وسط ترقب دولي وإقليمي لرد فعل إيران على اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" اللواء قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" العراقي أبومهدي المهندس قرب مطار بغداد، أمس الأول، توعد "الحرس الثوري" الإيراني بمعاقبة الأميركيين أينما كانوا على مرمى البصر.وقال قائد "الحرس الثوري" في إقليم كرمان الجنوبي غلام علي أبوحمزة، إن إيران ستعاقب الأميركيين أينما كانوا على مرماها، لافتاً إلى إمكانية شن هجمات على سفن في الخليج.
وتابع: "مضيق هرمز نقطة حيوية للغرب، وان عددا كبيرا من المدمرات والسفن الأميركية يمر من هناك. حددت إيران أهدافا أميركية حيوية في المنطقة منذ وقت طويل، نحو 35 هدفا أميركيا في المنطقة، بالإضافة إلى أن تل أبيب في متناول أيدينا".وأضاف المسؤول البارز في المؤسسة العسكرية الإيرانية، التي صنفتها واشنطن ضمن الكيانات الإرهابية، ان "طهران تحتفظ بالحق في الثأر".
رسالة أميركية
في موازاة ذلك، قال نائب قائد "الحرس الثوري" علي فدوي، أمس، إن بلاده تلقت رسالة من واشنطن بعد مقتل سليماني، تدعوها إلى أن يكون ردها على الاغتيال "متناسباً".وقال فدوي: "لجأ الأميركيون إلى الطرق الدبلوماسية صباح أمس الأول، وقالوا، إذا أردتم الانتقام، انتقموا بشكل متناسب مع ما فعلناه".وأشار إلى أن الولايات المتحدة ليست في موقع يخولها تحديد الرد الإيراني. وأكد فدوي أن على الأميركيين أن يتوقعوا انتقاماً شديداً "الانتقام لن يكون محصورا في إيران".وشدد على أن "جبهة المقاومة على امتداد مساحتها الجغرافية الشاسعة على استعداد لتنفيذ الانتقام"، في إشارة إلى حلفاء طهران في الشرق الأوسط.جاء ذلك بعد أن صرح وزير الخارجية محمد جواد ظريف بأن "الموفد السويسري نقل رسالة حمقاء من الأميركيين" مساء أمس الأول.وأوضح ظريف أنه تم بعد ذلك "استدعاء المسؤول في السفارة السويسرية في المساء، وتلقى رداً خطياً حازماً على رسالة الأميركيين الوقحة".ويتولى سفير سويسرا في طهران تمثيل المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية منذ قطع العلاقات الثنائية عام 1980.تبرير الزيارة
وحول السبب وراء زيارة سليماني لبغداد، قال علي فدوي إن السبب هو "قلق الحشد الشعبي من عودة تنظيم داعش"، مضيفاً: "كان على سليماني أن يتخذ الإجراءات، وهذا هو سبب وجوده في العراق".اللافت أن فدوي لم يشر في تصريحه إلى أحداث الأسبوع الماضي، مثل الهجوم على القوات الأميركية في محافظة الأنبار، ومقتل متعاقد مدني أميركي في قصف صاروخي، ورد الولايات المتحدة من خلال الهجوم علی 5 مواقع لـ"الحشد الشعبي" في العراق وسورية، وما تلاه من هجوم كتائب "حزب الله" العراقي علی السفارة الأميركية في بغداد ومحاصرتها.وأكد نائب قائد "الحرس" أن سليماني وصل إلى مطار بغداد قادماً من سورية، قائلاً: "كان يسافر باستمرار، وخاصة هذه المرة، سافر من سورية إلى العراق على متن طائرة ركاب یمكن تتبعها حتی علی مواقع الطيران".توقيت الرد
في السياق، أكد كبير متحدثي القوات المسلحة الإيرانية العميد أبوالفضل شكارجي أن إيران هي التي تحدد وقت ومكان وطبيعة الرد على أميركا.واتهم شكارجي واشنطن باغتيال سليماني والمهندس لـ"دورهما في مكافحة داعش". وأضاف أن "الأميركيين يدركون جيداً أن إيران لن تتسرع في الرد"، مشيرا إلى أن بلاده تخطط للرد بكل قوة مستقبلا "ولتعلم أميركا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجبهة المقاومة لن تستكين إزاء الجريمة الإرهابية". وأكد أن إيران و"جبهة المقاومة" لن تكتفي بالدفاع بل ستتخذ خطوات هجومية. وطالب الشعب الإيراني بالصبر، ودعا الأميركيين إلى الرحيل عن المنطقة "وإلا فليتحملوا خسائر فادحة".شن حرب
من جهته، قال السفير الإيراني في الأمم المتحدة، إن قتل أبرز قائد عسكري إيراني أشبه بشن حرب، وإن الرد على عمل عسكري يكون بعمل عسكري.وقال السفير مجيد تخت روانغي: "إن الولايات المتحدة دخلت باغتيال سليماني مرحلة جديدة، بعدما بدأت حربا اقتصادية بفرض عقوبات مشددة على إيران في عام 2018، لذلك كان هذا فصل جديد يعادل بدء حرب ضد إيران".وفي وقت سابق، توعد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بـ"انتقام مؤلم" لمقتل سليماني، وأعلن الحداد في البلاد 3 أيام.وجاءت التطورات في وقت دعت عدة دوائر إيرانية إلى تسريع الخطوة الخامسة لتقليص الالتزامات النووية المنصوص عليها في الاتفاق الدولي المبرم بين طهران والقوى الكبرى الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترامب في 2018.وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني هدد، أمس الأول، الولايات المتحدة بـ "العواقب التي لا مفر منها" من جراء قتلها سليماني.ووصف المجلس الاغتيال بأنه "أكبر خطأ استراتيجي" للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، وأن الإدارة الأميركية "لن تفلت بسهولة من تداعيات حساباتها الخاطئة"، متوعدا برد في الوقت والمكان المناسبين.ظريف وعبدالرحمن
إلى ذلك، ووسط حديث عن مبادرات عربية للتهدئة، قام وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن بزيارة مقررة سلفاً إلى طهران أمس التقى خلالها نظيره الإيراني والرئيس حسن روحاني. ووصف ظريف، خلال لقائه عبدالرحمن، الضربة الأميركية بالإرهابية، وقال إن النظام الأميركي، مسؤول عن عواقب العملية. وأكد أن "إيران لا تريد توترات في المنطقة ولا ترغب في التصعيد، وأن وجود وتدخل القوات الأجنبية في المنطقة، يسببان عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتصعيد حدة التوتر في منطقتنا الحساسة". وعقد الوزيران جولة مشاورات علنية وأخرى مغلقة.إدانة إيرانية
من جانب آخر، دان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي بشدة موقف الحكومة الألمانية من "العدوان الأميركي الوحشي والإرهابي الأخير" في العراق، بعد أن اعتبرت برلين أن الخطوة الأميركية جاءت نتيجة "الاستفزازات التي تعرضت لها واشنطن".