الإعلانات للناس... «والوظايف لعيالنا»
إعلان الوظائف يحتاج إلى حل جذري للقضاء عليه، فترشيد وحوكمة الإجراءات الإدارية على كل الجهات الحكومية بمختلف قطاعاتها التي تعلن الوظائف أمر واجب على مجلس الوزراء الموقر، وتنظيم عمليات التعيين في الدولة يجب أن يبدأ من مرحلة طلب ميزانية الوظائف سنوياً بكل تفاصيلها وأعدادها وأنواعها.
قبل سنوات أخبرني صديق أن هيئة مكافحة الفساد (الأولى التي تم حلها دستورياً) اتصلوا بزميله في العمل ليعرضوا عليه وظيفة إشرافية في الهيئة إذا استقال من وظيفته، فسألهم كيف لهم أن يضمنوا له التعيين عندهم في الوظيفة الإشرافية المحددة رغم وجود إعلان في الصحف المحلية يدعو الراغبين للتقدم لها؟ فأخبره من اتصل عليه أن هذا أمر بسيط، وبمجرد تقدمه للوظيفة سيختارونه لها مهما كان وضع المتقدمين الآخرين، الحقيقة أني في ذلك الوقت اتصلت بأحد الإخوة في مجلس أمناء مكافحة الفساد وأبلغته بالواقعة، ولا أعلم كيف تصرف معها رغم استبعاده حدوث ذلك.كثير من الجهات الحكومية والمؤسسات الملحقة والمستقلة تقع في مستنقع ظلم الشباب الكويتيين في التعيين بالوظائف العامة التي تنشر إعلاناتها في الصحف المحلية لذر الرماد في العيون، وحين يبادر الشباب للتقدم لهذه الوظائف ممن انطبقت عليهم الشروط، وتمتعوا بمعدلات دراسية عالية يفاجؤون باستبعادهم لأسباب غير مفهومة، هذه الحالات المشينة تتكرر كل موسم حتى تكاد تصبح ظاهرة إدارية مفضوحة، ودون أي رد فعل حاسم من مجلس الوزراء أو من ديوان الخدمة المدنية للقضاء عليها، ولا يجد من شعر بالظلم منها سوى اللجوء إلى المحاكم لأخذ حقه كما نسمع ونقرأ بشكل دائم ومستمر عن هذه النوعية من القضايا.
يقع الظلم في هذه النوعية من التعيينات بسبب المحاباة لعيال المسؤولين فيها وربعهم، ويقع الظلم بسبب واسطة وتدخلات النواب وأصحاب النفوذ، ويقع الظلم أحياناً لأن الجهة المعلنة للوظيفة تكون أسيرة لتوجهات عنصرية أو حزبية أو قبلية أو طائفية، والضحية الشباب المتحمسون والكفاءات المتميزة وأبناء الوطن البسطاء الذين مازالوا يحسنون الظن أن ميزان العدالة سينصفهم تلقائيا قبل أن يكتشفوا حقيقة العبث وخيانة الأمانة والظلم بالتعيين.هذا الموضوع يحتاج إلى حل جذري للقضاء عليه أو للسيطرة عليه قدر المستطاع، إذ إن ترشيد وحوكمة الإجراءات الإدارية على كل الجهات الحكومية بمختلف قطاعاتها التي تعلن الوظائف أمر واجب على مجلس الوزراء الموقر، وتنظيم عمليات التعيين في الدولة يجب أن يبدأ من مرحلة طلب ميزانية الوظائف سنوياً بكل تفاصيلها وأعدادها وأنواعها حتى الانتهاء من سد الاحتياجات، مروراً بالإعلانات وشروط التوظف ونتيجة المتقدمين، وسبب استبعاد من لم يحالفهم الحظ بكل شفافية ووضوح، حتى يطمئن المواطن الكويتي أن حقه لن يضيع، وحتى نصدق جميعاً أن إعلانات التوظيف الحكومية ليست للزينة، ولنقضي على فساد وخيانة بعض الجهات الحكومية التي ترفع شعار "إعلانات التوظيف للناس، والتعيين لعيالنا" وبهذه المناسبة أطالب الهيئة العامة للبيئة بنشر نتائج قبول المتقدمين للتعيين عندهم خلال الفترة الماضية وسبب استبعاد من لم يتم تعيينهم ليتمكنوا من اللجوء إلى القضاء الإداري كالعادة. والله الموفق.