رغم تحذيرات السلطات العراقية من تحويل البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات، توعّد قائد فصيل «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، أمس، بتوجيه ضربة «عراقية» للقوات الأميركية لا تقل عن مستوى الرد الإيراني، انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي العراقي أبو مهدي المهندس بضربة أميركية.

وقال القيادي البارز في «الحشد الشعبي»، في تغريدة، إن «الرد الإيراني الأوّلي على اغتيال القائد الشهيد سليماني حصل، الآن وقت الرد العراقي الأوّلي على اغتيال القائد الشهيد #المهندس»، مضيفا: «لأن العراقيين أصحاب شجاعة وغيرة، فلن يكون ردهم أقل من حجم الرد الإيراني وهذا وعد».

Ad

وفي تغريدة مماثلة، أعربت «حركة النجباء»، بقيادة أكرم الكعبي، عن شكرها لإيران، وتوعدت بالثأر ومواصلة القتال ضد القوات الأميركية.

وقالت الحركة، التي تعد إحدى فصائل الحشد الرئيسة، «شكراً لإيران لمساعدتها العراق على استعادة سيادته وهيبته باستهداف قواعد محتلة من القوات الأميركية»، وخاطبت الجنود الأميركيين «لا تغمضوا عيونكم، فثأر الشهيد المهندس قادم وبأيادٍ عراقية حتى خروج آخر جندي منكم».

وفي منعطف تصعيد جديد، يُخشى أن يؤدي إلى اندلاع نزاع مفتوح على الأرض العراقية، أكدت قيادة العمليات المشتركة سقوط 22 صاروخاً خلال نصف ساعة على قاعدتي عين الأسد في غرب العراق، وأربيل في الشمال، حيث يتمركز جنود أجانب أغلبهم أميركيون، مؤكدة بعد نحو 7 ساعات أن القصف نفّذ في التوقيت ذاته الذي اغتيل فيه سليماني قرب مطار بغداد الجمعة.

رئاسات العراق

في المقابل، أعرب رئيس العراق برهم صالح، أمس، عن استنكاره للقصف الصاروخي الإيراني للمواقع العسكرية الأميركية على أراضي الجمهورية فجر أمس، ردا على اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس قاسم سليماني في محيط مطار بغداد فجر الجمعة، مجددا رفضه الخرق المتكرر للسيادة الوطنية وتحويل العراق ساحة حرب للأطراف المتنازعة.

وشدد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي على «رفض أي انتهاك لسيادة العراق والاعتداء على أراضيه»، محذّرا من «الأزمة الخطيرة التي تهدد المنطقة والعالم بحرب مدمرة».

وكشف عبدالمهدي عن تلقيه رسالة شفوية من إيران بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، تؤكد أن الرد على قتل سليماني بدأ، أو سيبدأ بعد قليل، وأنه سيقتصر على مواقع للجيش الأميركي دون أن تحدّد مواقعها، مؤكدا أنه «لم ترد حتى الآن أي أنباء عن خسائر بشرية في القوات العراقية أو الأميركية».

تصفية الحسابات

ودعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ سيادة العراق من الانتهاكات الحاصلة، وإبعاده عن دائرة الصراع.

وقال الحلبوسي، في بيان صحافي، «في الوقت الذي ندين الانتهاك الإيراني للسيادة العراقية فجرا، نؤكد رفضنا القاطع لمحاولة الأطراف المتنازعة استخدام الساحة العراقية في تصفية الحسابات»، مضيفاً: «في هذا الظرف العصيب نجدد دعوتنا إلى الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات والتدابير السياسية والقانونية والأمنية اللازمة لإيقاف مثل هذه الاعتداءات».

كما دعا «جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتغليب الحكمة»، مؤكدا أهمية «وحدة الموقف الوطني وتضامن القوى والفعاليات الوطنية؛ لمواجهة التحديات وحفظ استقرار البلد وأمنه ومصالحه، وتجنيب شعبنا ويلات الحروب».

سياسات خاطئة

بدوره، أكد رئيس تحالف الوطنية إياد علاوي أن العراق تحوّل بفعل السياسات الخاطئة لساحة حروب ومسرح لتصفية الحسابات، في حين رأى أن ردة الفعل الرسمية مخيبة للآمال.

وكتب علاوي، على «تويتر»، «هل علمتم الآن لماذا يتظاهر العراقيون في الساحات، ولماذا يريدون مرشحاً قوياً متحرراً من الضغوط والتأثيرات الخارجية لكي يبعد العراق عن حروب الوكالة التي يدفع ثمنها شعبنا الكريم».

ودعا نائب رئيس كتلة تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي البرلمان إلى عقد جلسة استثنائية لمناقشة «الاعتداء والخرق الإيراني لسيادة العراق»، مطالبا الحكومة بالرد، كما فعلت مع الهجوم الأميركي.

ودان رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي الهجوم الإيراني على قاعدتي عين الأسد في غرب العراق، وأربيل في الشمال، معتبراً أنه انتهاك للسيادة العراقية مثل الانتهاكات الأميركية.

واعتبر التحالف أن «العراق ليس عدوا لأحد، ويطلب الصداقة والتعاون مع جميع دول العالم على قاعدة المصالح المشتركة»، رافضا أي «صراعات أو تصفية حسابات إقليمية دولية على حساب الدم والأرض والسيادة العراقية، وعلى الشعب والرئاسات الثلاث والقوى الوطنية حفظ وحدة واستقرار ومصالح البلاد.

بيان كردي

وفي أربيل، ناقشت رئاسات كردستان الثلاث الاستهداف الصاروخي الإيراني لعدة مناطق. وأكدت أن الإقليم لن يكون ميداناً للصراعات، كما دعت إلى الإسراع في السيطرة على الأوضاع الطارئة من خلال الحوار.

وعبّر رئيس كردستان مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان في الإقليم، عن قلقهم بشأن تصاعد التوتر. وقالوا في بيان «في ضوء الأحداث الأخيرة خاصة ما حدث هذا الصباح نؤكد أن الحل العسكري لن يحل المشكلات أبدا».

وأضاف البيان: «ندعم خفض التصعيد في الوضع، ويسعى إلى حوار وحل دبلوماسي للمشكلات. كما يسعى إلى الاستقرار والسلام، ويحث جميع الأطراف على الامتناع عن جرّ كردستان إلى الصراعات»، مشددا على أن قيادة كردستان تعتبر دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة الكردية والعراق ضروريا.

وفي بيان منفصل، قال رئيس مجلس الوزراء مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني: «لسنا مع زيادة التصعيد في العراق والمنطقة، لأن ذلك من شأنه أن يمهّد الأرضية لمضاعفة العنف ونشاطات المنظمات الإرهابية، ولاسيما داعش، حيث لا يزال الإقليم مستمرا في مساعدة التحالف الدولي لمقارعة الإرهاب»، مشددا على أنه «مع تهدئة الأوضاع في العراق والمنطقة، ونتمنى من الأطراف كافة احترام الدور المتوازن للإقليم».