عاد الهدوء إلى شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، وجميع المناطق التي شهدت توترا، غداة تمرد لوحدات عسكرية تابعة لهيئة العمليات (جهاز المخابرات العامة).وقتل خمسة أشخاص بينهم جنديان خلال تصدي الجيش لحركة التمرد التي نفذها عناصر من جهاز المخابرات العامة ضد خطة لإعادة هيكلة الجهاز.
وذكر أطباء قريبون من الحركة الاحتجاجية، أن ثلاثة مدنيين، جميعهم من عائلة واحدة، قتلوا بالرصاص قرب قاعدة لجهاز المخابرات في جنوب الخرطوم. وأفادت تقارير محلية باعتقال نحو 50 من عناصر الجهاز. وقال رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبدالفتاح البرهان في مؤتمر صحافي أمس، إن «الجيش تمكن من القضاء على التمرد بأقل الخسائر»، مؤكداً أن جميع مباني المخابرات باتت تحت السيطرة.وإذ أكد أنه «لن نسمح بحدوث انقلاب على الشرعية الثورية»، أوضح البرهان أن حركة الملاحة الجوية في مطار الخرطوم عادت إلى طبيعتها، بعد أن توقفت ساعات إثر الاشتباكات التي سقط بعض رصاصها في مدرج المطار وأدت الى إغلاق المجال الجوي احترازياً. وجدد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ثقته بالجيش السوداني في حفظ الأمن، بينما أكد الفريق أول محمد عثمان الحسين، رئيس أركان الجيش السوداني أن «أمن وحماية الشعب السوداني في سلم أولويات الجيش»، مضيفا أن «ما حصل من أحداث يعتبر تمردا على السلطة».وكان النائب العام السوداني تاج السر علي الحبر، وصف ما حدث من منسوبي هيئة العمليات جريمة تمرد بكامل أركانها، قائلا: «يجب تقديم مرتكبي الجريمة إلى محاكمات عاجلة». وأوضح الحبر أن «الأمن وسيادة القانون هما الأساس للاستقرار»، ملوحا بالمادة 56 التي تنص على عقوبة الإعدام والمؤبد.ووقعت الأحداث في مقرين لجهاز المخابرات بحي كافوري في مدينة بحري شمال الخرطوم، وفي حي الرياض وسط الخرطوم، إلى جانب مقرات هيئة العمليات في سوبا جنوب شرقي العاصمة ومدينة الأبيض غرب السودان. وأبلغ مصدر حكومي «رويترز» أن الموظفين السابقين في المخابرات وجهاز الأمن أغلقوا حقلي نفط في دارفور بسبب احتجاجهم على مكافآت نهاية الخدمة. وينتج الحقلان نحو خمسة آلاف برميل من النفط يوميا. وكانت إعادة هيكلة المخابرات التي كانت يوما مرهوبة الجانب وواجهت اتهامات بقمع المعارضة أثناء حكم البشير، أحد المطالب الرئيسية للانتفاضة التي أدت إلى رحيله.واتهم نائب رئيس مجلس السيادة قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ولقبه «حميدتي» رئيس جهاز الأمن السابق، صلاح عبدالله (قوش)، بأنه وراء حادثة التمرد التي أقلقت العاصمة السودانية.وتنحّى قوش، الشخصية البارزة في النظام السابق، من منصبه بعد أيام من الإطاحة بالبشير. ولا يُعلَم مكان وجوده.وفي واشنطن، أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل أمس الأول، دعم الولايات المتحدة «الثابت» للتحول الديمقراطي في السودان»، مشيدا بجهود الحكومة الانتقالية الرامية الى «تعزيز السلام والازدهار وحقوق الإنسان».وذكرت وزارة الخارجية الاميركية في بيان، أن ذلك جاء خلال اجتماع عقده هيل مع وزيرة الخارجية السودانية أسماء عبدالله في واشنطن، حيث أكد «أهمية استكمال تشكيل الحكومة الانتقالية من خلال إنشاء المجلس التشريعي الانتقالي».وأضاف أنهما ناقشا كذلك «التقدم المحرز في محادثات السلام بين حكومة السودان وجماعات المعارضة المسلحة، اضافة الى الحاجة لمواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المحلية».وذكر البيان أن الوزيرة السودانية والمسؤول الأميركي أكدا «حاجة السودان إلى تلبية جميع المعايير السياسية والقانونية ذات الصلة» لحذف السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب.وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مطلع الشهر الماضي، أن بلاده والسودان ستقومان بتبادل السفراء بعد انقطاع استمر نحو ربع قرن.وكشف في تسجيل مصور نشرته وكالة الأنباء السودانية على "يوتيوب" تفاصيل جديدة عن التمرد. وجاء في الفيديو أن "مجموعة مسلحة من هيئة العمليات دخلت منطقة حقول حديد وسفيان غرب منطقة الفولة، وسيطرت على منطقة تجميع النفط الخام بالمجمع، وبعد ساعتين أجبرت المهندسين على قطع التيار الكهربائي"، وشدد على أن إنتاج الخام من النفط لم يتأثر.وأضاف الفيديو أن "توقيت التمرد كشف التنسيق العالي بينهم وبين المتمردين الآخرين في مدينة الأبيض والخرطوم".
دوليات
السودان يسحق تمرد المخابرات... و5 قتلى
16-01-2020