بعد 3 أيام من إنكار المسؤولية، عقب تحطم طائرة أوكرانية مدنية أقلعت من مطار الخميني، قدمت إيران اعتذاراتها لإسقاطها طائرة بوينغ 737 بـ«الخطأ»، لكنها أشارت إلى مسؤولية «نزعة المغامرة الأميركية» في هذه المأساة، التي جاءت بعد ساعات من توجيه طهران ضربة صاروخية لقاعدتين تستخدمهما القوات الأميركية في العراق، انتقاما لقتل واشنطن القائد البارز قاسم سليماني.وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده تشعر بأسف عميق لإسقاط الطائرة، معتبرا ذلك «مأساة كبرى وخطأ لا يغتفر»، وكتب عبر «تويتر»: «التحقيق الداخلي للقوات المسلحة خلص إلى أن صواريخ أطلقت للأسف عن طريق الخطأ أدت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية، وموت 176 شخصا بريئا»، موضحا أن «التحقيقات مستمرة لتحديد المسؤولين وإحالتهم إلى القضاء».
وقدم وزير الخارجية محمد جواد ظريف اعتذارات بلاده عن الكارثة بدون أن يعفي واشنطن من المسؤولية، وكتب عبر «تويتر»: «يوم حزين»، مضيفا أن «خطأ بشرياً في فترة الأزمة التي تسببت فيها نزعة المغامرة الأميركية أديا إلى الكارثة».ويلمح ظريف بذلك إلى التوتر الذي تلا مقتل سليماني بقرار من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقدم الوزير العزاء لـ»شعبنا ولأسر كل الضحايا وللدول المتضررة الأخرى».ووجه المرشد الأعلى علي خامنئي بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة التقصير الذي تسبب في الكارثة».
صاروخ قصير المدى
وصدر الاعتراف الأول عن القوات المسلحة الإيرانية التي تحدثت عن «خطأ بشري» تسبب في كارثة الطائرة، وقالت في بيان إن الطائرة بدت «هدفا معاديا، وأصيبت بطريقة غير مقصودة».وأضاف البيان: «في وضع أزمة ويتسم بالحساسية، أقلعت الرحلة الأوكرانية رقم 752 من طهران، وعند انعطاف الطائرة دخلت بطريقة خاطئة في دائرة هدف معاد، بعد أن اقتربت من مركز عسكري حساس تابع للحرس الثوري، بينما كان الجيش في تلك اللحظات في أعلى مستويات التأهب» تحسباً لرد أميركي.من جهته، أعلن قائد القوة الجوفضائية التابعة لـ»الحرس» العميد أمير علي زادة، تحمل وحدته «كل المسؤولية» عن الخطأ البشري الذي أسفر عن إسقاط «الطائرة المنكوبة» بعد إقلاعها بقليل.وقال زادة إن «موقع الدفاع الجوي الذي أصاب الطائرة حدد الطائرة بالخطأ على أنها صاروخ كروز، لذا أطلق صاروخا قصير المدى أصاب الطائرة التي اشتعلت النيران فيها ولم تنفجر، وحاول الطيار الدوران والعودة بها إلى المطار لكنها انفجرت بعد ارتطامها بالأرض». ووقعت الكارثة، التي أسفرت عن مقتل جميع ركاب الطائرة الـ176، ومعظمهم من الإيرانيين الكنديين، وبينهم أفغان وبريطانيون وسويديون وأوكرانيون، الأربعاء الماضي.من جانب آخر، فشلت تعازي المرشد الأعلى وروحاني في تهدئة الإيرانيين الغاضبين الذين عبّروا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم لإخفاء الحقيقة من جانب المؤسسة الحاكمة، في حين خرجت تظاهرات تطالب بـ «رحيل» «الحرس الثوري»، وتهاجم خامنئي على خلفية إسقاط الطائرة.أوكرانيا و«الشركة»
وفور الاعتراف الإيراني طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمعاقبة المذنبين، ودفع تعويضات من قبل الجمهورية الإسلامية.وعبر عن أمله في «استمرار التحقيق بلا تأخير متعمد وبلا عراقيل»، مؤكدا أن «خبراءنا الـ45 يجب أن يتمكنوا من الحصول» على كل عناصر التحقيق، بما فيها الصور ومقاطع الفيديو ومعلومات أخرى ضرورية لتحليل الآليات الجارية في طهران، وشدد على أنه «بناء على المعلومات التي تم جمعها لدينا ما يكفي من المعطيات لفهم أن التحقيق سيكون سريعا وموضوعيا».من جهتها، عبرت الشركة المالكة للطائرة، ومقرها كييف، عن رفضها لتلميح السلطات الإيرانية بأن الطائرة انحرفت باتجاه منطقة عسكرية محظورة، مؤكدة أنه كان يجدر بطهران إغلاق المطار لحماية أرواح الأبرياء.وقالت الشركة، في مؤتمر أمس، إنها تتابع التحقيقات والمفاوضات للحصول على التعويضات للضحايا.محاسبة كندية
وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن حكومته تريد تحقيقا كاملا وتعاونا تاما من السلطات الإيرانية بعد اعترافها بالخطأ.وقال ترودو، في بيان، إن بلاده ما زالت تركز على «المحاسبة والشفافية والعدالة لأسر الضحايا وذويهم. هذه مأساة وطنية وكل الكنديين يشعرون بالفجيعة»، متابعا: «سنواصل العمل مع شركائنا حول العالم لضمان إجراء تحقيق كامل ومستفيض في حادث الطائرة، والحكومة الكندية تتوقع تعاونا تاما من السلطات الإيرانية».في السياق، أعلن وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني أن عدد الضحايا الكنديين يبلغ 57 قتيلا وليس 63 كما ورد سابقا.على صعيد قريب، أعلن تنظيم داعش ترحيبه بمقتل سليماني في غارة أميركية ببغداد، بينما حذر وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس من احتمال حدوث تصعيد جديد في النزاع بين الولايات المتحدة وإيران.