«الاستئناف»: عقود التسهيلات المصرفية لا تصلح سنداً لمطالبة البنوك
إذا دخلت المبالغ في الحسابات الجارية
في حكم قضائي بارز أيدت الدائرة التجارية في محكمة الاستئناف برئاسة المستشار بدر الوزان حكم محكمة أول درجة الذي رفض الاستناد إلى عقود التسهيلات المصرفية التي أبرمها أحد البنوك مع إحدى المجموعات التجارية، لأن المبالغ التي حولها البنك نتيجة لعقد التسهيلات المصرفية دخلت الحسابات الجارية للمجموعة التجارية وأن الأخيرة قامت بدفع جزء من تلك الأموال لمصلحة البنك، ونتيجة لذلك التداخل فلا يصلح الاستناد إلى عقد التسهيلات المصرفية كسند للمطالبة.وقالت «الاستئناف» في حيثيات حكمها، والذي سيدفع العديد من البنوك التي فتحت عقود تسهيلات مصرفية للعديد من العملاء وترغب في التنفيذ بموجبها كسند تنفيذي في حال النزاع إلى إعادة النظر فيها، إن الثابت من الأوراق أن البنك المستأنف منح الشركات المستأنف عليها الأربع تسهيلات مصرفية متنوعة وأودعت بحسابها الجاري لدى البنك، والذي جرت عليه مدفوعات متبادلة ومتداخلة بين البنك والشركة، ومن ثم فقدت تلك التسهيلات المصرفية صفتها الخاصة وكيانها الذاتي وأصبحت مفردا من مفردات الحساب الجاري، والتي امتزجت ببعضها، ونشأ عن هذا المزج دين واحد وهو دين الرصيد الذي يتحدد عنه غلق الحساب، وتستقر حقيقته بين الطرفين ويمكن المطالبة به قضاء، استناداً الى عقد الحساب الجاري وما آلت اليه تصفية المدفوعات المتبادلة من تحديد مقدار دين الرصيد والطرف المدين به، وأنه لا يجوز الاستناد الى عقد التسهيلات المصرفية كسند تنفيذي للمطالبة بالدين، ذلك ان الدين الثابت به قد انتقل الى الحساب الجاري وأصبح من مفرداته التي امتزجت ببعضها وتولد عنها دين جديد يتحدد مقداره عند قفل الحساب وتصفيته، والقول بغير ذلك من شأنه تعدد الدين، وتكون المطالبة بأحدهما مستندا لعقد التسهيلات المصرفية، والمطالبة بالآخر مستندا لكشف الحساب الجاري، وهو ما تأباه العدالة.
ولفتت إلى أنه لما كان كشف الحساب الجاري لا يصلح بمفرده للتنفيذ الجبري، اذ انه ليس من بين السندات التنفيذية المحددة بالمادة 190 من قانون المرافعات، فتكون المطالبة بما ترصد فيه من مديونية بإقامة دعوى مبتدأة يتناضل فيها الخصوم امام المحكمة، فضلا عن ذلك فإن استناد البنك إلى نص المادة 204/3 من قانون المرافعات في غير محله، إذ إن تلك المادة تستلزم ان يكون السند التنفيذي عقدا رسميا بفتح اعتماد، وأوجبت ان يعلن معه مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وهو نص خاص بحالة معينة لا تنطبق على كشف الحساب الجاري، ولا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه.وختمت المحكمة حكمها بأنه لما كان ما تقدم، وكان انقضاء الدين الثابت بعقد التسهيلات المصرفية بدخوله الحساب الجاري من شأنه انقضاء الكفالة الشخصية التضامنية الواردة عليه، ولم يقدم البنك المستأنف ما يدل على رضاء المستأنف ضدهم الثلاث الأُوَل بانتقال كفالتهم الشخصية التضامنية للدين الجديد الذي يسفر عنه الحساب الجاري وقت إقفاله، فيكون ما انتهى اليه الحكم المستأنف- مؤيداً لهذا النظر- قد صادف صحيح القانون، ويكون النعي عليه بما سلف في غير محله وترفضه المحكمة.