«وين المردود؟»
مشكلة العجز المالي لن تعالج بتقليص النفقات بكل تأكيد، ولن تعالج أيضا بالاستدانة أو استنزاف الاحتياطي، بل بكل بساطة من خلال خلق موارد جديدة والصرف عليها لتحقق لنا عوائد وفرصاً وظيفية وأبواباً عملية وإبداعية مختلفة.
![علي محمود خاجه](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1587579369153174500/1587579386000/1280x960.jpg)
بعد سبعين عاماً وأكثر من إنتاج وتصدير البترول نتحدث عن إيرادات بترولية تلبي احتياجات رواتبنا فقط، أما إيراداتنا غير النفطية فهي لا تتجاوز ملياري دينار، على الرغم من السنوات الطويلة من الفوائض المالية التي لم نستخدمها في خلق بدائل فعلية ومعقولة ومجدية تسد احتياجات رواتبنا بعيدا عن النفط.ولكي نطرحها بشكل أبسط، بأننا نملك بستاناً ضخماً نبيع من خيراته، ويعود علينا بمبالغ طائلة وكبيرة لا نحتاج سوى الجزء اليسير منها لسد احتياجاتنا من مأكل ومشرب ومسكن ورفاهية، أما الفائض فلا نحتاجه، وبدلا من أن نسعى إلى اقتناء بساتين أخرى تدر علينا أرباحاً أكثر، وبدلا من أن نستغل الأموال في استثمارات أخرى، فإننا نهدر هذه المبالغ في أمور غير مجدية كتعيين 20 شخصاً لاختيار اسم للبستان، أو لصبغ سور البستان وغيرها من شكليات وصرف غير ذي جدوى أو فائدة تذكر.نعم هناك أساسيات استثمرنا فيها العوائد النفطية والإيرادات في السابق، لكن من غير المقبول أو المعقول أن نأتي بعد أعوام طويلة من الثروات والفوائض المالية لنصل إلى مرحلة ألا تكفي عوائدنا المالية الضخمة لسد باب واحد فقط، وهو باب الرواتب دون غيره، بل أن ندخل في مرحلة عجز يقدر بـ9 مليارات دولار، ونحن بلد بتعداد سكاني قليل جداً ومساحات مأهولة محدودة.إن المشكلة لن تعالج بتقليص النفقات بكل تأكيد، ولن تعالج أيضا بالاستدانة أو استنزاف الاحتياطي، بل بكل بساطة من خلال خلق موارد جديدة والصرف عليها لتحقق لنا عوائد وفرصاً وظيفية وأبواباً عملية وإبداعية مختلفة، وأنا هنا لا أتحدث عن استثمار أو أسهم بقدر حديثي عن صناعات فعلية تفيد البشر والوطن في آن واحد، كالصناعات الرقمية أو الإعلامية والثقافية، وهي مجالات ثبت فيها تفوق الكويتيين رغم سوء الظروف، فإذا ما توافرت الظروف فإننا أمام صناعات واعدة ذات مردود عالٍ بدلا من هذا التذمر الدائم الذي لن يغير من العجز أي شيء.