العنوان لتذكيركم بكلام القيادي في المجلس الأعلى للتخطيط حين نبهنا "جزاه الله خيراً"، في لقاء تلفزيوني هو أقرب للتهريج السياسي، بأننا من كوكب بعيد، ولسنا مثل كل الناس، فنحن حسب الأطروحة العلمية لهذا القيادي "احنا غير".مؤكد أنتم غير بقية خلق الله في دول السنع التي تعين وتوظف في إداراتها القيادية أهل الجدارة والكفاءة، وليس حسب الانتماء السياسي والمحاصصة الطائفية والعائلية والقبلية. فنحن المسيرون من "الغير"، لا نملك من أمرنا شيئاً – في واقع الكرب - فهم اهل البخاصة "غير" يحكمون الدولة، وهم السلطة التي وظفت هذا القيادي وغيره في مركزه (هم) العالي (ة) من دون بقية الكفاءات عند الناس المغلوبين على أمرهم في ديمقراطية "الغير" مساواة بحكم القانون.
للتأكيد على رجاحة فكر القيادي السابق وتنظيره الرائع في فلسفة الغير، يمكن أن تقولوا، حقيقة، إننا "غير" حين تقصي السلطة أحد الكبار من أبنائها، لأنه كان على "غير" عادتهم وممارستهم (أي أهل السلطة) في الصمت واللامبالاة في قضايا الفساد، فقد تكلم وتحرك لفضح قضايا فساد مخيفة، وكان الجزاء له من "غير" صنف العمل، فشكراً لسلطة "الغير" في مبدأ الثواب والعقاب.نحن، ولله الحمد، نستطيع الكلام بصيغة الرمزية والتورية والعمومية عن قضايا الفساد التي تلف البلد بطوله وعرضه، ولا يمكننا أن نقول أكثر من ذلك، فأنتم "الغير" تعرفون كيف تنهون (وتنتهي) تلك القضايا بدولة المؤسسات المستقلة، أو تخرسون أصوات المشاغبين حين يتحدثون صراحة عن المفسدين. لكن بدورنا وتحت بند التمويه والحديث المستهلك يمكن أن نقول إننا نشاهد الفساد بالعين ونلمسه باليد، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً تحت مظلة دستور أهل البخاصة الذي لا يمكن الاقتراب منه والمساس به، بعكس دستور الدولة الرسمي، فهذا الأخير كلام في كلام، هو عبارات إنشائية صيغت قبل نصف قرن بجدية من الآباء المؤسسين، وانتهى بملهاة كوميدية على يد الأبناء المخلصين، هو بهرجة شكلية للدولة الديمقراطية التي لا ظل لها بالواقع لا في مؤسساتها ولا في التشريعات التي تصدر والتي تطبق والتي تنسى حسب تغير الظروف في نهج الغير.نحن "الغير" حين نخرج من منازلنا في الصباح، ونرى المخالفات في أكثر منازل الناس، ومخالفات فساد أكبر في معظم العمارات التجارية والاستثمارية في الشويخ الصناعية بالأمس، وأسواق القرين اليوم، وبكل مكان، ففي مثلث "كويت الغير" هناك عوج وفوضى، لأن إدارة البلدية، مثلاً وليس حصراً، التي "ما يشيل فسادها البعارين"، لا يمكنها أن تصنع شيئاً، فهي في نهج الرشا والمحسوبية المتأصلين في أعرافها هي "غير"، هي غير "قليلاً" عن بقية مؤسسات الدولة، فجرعتها وحصتها من الفساد أكثر وضوحاً وقرفاً.أنتم وليس نحن "غير"، إدارة التعليم التي لا تدرون عنها شيئاً تسير للأسوأ ومخرجات هذه المؤسسة تنحدر عاماً بعد عام، والصحة أيضاً، التي "أنتم" بحكم قانون البخاصة السامي تديرونها هي "غير" ومتردية، أما بقية مؤسساتكم "الغير" فأنتم ربما أدرى بحالها، وربما لا تدرون بحالها، وفي أي من الحالين، أنتم "غير". ختاماً، خذوا مثلاً قريباً على أعراف "الغير" في سياسة الكوميديا السوداء، وزيرة المالية في إجابة لها على سؤال برلماني تقول: نحن لا نفصح عن المصروفات "الخاصة" لوزارة الداخلية مراعاة "للمصلحة العامة"!! ليتكم تعلبون كلمتي "المصلحة العامة" في كراتين ذهبية وتوزعونها على الجمعيات التعاونية ليتم اجترارها ببلاش، فأنتم "الدولة" صاحبة السيادة والمصلحة العليا، ونحن "الغير" مستهلكون... وكل عام وأنتم "بغير".
أخر كلام
كل عام وأنتم غير
05-01-2020