«وافد طاف الإشارة»!
أول العمود: قدم الموسيقار سليمان الديكان عملا سيمفونياً– سينمائيا يحمل عنوان الفيلم السينمائي "العاصفة" أول فيلم كويتي، أعاد من خلاله توليد معانٍ جديدة لفيلم أُنتج عام ١٩٦٥، فكانت الموسيقى وسحرها. ***
يقيم في دولة الكويت ما يقارب الـ١٢٠ جنسية، فمن الدول العربية ٢٧٪ والآسيوية ٤٠٪ وتتوزع البقية على الأوروبية والأميركية والإفريقية، في حين تؤثر النسبة الأقل وهي (نحن ١٣٪) في باقي النسبة والعدد سلوكيا وحضارياً. في أي مجتمع، وأي دولة تجد أن الوافد عليها يتطبع بسلوك أهلها، ويراقب مدى تمسك أهلها بالقوانين، ومن خلال تجاربه الخاصة في صنع العلاقات الشخصية يستطيع أن يسلك هذا السلوك، ويمتنع عن ذاك من خلال التفاعل اليومي. هنا، في الكويت، وربما في أغلب الدول العربية نجد دائماً ذاك الاستغراب من مخالفة الوافد لبعض القرارات والقوانين، في مقابل غض النظر عن مخالفات المواطن أحيانا في التعدي ذاته. نحن نسمع هذه الجُملة باستمرار عن الوافدين من أن أحدهم خالف قاعدة مرورية فيقال: "حتى الوافد صار يخالف!" أو "إتصدق اليوم شفت وافد طاف الإشارة الحمرا"، وكأن هذه الجريمة مضاعفة على الوافد وعادية على المواطن.السلوكيات المشينة التي يرتكبها بعض الوافدين في البلد هي من رحم بيئتنا القانونية والاجتماعية والإدارية والثقافية، سَمِعنا كثيراً عن التزوير وشبكاته التي تضم وافدين وكويتيين، وقوانين المرور نحن الذين اخترقناها أولاً، فتجرأ الوافد على القيادة بطريقة بعض "أهل البلد"، وحتى الاستخفاف بالقوانين ومخالفتها يأتي من باب شيوع الواسطة في تمرير مخالفات أو إسقاط عقوبات! وهنا تتم عملية تَشَرُّب الوافد بطباع أهل البلد. نتذمر أحياناً من شيوع العبث بأدوية المراكز الصحية، أو مواد مراكز التموين الغذائية، لكنك في المقابل تجد أن بعض المواطنين هم قاطِرة لتلك المخالفات ومعينون عليها. لا أريد أن تكون رسالتي تبرئة أي وافد على أرض الكويت من التعدي على قوانينها، لكن هدفي أن أثبت أن سلوك من يفد إلى بلد ما يكون من روح ونمط حياة أهلها، وهذا ما يؤكد من جهة أخرى التزامنا بالقوانين في بلدان الغرب في مواسم السياحة أو الإقامة المؤقتة للعمل أو التعليم، لأن مخالفة القوانين مُعرَّفَة اجتماعياً هناك بأنها فعل مشين وعقوبتها غير قابلة للإسقاط بالواسطة. المختصر، أن الوافد الذي تعدى على الإشارة الحمراء حتما كان قد شاهد مواطنا اخترقها قبله بكل استهتار.