خاض بيل كلينتون وباراك أوباما حملتيهما الانتخابية ووصلا إلى البيت الأبيض تحت شعار "الأمل"، فما كلمة السر التي يحتاج إليها المرشح الديمقراطي هذه المرة لتحقيق الفوز؟ يبدو أنها كلمة "صابون"! بعد مرور ثلاث سنوات تقريباً على بدء عهد دونالد ترامب، تحتاج الولايات المتحدة إلى تنظيف شديد وتطهير شامل! يجب أن تمحو شوائب إدارة تُمعِن يومياً في تلطيخ سمعة البلد، لقد تشوّه البلد على يد رئيس يشبه كاسترو: فهو ألقى خطاباً نارياً طوال ساعتين في ميشيغان عشية إجراءات عزله، واعتبر ابتزازه لأوكرانيا "مثالياً"، وأشاد بواحد من أسوأ طغاة العالم قائلاً إنه كتب له "رسائل جميلة... فأُغرمنا ببعضنا"! هو رئيس تخلى عن الحلفاء الضعفاء في سورية ثم قرر إبقاء القوات العسكرية هناك "من أجل النفط فقط"، وهو من شَيْطَن المهاجرين غير الشرعيين، قبل سنة تقريباً من مجزرة "إل باسو"، على اعتبار أنهم "تدفقوا إلى بلدنا ولوّثوه".تطول لائحة المواقف المماثلة ويتأثر بها الجميع، ففي يونيو نشر مركز "بيو" للأبحاث استطلاعاً حول رأي البلد بمستوى الخطاب العام، فاعترف 59% من الجمهوريين ومن يميلون إلى تأييد الحزب الجمهوري بأنهم يشعرون بالقلق في معظم الأوقات أو أحياناً من كلام ترامب، كذلك اعترف نصفهم تقريباً بأنهم يشعرون أحياناً بالإحراج (53%) أو الارتباك (47%) من تصريحات ترامب.
قد يكون منتقدو ترامب محقين بشأنه جزئياً، لكنهم ليسوا على صواب بقدر ما يظنون، ففي منافسة بين الأخرق الهجومي في البيت الأبيض والمثاليين المنمقين الذين يحاولون هزمه، قد يفوز الرجل الأخرق!كيف يمكن تجنب هذه النتيجة؟تتعلق أبرز خطوة بعدم التعهد بإجراء إصلاح شامل للاقتصاد لأنه لا يحتاج إلى إصلاح مماثل، وتتعدد المخاطر المطروحة على الازدهار الأميركي على المدى الطويل، منها انخفاض معدل المواليد، والدين العام الذي يبلغ 23 تريليون دولار، وتصدّع الإجماع حول التجارة الحرة العالمية، والتهديدات المطروحة على الاستقلالية السياسية للاحتياطي الفدرالي، وتعميم مفاهيم اقتصادية سخيفة على غرار النظرية النقدية الحديثة.تقضي حلول فاعلة بوضع خطة إنفاق ذكية في مجال البنى التحتية، وفرض ضرائب جديدة على انبعاثات الكربون مقابل تخفيضات ضريبية على الدخل والادخار، وإقرار زيادات متواضعة في الضرائب على الأثرياء بما يتماشى مع الوعد بطرح ميزانية متوازنة.ربما تفتقر هذه الاقتراحات إلى طموح تصاعدي لكنها تعوّض عن ذلك بالمنطق السياسي والتواضع الجاذب، كما أنها تهزم أقوى حجة يطرحها ترامب في سعيه إلى إعادة انتخابه، أي الفكرة القائلة إنه يترشح ضد اليسار المجنون، بغض النظر عن هوية من ينافسه.في هذا الإطار من الواضح أن معسكر اليسار اليوم بات منشغلاً أكثر من اللزوم بتسليط الضوء على بشاعة معسكر اليمين بقيادة ترامب بدل أن يلاحظ عيوبه الخاصة، على رأسها النزعة النقدية العدائية والبذاءة والتبجح المفرط، لكن يلاحظ ملايين الأميركيين العاديين هذه الشوائب ولن يصوتوا لمرشّح يصرّ على ترسيخ ثقافة "اليقظة"، وسيكون الديمقراطي الذي يتجاوز تلك الثقافة الأوفر حظاً لهزم ترامب.أخيراً، يحتاج المرشح الديمقراطي الفائز إلى التقليل من أهمية عهد ترامب بدل التركيز على قوته، حيث يملك مايك بلومبيرغ موارد مالية قادرة على طمس ثروة ترامب، ويتمتع جو بايدن بخبرة واسعة في الحياة لدرجة أن مواقف ترامب الهجومية تبدو سخيفة، ويتميز بيت بوتجيج وإيمي كلوبوشار بمهارات خطابية كفيلة بجعل أسلوب ترامب الساخر ينقلب ضده. تقضي أهم خطوة لهزم ترامب بالتعامل معه بالسخافة التي يستحقها، ألن يتغير الوضع بطريقة جذرية إذا قرر خصومه السياسيون ووسائل الإعلام المهووسة تخفيف الكلام عنه وتجاهله في مناسبات إضافية خلال عام 2020؟حين يتعلق الهدف الأساسي بغسل أيدينا لتنظيفها من القذارة لن نحتاج إلى سيف، بل إلى صابون! * بريت ستيفنز
مقالات
ما الشروط المطلوبة لهزم دونالد ترامب؟
06-01-2020