. وبعد كل ما حصل، قرر عبدالمطلب مغادرة الكويت، وفعلاً أغلق مطعمه وغادرها نهائياً.