العراق: تشييع سليماني والمهندس... وشرخ مع «التحالف»

● عبدالمهدي: لدينا بدائل لتدريب قواتنا
● الصدر يزور طهران وإعادة «جيش المهدي» تثير توتراً

نشر في 05-01-2020
آخر تحديث 05-01-2020 | 00:05
مشيعون يحيطون بالسيارة التي تنقل جثة سليماني خلال تشييعه في الجادرية ببغداد أمس (ا ف ب)
مشيعون يحيطون بالسيارة التي تنقل جثة سليماني خلال تشييعه في الجادرية ببغداد أمس (ا ف ب)
وسط أجواء من الغضب، شيع الآلاف من العراقيين المؤيدين للفصائل الموالية لإيران، أمس، جثماني قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، في وقت علق التحالف الدولي عمليات تدريب القوات العراقية مع تصاعد التوتر.
شارك آلاف العراقيين، وهم يهتفون «الموت لأميركا»، أمس، ببغداد، في تشييع رئيس فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس، اللذين قتلا الجمعة في ضربة أميركية، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية بالوكالة بين واشنطن وطهران.

وبدأ تشييع سليماني والمهندس ورفاقهما صباحا في حي الكاظمية ببغداد، الذي وصلت إليه سيارات بيك-آب نقلت نعوش قتلى العملية الأميركية، فرفعت أعلاما عراقية وسارت بين الحشد الذي ارتدى المشاركون فيه ملابس سوداء.

كما رفعت أعلام إيرانية على السيارات التي نقلت القتلى الإيرانيين، وحمل عدد من المشاركين صورا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.

بعد الكاظمية، انتقل الموكب الى المنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة، حيث كانت القيادات السياسية تنتظر، وشارك رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي في التشييع، وكذلك شخصيات سياسية بارزة، بينها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وقادة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، وفي مقدمهم هادي العامري رئيس «تكتل الفتح» المرشح لتولي منصب المهندس.

وبقيت الحشود الشعبية عند مدخل المنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأميركية التي تعرضت لهجوم ومحاولة اقتحام الثلاثاء الماضي، من قبل متظاهرين موالين لإيران وعناصر من الحشد الشعبي.

ونقلت الجثمانين العشرة بعد ذلك إلى مدينة كربلاء، على أن ينتهي بها المطاف في مدينة النجف جنوب البلاد، حيث سيوارى المهندس الثرى، وينقل جثمان سليماني إلى إيران ليوارى الثرى بعد غد في مسقط رأسه كرمان، وسط إيران، بعد مراسم تكريم في جميع أنحاء البلاد، حسبما أعلن الحرس الثوري.

وزار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، عائلة سليماني لتقديم العزاء أمس الأول، وتوعدت طهران الولايات المتحدة بـ»ردّ قاس» في «الزمان والمكان المناسبين».

غموض «التاجي»

جاء ذلك غداة تضارب في المعلومات حيال غارة جديدة استهدفت قافلة لقوات الحشد الشعبي في منطقة التاجي شمال بغداد، بحسب مصدر أمني أشار إلى سقوط «قتلى وجرحى» دون تحديد عددهم.

واتهم الحشد بداية واشنطن بتنفيذ الغارة، لكن المتحدث باسم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة بالعراق، نفى أن يكون التحالف أو القوات الأميركية وراء ضربة جوية جديدة، وقال الجنرال مايلز كاغينز، لوكالة فرانس برس، «لم يكن هناك أي ضربة أميركية أو من التحالف الدولي».

وكان إعلام الحشد الشعبي أعلن عن ضربة جوية في التاجي استهدفت رتلا للطبابة تابعا لقوات الحشد، لكن الأخير أكد في وقت لاحق، على تطبيق «تلغرام»، أن «طبابة الحشد تنفي استهدافها بصواريخ أميركية فجر اليوم في قضاء التاجي».

لذا لا يزال الغموض كاملا حيال هذه الضربة، التي جاءت بعد هجوم صاروخي بطائرة مسيرة نفذه الأميركيون قرب مطار بغداد، وقتلوا خلاله سليماني والمهندس و8 أشخاص آخرين، وردت طهران متوعدة بـ»انتقام قاس»، بينما أثار التصعيد الخشية من نزاع مفتوح بين الجانبين.

خفض العمليات

وفي مواجهة التصعيد، قرر التحالف خفض عملياته العسكرية في العراق. وقال مسؤول عسكري أميركي، لوكالة فرانس برس، «سنقوم بعمليات محدودة ضد تنظيم الدولة الإسلامية مع شركائنا»، مضيفا: «عززنا الإجراءات الأمنية والدفاعية في القواعد العراقية التي تستضيف قوات التحالف».

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس الأول إرسال ما يصل إلى 3500 جندي إضافي الى المنطقة، لتعزيز أمن المواقع الأميركية. بدوره، علق الحلف الأطلسي مهام التدريب التي يقوم بها في العراق، حسبما أعلن المتحدث باسمه ديلان وايت.

عبدالمهدي

إلى ذلك، أكد اللواء الركن عبدالكريم خلف، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، أمس، أن قوات التحالف غير مسموح لها القيام بأي عمل إلا بموافقة القائد العام.

ونقلت وكالة الانباء العراقية «واع» عن خلف قوله: «لدينا بدائل لتدريب قواتنا المسلحة»، مشيرا إلى أن «قوات التحالف غير مسموح لها القيام بأي عمل إلا بموافقة القائد العام».

البرلمان

وبينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، في اتصال هاتفي أمس، ضرورة عمل الجميع لمنع تحويل العراق الى ساحة صراع بين الأطراف المتنازعة، تتجه الأنظار اليوم الى جلسة هامة للبرلمان لمناقشة عملية اغتيال سليماني والمهندس، يتوقع أن تشهد ضغوطا من حلفاء إيران لإلغاء الاتفاقيات الأمنية مع واشنطن، وسحب تفويض الحكومة العراقية من التحالف الدولي للعمل على الأراضي العراقية.

في السياق، أكد النائب عن «تحالف الفتح» حسين اليساري، أمس، عزم البرلمان إصدار قرار «قوي يوازي فداحة الجريمة الكبيرة التي اقترفتها» القوات الأميركية ضد السيادة العراقية، داعيا النواب إلى الحضور «بقوة» في جلسة اليوم.

وقال اليساري إن «مجلس النواب لديه آراء واستحضارات كبيرة في جلسة اليوم المخصصة لمناقشة الخرق الأميركي لسيادة العراق»، مبينا أن «مجلس النواب سيكون له الدور الكبير في قطع الطريق أمام الخروق الأميركية، واستمرارها في الاعتداء على بلدنا تحت ذرائع وادعاءات غير مقبولة».

وأضاف أن «مجلس النواب سيناقش جميع التبعات الموجودة بالاتفاقية الامنية مع واشنطن، إضافة إلى عزمنا على إصدار قرار قوي ويوازي فداحة الجريمة الكبيرة التي اقترفتها القوات الأميركية ضد السيادة العراقية».

وبين أن «الغياري الوطنيين من ممثلي الشعب عليهم الحضور بقوة بجلسة اليوم، لأن الموضوع لا يحتمل المجاملة، وعلى الجميع التواجد لأن الأمر يرتبط بمصير الدولة، والجميع عليه تحمل المسؤولية الوطنية في الرد على هذه الخروق، لأننا أمام مفترق إما أن نكون أو لا نكون».

وتصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على قواعد عراقية تضم عسكريين أميركيين، أسفرت عن جرح ومقتل عدد من العسكريين العراقيين، وصولا الى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك شمال بغداد بثلاثين صاروخا في 27 ديسمبر، مما تسبب في مقتل مدني أميركي.

وردت الولايات المتحدة في 29 ديسمبر بقصف منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، مما تسبب في مقتل 25 مقاتلا.

وإزاء الخوف من استمرار التصعيد، نصحت لندن البريطانيين أمس بتجنب السفر إلى العراق، وعدم السفر إلى إيران، إذا لم تكن هناك ضرورة، وكانت واشنطن دعت رعاياها الى مغادرة العراق.

وبينما زار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر طهران، أمس، حيث شوهد في منزل قاسم سليماني يقدم العزاء، أثارت دعوته إلى إعادة عمل «جيش المهدي» توتراً في أوساط سنية، في وقت تحدث مراقبون أن خطوة الصدر قد ضرورية في ظل التوتر الأمني والاغتيالات الغامضة.

back to top