تسريب الاختبارات... وبعدين؟
نطالب وزارة التربية ببحث ظاهرة تسريب الاختبارات من داخلها، وإيجاد حلول ناجعة وخطوات حاسمة للقضاء على هذا الأمر السيئ، ويمكن ذلك بقليل من الترتيب والاختلاف اليسير في بعض نماذج الاختبارات، وكذلك باستخدام التقنيات الحديثة في نقل وتداول المستندات، وما أكثرها!
كشفت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عن فضيحة تربوية مشينة تتعلق بتسريب نماذج اختبارات الصف الثاني عشر التي تجرى حالياً، وانتشرت صور لإجابات نموذجية في أكثر من مادة من القسمين العلمي والأدبي، وهو أمر يستدعي من وزارة التربية الوقوف عليه وحله بشكل جذري.من المؤسف أن يخون الأمانة بعض المتسللين والمرتزقة في الجسد التربوي، وفي حين ينتظر الناس من وزارة التربية أن تقوم برسالتها في توجيه النشء نحو الفضيلة والمواطنة الصالحة والإخلاص للمجتمع نتفاجأ بأن ممارسات بعض المنتسبين إليها تسير في اتجاه معاكس نحو تخريج أجيال غشاشة ومتحايلة.يبدو أن وزارة التربية عاجزة عن مواجهة هذا الاختراق القبيح لإجراءات توزيع الاختبارات على المدارس، كما أن الحلول التي تنفذها الوزارة حلول تقليدية عفا عليها الزمن، فقبل سنتين في ديسمبر ٢٠١٧ أعلنت وزارة التربية أنها استأجرت ٢٠ هاف لوري لنقل الامتحانات من المناطق التعليمية إلى المدارس، الحقيقة أن خبراً مثل هذا يمكن قبوله قبل ٥٠ أو ٦٠ عاماً، لكن في ظل التطور الرهيب للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في العالم فإن خبراً مثل هذا يدعونا إلى الخجل والحسرة، فهذه الحلول البائدة تنطلق من المدرسة الإدارية المتخلفة نفسها التي تسيطر على المواقع القيادية في الدولة، وترفع شعار «الكويت غير»، والحقيقة أن هذا الشعار المستورد من خطابات التملق للمسؤولين وسوالف قعدات شاي الضحى، وبرامج تلفزيون الكويت التائهة، لا علاقة له مطلقاً بالتغيير ولا التطور ولا التنمية.
في مقابل هذا التخلف الإداري العميق في بعض قطاعات وزارة التربية نجد في المقابل مجهوداً جباراً يبذله بعض الغشاشين في استخدام وسائل متطورة للغش، مثل السماعات المخفية، والأجهزة الدقيقة، والتواصل عن بعد، وهي ظاهرة خطيرة فعلاً على مستوى التعليم ومستقبله، وأنا ههنا أطالب الأسر وأولياء الأمور أن ينبهوا أبناءهم إلى «حقارة» الغش و«وضاعة الغشاشين»، وأن الغش خيانة للوطن والمجتمع، كما عليهم أن يبينوا للأبناء حرمة الغش على حياة المسلم ورزقه وماله الذي سيجنيه من ورائه، وأن الغش مدعاة للظلم وتحريف الحقيقة عندما يأخذ الطالب الغشاش علامات لا يستحقها، ويتجاوز دور الطلاب الصادقين والمجتهدين ومكانتهم، فمن كانت هذه بدايته في مقتبل عمره بالغش والتزوير والتحايل وسرقة مكان غيره فكيف ستكون مسيرته الوظيفية والاجتماعية ونهايته؟ نطالب وزارة التربية ببحث ظاهرة تسريب الاختبارات من داخلها، وإيجاد حلول ناجعة وخطوات حاسمة للقضاء على هذا الأمر السيئ، ويمكن ذلك بقليل من الترتيب والاختلاف اليسير في بعض نماذج الاختبارات، وكذلك باستخدام التقنيات الحديثة في نقل وتداول المستندات، وما أكثرها، وأما سالفة هاف لوري مغلق من كل الاتجاهات وصناديق سوق الصفافير والقفل أبومفتاحين فهذه خلوها لأيام مسلسل «درب الزلق» و«الأقدار»، لا عصر الإنترنت والـ«بي دي إف» و«الواتساب» والسحابة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، وخلف الله علينا. والله الموفق.