جاءت توترات الشرق الأوسط لتزيد حدة الأزمات التي يواجهها الاقتصاد العالمي في 2020، فبخلاف الركود المتوقع، وتباطؤ معدلات النمو وحروب التجارة بين واشنطن وبكين، تزايدت الأزمة مع التوترات الجيوسياسية الأخيرة والأحداث القائمة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.وفي الوقت الذي هربت فيه الأموال الساخنة من الأسواق المتقدمة خلال الربع الأخير من العام الماضي، فإنها اتجهت إلى الأسواق الناشئة بعيداً عن الخسائر الدامية التي واجهتها الأسواق العالمية الكبرى، لكن يبدو أن هذه الأموال ستزحف من جديد بحثاً عن مناطق أخرى أكثر أمناً.
وفي تقرير حديث، قال معهد التمويل الدولي، إن مديري المحافظ الاستثمارية ضخوا 30.7 مليار دولار في أسواق الأسهم والسندات في الاقتصادات الناشئة في ديسمبر الماضي مع إقبال المستثمرين على شراء الأصول العالية المخاطر، وسط تيسير نقدي من بنوك مركزية رئيسية وتقدم في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين.وبذلك ارتفع إجمالي التدفقات إلى أسواق الأسهم والسندات في الاقتصادات النامية في 2019 إلى 310 ملايين دولار، لتتجاوز بسهولة التدفقات في 2018 البالغة 194 مليار دولار، عندما أدت أزمات في تركيا والأرجنتين إلى هروب بعض المستثمرين. لكن 2019 تبقى منخفضة عن التدفقات التي اجتذبتها الأسواق الناشئة في 2017 والتي بلغت 375 مليار دولار.وتشير البيانات إلى أن الأسهم في الأسواق الناشئة جذبت تدفقات قوية بلغت 12.9 مليار دولار. وبلغت حصة الأسهم الصينية 10.1 مليارات، مما يعني أن الاسواق خارج ثاني أكبر اقتصاد في العالم اجتذبت تدفقات إيجابية للمرة الأولى منذ يوليو.وقفزت الأسهم في الأسواق الناشئة بأكثر من 5 في المئة في ديسمبر، وهي أفضل مكاسب شهرية منذ يناير الماضي، مدعومة بعلامات على اقتراب واشنطن وبكين من إبرام المرحلة الأولى من اتفاق للتجارة، وهي أنباء رفعت أيضا بورصة وول ستريت الى مستويات قياسية مرتفعة. كما تمكنت أسواق السندات في الاقتصادات الناشئة من جذب تدفقات بلغت 17.8 مليارا في الشهر الأخير من 2019.وفي تقرير أمس، حذرت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية من أن تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران سيؤدي إلى صدمة اقتصادية ومالية كبيرة.وذكرت أنه «سيكون للنزاع الدائم بين واشنطن وطهران آثار واسعة النطاق من خلال صدمة اقتصادية ومالية واسعة تؤثر سلباً على ظروف التشغيل والتمويل... ومن المحتمل أن يكون للنزاع إذا طال أمده تداعيات عالمية، لاسيما من خلال تأثيره على أسعار النفط».وأشارت إلى أن آثار التوترات المستمرة ستؤثر على الاقتصاد الأوسع - وليس فقط قطاعا النفط والبنوك – حيث ستتأثر قطاعات أخرى مثل السياحة في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، مشيرة إلى أن البعد على المخاطرة سيكون أمراً سلبياً بالنسبة لمصدري أوراق الدين، خصوصا أولئك الذين لديهم احتياجات تمويل خارجية كبيرة واحتياطيات أصغر أو غير كافية نسبياً.كما أن ارتفاع أسعار النفط بالنسبة لمنتجي الخام في الشرق الأوسط يمكن أن يخفف بعض الآثار السلبية على الائتمان، طالما ظل الطلب مرتفعاً وتستطيع الدول مواصلة التصدير.وعلى صعيد الركود العالمي، ذكر تقرير حديث لشركة «بيمكو» للاستشارات، أن مخاطر الركود الاقتصادي قد تراجعت في الأشهر الأخيرة، مشيرةً إلى أن هناك 4 عوامل ترجح تعافي النمو العالمي.ولفتت إلى أن مخاطر الركود تقلصت مدعومة بتيسير نقدي عالمي، وهدنة تجارية بين الولايات المتحدة والصين، وآفاق أفضل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى إشارات على تعافي مؤشرات مديري المشتريات العالمية. وأشارت إلى أن نافذة الضعف الحالية للنمو العالمي ستفسح المجال أمام تعاف معتدل خلال 2020.
اقتصاد
مع توترات الشرق الأوسط... إلى أين تزحف السيولة الساخنة؟
09-01-2020