الشيخ مبارك يطلب من الإنكليز مصادرة اللؤلؤ من «المشاري» في بومبي عام 1908م
الوثائق التاريخية ما زالت بالنسبة للباحثين والمؤرخين مصدراً مهماً للمعلومات، ومازال هناك الكثير من الوثائق التي لم تكتشف وتتضمن معلومات مهمة عن تاريخ أجدادنا وأهلنا. اليوم نستعرض وثيقة جميلة كتبها الشيخ مبارك الصباح ووجهها إلى المعتمد البريطاني في الكويت، وتتناول موضوع تاجر كويتي ذهب إلى سيلان لشراء اللؤلؤ، واقترض مبلغاً من المال من تاجر بحريني مقيم في بومبي، وفي طريق عودته إلى الكويت توفاه الله تعالى. ونظرا لأن التاجر الكويتي يعمل بالتعاون مع تجار آخرين ولهم حصص في تجارته، فقد بدأت بعد ذلك مطالبات باسترجاع هذه الحصص. يقول الشيخ مبارك شارحاً الموضوع للمعتمد البريطاني "ان عبدالرزاق بن سالم بن سلطان من احد رعايانا ويعامل في اللؤلؤ وياخذ بضايع من جماعة اهل الكويت وفي عام الماضي توجه الى سيلان وتعوض لؤلؤ وفي رجوعه الى بومبي بواسطة توقف سوق اللؤلؤ احتاج الى بعض دراهم وحسب القواعد الجارية بين التجار اهل اللؤلؤ يتقرضون من الذي يجعلون اللؤلؤ عنده اما لبيعه في السعي او امانة". وعبدالرزاق بن سالم بن سلطان من تجار الكويت المعروفين، ووالده سالم كذلك من التجار الذين ورد ذكرهم في عدد من الأحداث، منها سنة الهيلق عام 1871م. يقول الشيخ مبارك إن بن سلطان سلم اللؤلؤ الذي اشتراه من سيلان الى التاجر البحريني المقيم في بومبي محمد بن عبدالوهاب المشاري، واقترض منه مبلغ خمسة آلاف روبية وذهب إلى البصرة وتوفي فيها. بعد ذلك بدأ التجار المطالبة بأموالهم إلا أن التاجر المشاري طلب منهم تسديد المبلغ الذي أقرضه لبن سلطان قبل بيع اللؤلؤ الذي بيديه مما نتج عنه مشكلة كبيرة بينه وبين التجار الآخرين. يقول الشيخ مبارك "رأينا الموافق بيع اللؤلؤ الذي في الهند وتور قيمته على اهل الفلوس الذي فلوسهم في اللؤلؤ. ولاجل هذا مال ميت يحتاج ان يحظر مع محمد المشاري تاجر موثوق يكون بيع اللؤلؤ في اطلاعه وكلفنا الحاج مقبل الذكير". إذن فالموضوع تم تكليف التاجر البحريني المعروف مقبل الذكير به، حيث من المفترض أن يتم بيع اللؤلؤ وتوزيع قيمة البيع على المساهمين حسب نسبة كل واحد منهم، وأحد هؤلاء المساهمين هو الشيخ مبارك نفسه. لكن الأمور لم تسر في الطريق الذي كان يتمناه الشيخ مبارك لأن المشاري يريد قبض ماله قبل عملية بيع اللؤلؤ. تقول الوثيقة "والمذكور محمد (المشاري) جاوبنا انه ما يسلم اللؤلؤ الا يقبض طلبه فهذا خلاف المشروع والعادة الجارية بين التجار". لذلك كتب الشيخ مبارك هذه الرسالة، وطلب من المعتمد البريطاني التدخل في الأمر وإبلاغ السلطات البريطانية في الهند لمصادرة اللؤلؤ من المشاري وبيعه على وجه السرعة حتى يمكن توزيع الأموال على مستحقيها قبل انخفاض قيمة اللؤلؤ في الأسواق. "الآن محمد تمنع عن تسلوم اللؤلؤ وهو ساكن الهند نرجوكم تعرفون حكومة الهند تقبض اللؤلؤ منه وتجعله بنظرها بيد من تستحسنه لبيع اللؤلؤ وتبيعه حتى نور قيمة على الذي فلوسهم بهل اللؤلؤ ونخلص ذمة المتوفى وتأخيره بيد المشاري غير مشروع". في المقال المقبل نكمل موضوع اللؤلؤ ونستعرض الكيفية التي انتهى اليها الأمر.