عنون الصديق محمد السنعوسي كتابه، الذي ألّفه عن السيد فهد المعجل بعنوانٍ استوقفني، وهو: "رجلٌ من الزمن الجميل"، وقبل أن أدخل فيما احتوى عليه الكتاب من فصول، أقف قليلاً أمام العنوان وأطرح سؤالاً: كيف يصبح الزمن جميلاً؟... فلابد أن يكون هناك من يُجمله، ليكتسب صبغة ذلك الجمال، وقد تعمّد المؤلف أن يخلع على بطل كتابه العديد من الصفات والسجايا الجميلة لينسبه إلى عصرٍ بأكمله فأسماه "الزمن الجميل"، وكان يقصد أن المعجل واحد من منظومة جمالية كانت سائدة في وقت من الأوقات... إذاً الزمن، بحد ذاته، ما هو إلا مساحة من الوقت سادت في فترة معينة اتسمت بالجمال، وبمعنى آخر أن الجمال الذي يقصده السنعوسي صنعته نماذج إنسانية أضفت صفة الجمال على عصرها، وهنا علينا أن نتأكد من مصداقية حقيقة ما كان سائداً في ذلك الزمن، لنكتشف أين مواطن الجمال الذي أشار إليه الكتاب؟... فلابد من البحث إذاً عن تلك النماذج التي منحت عصرها ما جعله زمناً جميلاً.***
• وبينما كنت أقف أمام الأحداث خلال العصور التي جاء عليها الكتاب وجدتني ألتقي بأناس سأذكر لكم نماذج من أسمائهم، لتكتشفوا أننا لم نعطهم حقهم، وكم نحن مقصرون بعدم توثيق معطياتهم، التي جعلت عصرهم من أجمل عصور الكويت، لأنهم وضعوا أسس ما حظي به وطنهم من السير في معارج الرقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.• ويكفي أن أذكر عبداللطيف النصف، وجاسم الصقر، وعبدالعزيز حسين، وعبدالرحمن العتيقي، وأحمد العدواني، وسامي المنيس، وحمد الجوعان، وأحمد البشر، وحمد الرجيب، والعشرات، بل المئات من هذه العقول التي منحت زمنها هوية الجمال، الذي ستبقى الكويت تفخر به طوال تاريخها.• وإذا كان السنعوسي، وهو في هذه المرحلة المتقدمة من العمر، أمضى عدة سنوات يبحث وينقب عن تاريخ فهد المعجل، ليصدر عنه هذا الكتاب، الذي اشتمل على تغطية كاملة لمراحل حياته، وهي ثرية بالكثير من المعطيات الموثقة بالصور الفوتوغرافية، والوثائق الرسمية والمخطوطات النادرة، فمن الحري بمن يهمهم التوثيق لرجالات الزمن الجميل، الاهتمام بنفس الجدية التي ظهر بها كتاب "رجل من الزمن الجميل"، أقول بنفس الجدية، لأنه ظهرت كتابات عن بعض الشخصيات لم يُبذل فيها الجهد الذي بذلته دار سعاد الصباح، عندما أرخت لإبراهيم العريض –أديب البحرين الكبير– وغيره من شخصيات الأزمنة الجميلة، ولعل مشروعاً كهذا يجب أن يناط بمن قطعوا شوطاً كبيراً في العمل على توثيق تاريخ الكويت أمثال الدكتور عبدالله الغنيم، أو أن تقوم به المؤسسات الثقافية، أو رابطة الأدباء، أو من لديهم اهتمامات كالمكتبة الوطنية، وليت هذا المشروع يحتفظ بنفس العنوان "رجل من الزمن الجميل"، ويُطبع على شكل سلسلة موحدة لتشكل موسوعة تاريخية تضم كل من كانت لهم بصمات جعلت وطن النهار يتميز ويزهو بين دول العالم.
أخر كلام
الذين يُجملون زمانهم!
14-01-2020