هذا الميدان... يا النواب!
فزع الكويتيون، وفُوجئ النواب، وأيَّد بعض الاقتصاديين البيانات الخطيرة التي أدلت بها وزيرة المالية مريم العقيل الأسبوع الماضي عن ميزانية الكويت في العام المالي المقبل، والتي تعاني- وفق تقديراتهم- عجزاً مالياً تاريخياً يبلغ 9.2 مليارات دينار، أي ما يزيد على 30 مليار دولار.البعض فرحوا وتضامنوا مع الحكومة، وقالوا إن رواتب الكويتيين وتموينهم "مثقل" على الميزانية، ويجب مراجعتهما. النائب عدنان عبدالصمد وربعه "خنت حيلي" فوجئوا ورفضوا بيانات الوزيرة العقيل، ورفضوا المساس بـ"جيب المواطن"، فيما د. حمد المناور، الذي شغل منصباً رفيعاً في جهة اقتصادية حكومية، قال: "بيانات الميزانية غير صادقة، والحقيقة أن هناك فائضاً، وليس عجزاً"، فيما وزير المالية الأسبق بدر الحميضي خرج علينا بأن مقياس "الشبع" ناقص عند الكويتيين، في حين طالب زميله سامي النصف بوقف "نهر الحب" الحكومي، عفواً نهر المنح الشعبوية.
طبعاً هذا النقاش متكرر منذ سنوات، والكويتيون لا يقبضون حلولاً، والنواب المستاؤون من بيانات الحكومة يقرون الميزانية في نهاية السنة، ويذهبون لمنتجعاتهم الصيفية دون أي فعل، فيما الحلول متوافرة في قوانين هم بالتعاون مع الحكومة قبروها في اللجان، وإذا نُبه النواب عن تلك القوانين فسيضربون كفاً بكف، ويصمون آذانهم، فهناك 14.2 مليار دولار تخرج من البلد سنوياً تحويلات خارجية دون رسوم، فبالله عليكم هل هذا يجوز؟! ولا تتعذروا بالدستور أو ملاحظات البنك المركزي- التي يرى البعض أنها غير مجدية- ضد هذا القانون.وبالنسبة للقطاع الخاص، فهو حتى الآن لم يتحمَّل أي مسؤوليات وطنية تتناسب مع مكتسباته، ويجب تعديل قوانين العمل، لتسدد أي منشأة خاصة توظف أجنبياً يتوافر تخصصه بين الكويتيين المسجلين للعمل رسوماً توازي راتب الكويتي لمدة 6 شهور على الأقل.أما فيما يخص أملاك الدولة، فيجب التوقف عن تسعير المتر المربع، وأن تحصل الدولة على 30 في المئة على الأقل من كل عين مؤجرة، وفقاً للعقد المبرم بين المستثمر والمؤجر، كما يحدث في الجمعيات التعاونية، وهناك أيضاً الضريبة التصاعدية على أرباح الأعمال التجارية والاحتكارات العقارية، إضافة إلى معالجة طريقة إعداد ميزانية الدولة، وتضمينها لجميع مداخيل البلد.طبعاً الميدان واسع أمام النواب ليواجهوا مشاكل البلد الاقتصادية، وتنويع الدخل، وتحقيق العدالة بين المواطنين، لكنني أشك في أن يتضامنوا ليفعلوا شيئاً ملموساً ضد هذا الوضع المالي، بسبب تداخل الخاص بالعام، وسطوة أهل النفوذ والمصالح على البرلمان، وسينسى الناس بعد فترة الموضوع، ويتوهون في المهاترات السياسية والصراعات المصلحية العبثية.