حققت مسرحية "الصبخة"، لفرقة مسرح الخليج العربي، والتي تمثل الكويت بمهرجان المسرح العربي بدورته الـ12 في الأردن، ردود أفعال واسعة عند عرضها أمس الأول أمام حضور كبير تابع العمل، وأثنى على فكرته وأداء أبطاله.

وجاء اختيار "الصبخة" لتمثل الكويت في هذا المحفل المهم، بعد النجاح الكبير الذي حققته في مهرجان الخليج المسرحي، الذي أقيم في الإمارات، حيث حصد العمل 6 جوائز مختلفة، كأفضل إخراج لعبدالله العابر، وأفضل ممثل دور أول، ودور ثان، وممثلة دور ثان، وهم الفنانون: عبدالعزيز بهبهاني وعلي الحسيني ويوسف البغلي وكفاح الرجيب، وأيضا محمد الربيعان، الذي حصد جائزة أفضل ديكور، وتم التنافس على جوائز أخرى.

Ad

الموروث الشعبي

"الصبخة" من الأعمال التراثية التي كتب نصها ويخرجها د. عبدالله العابر، المعروف عنه تميزه في هذه المنطقة، حيث سبق أن قدَّم تجارب مهمة. وتحمل المسرحية عبق الماضي والموروث الشعبي، وتدور أحداثها من خلال قضية اجتماعية مهمة، وهي الحب الذي واجه الرفض المجتمعي والانغلاق والتعنت، خصوصا إذا اصطدم بسُلطة ذكورية تتمثل في الأب أو الزوج، ما ينتج عنه أمراض مجتمعية تؤثر في التكوين النفسي للأبناء، بل تنتقل من جيل إلى آخر، فضلا عن مجموعة من القضايا التي طرحها المؤلف بعمق.

ويشارك في تجسيد أدوار المسرحية سماح وعلي الحسيني وعبدالعزيز بهبهاني ويوسف البغلي وكفاح الرجيب ومنال الجارالله وغيرهم.

علاقات مشوَّهة

وجسَّد العابر في "الصبخة" المجتمع الذكوري، بتعقيداته، والمعاناة التي يخلفها على شكل علاقات اجتماعية مشوَّهة لا أحد يريد الاعتراف بها، وتتناقلها الأجيال من خلال مأساة رب أسرة (فهد)، الذي يحمل وزر قتل شقيقته ودفنها بالتآمر مع والده، دفاعا عن الشرف.

وعندما يصبح "فهد" رب أسرة يعيش مأساة بنيته الفكرية المشوَّهة باحكام الضغط على ابنه وابنته، وعزلهما، وتقييد حريتهما، ليدفع الثمن غاليا، بأن ينال ابنه المضطرب نفسيا من شقيقته.

الواقع المُر

واختار المؤلف والمخرج اسم المسرحية (الصبخة)، للدلالة على الواقع المُر الخالي من الحياة الذي يعيشه شخوص المسرحية.

جملة واحدة كانت بمنزلة مفتاح لفهم العمل وتفسيره، وهي التي جاءت على لسان "فهد"، بطل العمل، عندما قال مواجها زوجته مريم: "الولد ولد أبوه، والبنت بنت أمها"، تلك النظرة القاصرة لأب يعتز بابنه ويقسو على ابنته، وينظر إليها على أنها خطيئة، بل ينسبها إلى أمها.

وتتكشف فيما بعد أسباب هذا التحول الكبير في شخصية فهد، الذي كان محباً لزوجته في شبابه، ومن ثم تحوَّل إلى رجل قاسٍ حتى على أقرب الناس إليه، وهي ابنته. فهد الذي يعتبر ابنه عكازه الذي سيستند إليه يعود إلى منزله بمعيَّة زوجته يوما، ليجد أن ابنه منصور نال من شقيقته، وهنا تتجلى الحقيقة "دَيْن عليَّ وسددته"، هكذا قال فهد، الذي يسقط أرضا ويبكي جُرمه الذي اقترفه قبل سنوات، عندما اعتدى أيضا على شقيقته، وقتلها خوفاً من الفضيحة، وادَّعى عليها كذبا أنها كانت بمعيَّة أحد الأشخاص، ليدفنها بالتواطؤ مع والده، وهنا تتضح خلفية هذا الرجل المضطرب نفسيا، وما اقترفه في شبابه، وانعكس على أبنائه.

على قيد الحياة

وتتواصل فعاليات المهرجان، الذي انطلق أمس الأول، ويستمر حتى 16 الجاري، بعرض 15 عملا مسرحيا من ثماني دول عربية تشارك في هذه الدورة، التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح، بمشاركة الكويت والأردن والإمارات والمغرب وسورية وتونس ومصر والجزائر.

وتشارك الكويت أيضا في هذا المهرجان بمسرحية "على قيد الحياة"، لمؤلفتها تغريد الداود، وإخراج يوسف البغلي.