بوادر أزمة حادة بدأت تتضح ملامحها بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من جهة، وبين المنتجين من جهة أخرى، وذلك بسبب قرار إيقاف لجنة إجازة النصوص المسرحية التابعة للمجلس، بقرار من وزير الإعلام رئيس المجلس محمد الجبري، على خلفية قضية مسرحية "هاديس" التي قدّمتها فرقة المسرح الكويتي في مهرجان الكويت المسرحي الـ20، وذلك لحين انتهاء أعمال لجنة فحص ومراجعة العرض محل الخلاف.وألقى قرار إيقاف لجنة النصوص بظلاله على الساحة الفنية، وتسبب في ربكة للمنتجين المسرحيين، لاسيما مع اقتراب موسم فبراير إلى جانب استعدادات الشركات والفرق المسرحية لموسم عيد الفطر المقبل، حيث يرفض المجلس الوطني تسلّم النصوص الجديدة لحين الانتهاء من لجنة التحقيق في المسرحية المذكورة، وبالتبعية الوقوف على وضع لجنة إجازة النصوص.
"الجريدة" استطلعت آراء بعض العاملين في الوسط الفني للتعرف على وجهة نظرهم في الوضع القائم.
وضع حساس
بداية، يقول الكاتب والمخرج المسرحي بدر محارب إن "لجنة رقابة النصوص لها وضع مهم وحساس في "الوطني للثقافة"، لأنها التي تقرر مدى صلاحية النص للعرض المسرحي من عدمه، وكثير من المنتجين يعوّلون على هذه اللجنة لتمنحهم النتائج بسرعة، خصوصا أنها قد تستغرق 10 أيام أو أسبوعين، ورغم ذلك كثير من المنتجين يشكون من التأخر.واستطرد "الآن اللجنة أوقفت، ومصيرها بات مجهولا، والمنتجون أعمالهم متوقفة ومجمدة، ولا يستطيعون إبرام عقودهم مع المؤلفين أو الممثلين أو المخرجين مع اقتراب موسم عيد الفطر المسرحي، مما يترتب عليه خسائر مادية فادحة، خصوصا أن المنتج يبدأ في الترتيب لعمله قبل فترة، ألا تعد تلك أموال مهدرة؟وأضاف محارب: "قرار إيقاف لجنة رقابة النصوص لا علاقة له بلجنة التحقيق في مسرحية "هاديس"، فلماذا لا يتم تشكيل لجنة جديدة على سبيل المثال لعدم تعطيل مصالح المنتجين؟ نتمنى من الوزير الجبري حسم الأمور إما بتشكيل لجنة جديدة أو إعادة اللجنة القديمة للعمل.وأشار إلى أن المنتجين قد يحرّكون دعاوى قضائية ضد المجلس بسبب الخسائر التي يتعرّضون لها بسبب إيقاف اللجنة، وبالتالي عدم تمكّنهم من الحصول على إجازة نصوصهم.واقترح محارب إلغاء اللجنة والاكتفاء برقابة العرض المسرحي وقال: "لماذا لا يتم إلغاء اللجنة والاكتفاء برقابة العرض المسرحي؟ لاسيما أن هناك رقابة على البروفة النهائية قبل انطلاق العروض، فضلا عن الرقابة اليومية، خصوصا خلال موسم العيد، حيث يوجد اثنان أو ثلاثة أشخاص من الرقابة في العروض، وبذلك فإن النص المسرحي لا علاقة له، وإذا كانت هناك ملاحظة للرقيب على العرض يمكنه أن يبديها في البروفة النهائية، ويطلب تغيير جملة أو مشهد على سبيل المثال، بالعرض المسرحي أوضح من النص.توفير المال
وأكد الكاتب والمخرج المخضرم أن إلغاء رقابة النصوص يساهم في توفير المال المتمثل في المكافأة التي تُمنح لأعضاء اللجنة وتوفير وقت المنتج، بدلا من تعطيل عمله انتظارا لقرار اللجنة، وأخيرا توفير مجهود اللجنة وأعضائها.آلية منظمة
من جانبه، طالب الفنان والمخرج والمنتج محمد الحملي بوضع آلية للجنة الرقابة، وقال "اليوم نحن كفنانين ومنتجين ومؤلفين، ما ذنبنا إذا لم يضع المجلس الوطني للثقافة آلية منظمة وبديلة للرقابة في ظل هذه الظروف؟ خصوصا أننا كشركات إنتاج لدينا مصاريف والتزامات شهرية وخطة عمل وجدول عروض إذا لم نوفّ بكل هذه الالتزامات، كيف سيكون وضعنا؟ وإذا ما أقدمنا على تقديم عروضنا المسرحية من دون الحصل على إجازة، فما هي العواقب؟ نحن ما يقارب الـ40 شركة إنتاج نقف على أعتاب موسم مسرحي مزدحم خلال شهري يناير وفبراير، فضلا عن موسم عيد الفطر الذي اقترب، نحتاج جميعا إلى رأي حكيم من المجلس الوطني للثقافة الذي يجب عليه أن يضع آلية بديلة ومنظمة لوضع الفنانين، خصوصا أن إدارة المسرح لا تملك الخبرة الكافية في السوق الكويتي، وليس لديها استبيان رأي حول متطلبات السوق الكويتي.وأضاف الحملي: "إيقاف جهة مثل لجنة الرقابة ينطوي على خطورة كبيرة على المنتجين، وأعتقد أن إلغاء اللجنة ربما يكون حلا مناسبا لتعيدل الآلية، وأتمنى أن نقتدي بدول سبقتنا إلى هذه الخطوة، مثل البحرين ودبي والسعودية.واستطرد "أعضاء لجنة الرقابة ليسوا موظفين في المجلس الوطني للثقافة، لذلك نطالب بتشكيل لجنة رقابية من الفنانين المحترفين وذوي الخبرة في العروض المسرحية لتقييم العرض متكاملا وليس النص فقط.تعثّر الحركة المسرحية
المخرج والمنتج صادق بهبهاني قال: "لا يختلف اثنان على أن الكويت رائدة مسرحيا ومنذ فترة والمسرح يعاني مشكلات عدة مع الرقابة، ولا شك في أن القرار الأخير بإيقاف لجنة إجازة النصوص يقف حائلا دون ممارسة عملنا المستقبلي"، مؤكدا أن النص هو أساس أي عمل مسرحي، وإجازته تفتح المجال أمام التعاقد مع المخرج والممثلين والفنيين، وأن إيقاف اللجنة مع عدم توافر آلية بديلة يتسبب في تعثّر الحركة المسرحية ككل".وتمنى بهبهاني الاهتمام بصورة أكبر بالمسرح، وأن يتم ايجاد آلية بديلة لتسريع عجلة إجازة النصوص، واختتم: "نتمنى أن يكون المسرح على قائمة الأولويات، وأن يتم الاهتمام به ودراسة متطلباته بشكل عام.